بعد أكثر من (16) عاما على استشهاده، يعود لؤي مسحل إلى الحياة بثلاثة أجساد مختلفة تحمل نفس الاسم، لتكرس العائلة قاعدة "الشهداء يعودون".

القصة كتبت تفاصيلها في قرية دير غسانة بمحافظة رام الله والبيرة، التي استشهد على أرضها عام 2001 لؤي سليم مسحل أحد أعضاء كتائب شهداء الأقصى الذي ارتقى عن عمر (25) عاما، عندما كان صائما خلال شهر رمضان، بعد أن حاصرته قوة احتلالية وصديقه وابن عمته الشهيد عايد عبود مسحل، ليرحل الصديقان عن الدنيا بعد أن دونا مسيرة من التحدي والنضال الأسطوري لينخرطا في انتفاضة شعبهما ضد الاحتلال ونصرة للمسجد الأقصى المبارك.

لؤي عوض 

الآن، وبعد مرور كل هذه السنوات، وبعد أن غاب جسد الشهيد، عاد لؤي ليضيء حياة عائلة مسحل من جديد، فها هو عوض (35) عاما شقيق الشهيد يرزق بمولوده الأول ليطلق عليه اسم( لؤي) تيمنا بشقيقه الذي رحل وهو كان يردد دوما بيت الشعر " الوحش يقتل ثائرا والأرض تنبت ألف ثائر".

يقول عوض وهو ناشط شبابي وأسير محرر وأستاذ في جامعة القدس المفتوحة إنه لم يفكر مرتين في تسميه ابنه البكر بـ(لؤي) تيمنا بشقيقه الراحل، مضيفا" بميلاد لؤي الصغير يصبح لدينا ثلاثة مواليد بكر بهذا الاسم، فشقيقي لورنس الأكبر ابنه البكر (لؤي)، وكذلك شقيق سليمان الذي أطلق على ابنه البكر نفس الاسم".

لؤي لورنس 

(أبو لؤي) الكنية التي أصبحت تلاحق لورنس وسليمان وعوض، ويقول لورنس (43) عاما " حينما تتجمع العائلة وينادي أحدهم لؤي أو أبو لؤي، فإن الأعين تتجه إلى ثلاثة أشخاص في نفس اللحظة، مشيرا إلى أنه رغم أن الأمر يعبر عن طرافة، غير أن يؤكد اعتزاز الأسرة وفخرها بهذا الاسم، وخاصة أن كثيرا من الأصدقاء كذلك أطلقوا اسم (لؤي) على مواليدهم، ما يؤكد أن الشهداء فعلا يغادرون جسدا لكن أرواحهم تظل تحلق في سماء حاضرنا ومستقبلنا، فهم يرسمون لنا معالم الطريق.

لؤي سليمان 

أما سليمان (41) عاما ويعمل موظفا حكوميا، يؤكد أن اسم لؤي لم يغب يوما عن تفاصيل حياة أفراد الأسرة، مذكرا أن الأسرة كلمت بفقدان شقيقه قبل أكثر من (16) عاما، لكنها في الوقت نفسه تفتخر أنها أنجبت ثلاثة أبناء كلهم يحملون اسم الشهيد الراحل.

يعيش عوض مسحل حاليا فرحة ميلاد ابنه البكر (لؤي) بعد أشهر قليله على رحيل والده، قائلا" كنت أتمنى ان يمد الله بعمر والدي كي يرى فلذة كبدي وهو يخرج إلى نور الحياة، لكن قدر الله وما شاء فعل، فهذه هي الحياة نودع فيها أحباء، ونستقبل آخرين، بعضهم يرحل لكنهم يظلون حاضرين في حياتنا، ومنهم والدي الذي غادر الدنيا بعد أن صبر على مشقات الحياة ومتاعبها، مقدما أحد أبنائه شهيدا، وصبر سنوات وسنوات على اعتقال أبنائه في سجون الاحتلال، ليكون الوالد القدوة الي لم يترك وراءه سوى سيرة عطرة، مرصعة بقصة فلاح ربى أبناء عاهدوا الله والوطن، فكانوا عند حسن ظن أبناء شعبهم بهم، ليجبلوا بحب الأرض وزيتونها".

الجدة 

وتقول الحاجة أم لورنس " لقد كانت أمنيتي بعد استشهاد ابني (لؤي) أن يخرج أبنائي الثلاثة من السجن، وأفرح بتزويجهم وتسمية أبنائهم باسم الشهيد لتقر عيني به".

يذكر أن لؤي لورنس مسحل يبلغ حاليا (10) أعوام، ولؤي سليمان مسحل (13) عاما، بينما يبلغ عمر لؤي عوض مسحل عدة أيام إذ ولد يوم 1 أيلول الحالي والذي صادف اليوم الأول لعيد الأضحى المبارك.

الآباء الثلاثة لا يأملون أن يحمل فقط أبناؤهم اسم شقيقهم الراحل، بل يرجون أن يكون نهجهم في الحياة حب الوطن والأرض كما الشهداء.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]