المشكلة بسيطة جداً، اننا نحب فكرة الاتحاد ونعيش قصة عشق الأمجاد والوحدة العربية الخاوية، ونتوقع منها المعجزات ولا نطيق الأشخاص القابعين في القائمة، خاصة القدامى منهم.
نحب المشتركة ولا نحب مكوناتها وتعاملهم مع بعض . ندعم القائمة ولكن ليس القائمين عليها، نقطة.

اعلم اني العب بالنار هنا، وأدرك تماماً أني قد أهاجم من قبل الأحزاب والنّخاب والمخاتير وذوو الشأن من الرجال والباع الطويل في السياسة والدبلوماسية .
ولكني مثل معظم من صوت في الانتخابات السابقة أعطيت صوتي لهذه المغامرة وأريد أن أدلو بدلوي ، كإمرأة ناشطة، غير متحزبة، نسوية ، مهنية اعمل مع بعض عناصر المشتركة في قضايا عديدة، و كمشاهدة تجلس على مدرج المجتمع العربي وتشاهد مسرحية " المشتركة في مهب الريح" ولا اعرف هل اضحك ام ابكي في هذا العرض اللامنطقي . فقررت ان اكتب كي لا تقتلني غصة في فؤادي.
فهمنا جميعاً أن القائمة المشتركة ولدت في ظروف غير اعتيادية بولادة قيصرية، أشرف عليها الدكتور ليبرمان بنفسه .
فهمنا أن الهجمة العنصرية والتحديات أمامنا كشعب عظيمة ولا تحتمل التفكك والتشرذم..
تعبنا من تحليل الماضي وخرجت من أنوفنا مصطلحات مركبة تصف واقعنا المأساوي كتبت بأقلام مفكرين ومحللين أجلاء.
لا يهمني حقاً الحساب السياسي الحزبي القديم بين أيمن عودة ومحمد بركة، ولا اريد ان اسمع اي شيء عن استطلاع الرأي الذي يرغب أن يرى احمد طيبي على رأس القائمة، كأنها سدة الحكم في دولة مستقلة .
سئمت من تصريحات جمال زحالقة المبهمة وتهديدات حنين زعبي الصارخة والحادة .
صدقوني اسامة سعدي لا حاجة له بشهادات الكفاءة والنجاح بالعمل البرلماني .عرفنا وعلمنا وشهدنا له ، ليس هذا موضع بحثنا الآن .
ولو كانت المهنيه والانجازات هي من تحددان من يمثلنا ومن لا، لما بقي في القائمة إلا نصفها ،
و خرجت قافلة من سبع سيارات لامعة وجديدة من القدس لتعيد كل عضو كنيست الى دياره.

وما حدث من باسل غطاس أوتحديداً ما صنعه باسل غطاس بيده للمشتركة قد يكون إنجازه الوحيد في هذه الدوره الانتخابيه، فمع إدخاله الهواتف الذكية بصورة غبية للسجن، ادخل كل القائمة المشتركة الى امتحان بلوغها سن الرشد بعد فترة الطفوله المشاكسة، فقد تدرب جسدها من خلال عملية ديزنجوف بتل ابيب، وهدم البيوت في قلنسوة، احداث ام الحيران وكفر قاسم، وتحرير الأقصى من البوابات الإلكترونية والكاميرات وغيرها من الأزمات والهجمات.
فضحت المِحنة الحالية حول لعبة التناوب من هو القائد الغيور فعلاً ومن يرغب بالتنازل من أجل المصلحة العامة، ومن يستغبينا ومن يحترم عقولنا.
صراخ منصور دهامشه في كل مجلس ومنبر ما هو إلا دليل ان هناك في الجبهة من يحملون دفتر الحاسبات ويعبثون بالأوراق لتحدي ايمن عودة وتصريحاته المتفهمة "لروح" اتفاقية التناوب كما يفهمها معظم الناس البسطاء والعقلاء. ويصر منصور أن الاتفاق حرفي، ومع استقالة ابو معروف تم وكمل دور الجبهة فيه، وكان الله بالسر عليم.
وكلما علا هذا الصوت سمعنا من الخلف أصداءاً من الماضي، مِن تلك السياسة المهترئة القديمة، التي عفا عليها الدهر وشرب.
انه الايجو سيداتي سادتي ، وليس المبادئ ما يحرك الرجال خلف الكواليس ، فلا يقنعني أحد مصلحة القائمة المشتركة وإبقائها على قيد الحياة هو ما يهمهم فعلاً .
هدا هو سبب صمت عايدة توما ويوسف جبارين ودوف حنين، هناك في مجالس الجبهة ومؤسساتها العليا، يطلب منهم الآن اتخاذ موقف قيادي داعم لرغبة الناس في تنفيذ الاتفاق وتحقيق المعادلة التي أقرتها لجنة الوفاق وقبلها الجميع، بحلوها ومرها.

نعم, افهم كل من ينادي بمعاقبة التجمع على التصرف الأرعن والعنجهية الماسة والمهينة للقائمة المشتركة في كل حدث ومناسبة. لم يوفرغطاس فرصة لإحراج المشتركة ومن يرأسها ووصل حتى حدود التخوين، بالإضافة لاتخاذ خطوات وتصريحات انفرادية على الدوام ، وكذلك فعلت حنين زعبي لتتحول ميجافون يكرر نفسه أمام كاميرا ويروج نفس البضائع المستهلكة، وكان زحالقة الصوت العاقل الرزين من التجمع، ولكنه للاسف ليس صوتاً قوياً بما يكفي .

دفع جميع من في القائمة المشتركة ثمن ما يحدث في التجمع الا الحزب نفسه، ووقفنا جميعاً شئنا ام ابينا ضد الملاحقات السياسية ومطاردة التجمع رغم كل شيئ، اننا كشعب فلسطيني في خندق واحد أمام هذه الدولة العنصرية وليس هناك متسع من الوقت لتصفية الحسابات لان الهجمة أكبر وأشرس منا جميعاً، ولأن معظمنا يتوافق مع رسالة التجمع المبدئية الايدلوجية، ولكننا واجهنا ممثلين لحزب ممتاز نظرياً ومتوسط الأداء برلمانياً ملاحق ومستهدف وعلينا تقع مسؤوليه الحفاظ عليه.
معظمنا نعي ونفهم كم هو صعب اليوم ونحن في منتصف الطريق ان نطالب كل الأحزاب بالتضحية والتنحي من أجل إعطاء التجمع نصف المقعد الرابع الذي يستحقه حسب الاتفاق.
هناك الحقائق والوقائع والمشاعر من جهة وهناك الالتزامات الأخلاقية والوفاء بالعهود من جهة أخرى.
هذا ما نراه نحن الجمهور ، ولا يهمنا أمر آخر. ومن لا تلائمه هذا المعادله فليترك الميدان نهائياً ويخرج من اللعبة، وعليه ألا يختفي بين بنود الاتفاقية والفواصل وعلامات التعجب.
رغم خلو لجنة الوفاق من النساء وحكمتهن، الا اني اثق بمنطق عقول أعضاء اللجنة اللجنة وصدق نواياها وموقفها.
انا واثقه ان أعضاء ونشطاء التجمع أنفسهم وداعميهم سوف يحاسبون قيادتهم في الوقت والمكان الملائم بعيدا عن اتفاق التناوب اليوم.
كما حاسب أهل الجبهة محمد بركة في الانتخابات التمهيدية الاخيرة وعاد لينتخب رئيسا للمتابعة وكبير الساسة العرب في البلاد.
ان الخبرة الطويلة التي يملكها احمد طيبي وحنكته السياسية قد تسعفه من خلال هذه الأزمة الآنية وقد ينجح في إبقاء السعدي في البرلمان، الأمر المستبعد طبعاً، لانه سوف يحرق كرت زميله ووريثه ومصداقيته تماماً ولن يجد نفسه شريكاً لأحد مستقبلاً.
قد يتنصّر على الجبهة في هذه المعركة ولكنه لن يدخل الحلبة لاحقاً الا تحت لقب أقدم وأدهى رجال السياسة العرب ولكن ليس قائدهم كما يحلم هو أن يكون .
ان تلكك العربية للتغير بحجة تباطؤ الجبهة في سحب مرشحها من القائمة هو بمثابة ساعة رملية ، تجتذب الأرض حباتها الواحدة تلو الأخرى ، وينتهي الوقت وستقلب الساعة من جديد بعد خروج العربية للتغير من اللعبة، وكما عهدنا احمد طيبي سينتظر لآخر لحظه ويقرر ، على امل ان يكون قراراً وطنياً واخلاقياً وليس حزبياً وسياسياً.
رغم المجازفة في ان تصبح الجبهة بخمسة او الاسلامية مع مقاعد فيما إذا لم تفي بكل الالتزام، فلا خيار اخر امام العربية للتغير،الا ان تبقى مع عضو كنيست واحد لنهاية المدة ، كما تقرر بالاتفاق ، وسمعة طيبة برلمانيا يحظى بها اسامة السعدي ، لعله يجد سبيله للقائمة مستقبلاً مع قدراته المهنية
. فمن الأفضل ان يبقى احمد طيبي وحيداً وصادقاً ومرشحاً للقيادة من ان يبقى مقعد إضافي بالحيلة والدهاء لفترة وجيزة.
من الجميل في كل ما يحدث ، ان اقل الأحزاب نشاطاً من الناحية البرلمانية ، واقلهم حراكاً ميدانياً هو الحركة الاسلامية حيث يكاد صوت مسعود غنايم وعبد الحكيم حاج يحيى وطلب ابو عرار يسمع، ولكن هذا الحزب يميل للوفاق ويدعو ويعلن استعداده للامتثال لأي قرار يؤخذ من قبل لجنة الوفاق. على الأقل هذا ما يعلن عنه ، وفِي مثل حالتنا هذا أفضل ما يصنعون للقائمة ، احيانا عدم اتخاذ موقف مخالف أو عدائي هو اجمل ما الحركة الإسلامية كحزب، لعل وعسى ممثلي هذه الحركة يتحركون من مقاعدهم في الانتخابات القادمة لنر التجديد وإعادة ترتيب الصفوف و ادخال دم جديد في عروقهم.

بالمجمل فأنا مثل الكثيرين ارغب ان تبقى القائمة المشتركة كمشروع وطني جمعي فاعل وناشط. ولكني ارى ان بعض من فيها ما زالو لا يدركون قواعد لعبة الشراكة الجديدة ، فتح الآفاق ، والبحث عن شراكات استراتيجية جديدة ، انهم لا ينتمون لروح هذا العصر الذي يعطي كل فرد الحق في الانتقاد والتعبير والتحليل والمشاركة ، فهناك ما زال بين ساستنا ديناصورات البيانات الرنانة ، المختبئين خلف "مصلحة شعبنا الأبي"، وصور عاطفية في مواجهات مع أفراد شرطة، فيما يكتب شعبنا على صفحات التواصل الاجتماعي حقيقة ما يفكر ويرى.
إن تعامل الشارع مع المشتركة وانتقادها والتهديد بالتخلي عنها مستقبلاً لا يدل على حرصنا عليها، بقدر ما يدل على خيبة أملنا من أعضائها ومن مواقفهم وتصرفاتهم وقيادتهم الملائمة لعهد مضى وولى ولا يتماشى مع توقعاتنا وآمالنا منها كمن يعطي مركبات متطورة لفريق فرسان شجعان حاربوا طويلا في ميدانٍ من زمنٍ آخر، فلا يفلحون اليوم بالقيادة, ولا تشق القافلة طريقها معهم لأي مكان .
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]