الحج شعيره من شعائر الإسلام وركن من الأركان التي فرضها الله على عباده المؤمنين ، ولطبيعة اركان الحج ومناسكه مثل الطواف بالكعبة والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمرات وغيرها من مناسك تبدو للوهلة الأولى لا معنى لها وانها مجرد أوامر وكفى دون مقاصد من الفهم والتدبر، بل وصل بكثير من علماء الشريعة الكف عن البحث في أسباب العبادة واعتبار هذا البحث نوع من العبث والشطط لان أوامر العبادة واركانها غير قابله للفهم والتفسير وانما فرضها الله على عباده ليتعبدهم وكفى بذلك، وهنالك قول للخليفة عمر الفاروق رضي الله عنه يخاطب الحجر الأسود ويقول والله اني اعلم انك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا ان رأيت رسول الله صلى الله عله وسلم قبلك ما قبلتك. وجعا ا من هذه المقولة دليل على عدم البحث عن الغاية من اركان العبادة، ومن الجانب الاخر ذهب علماء التاريخ والحضارة المادية باعتبار اركان الحج مناسك وثنيه من موروث الإباء والمجتمع تم اسلمتها لكسب وتأييد القبائل العربية.

في هذه السطور القليلة سأتناول مفهوم الطواف حول الكعبة وركن السعي بين الصفا والمروة ورمي الجمرات بدلائل علميه واجتماعيه ونفسيه ثبتت كحقائق وليس كنظريات.

ورد في القرآن ايه " سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53).

السين في سنريهم تفيد المستقبل ولم يقل سنريكم او نريهم، ماذا يعني ذلك، يعني احتمالان:

الأول: سنريهم للكافرين الذين لا يؤمنون ولا يعلمون ما في القران كيف انهم حين يتدبرون الحقائق العلمية التي أشار اليها القرآن سيثبت لهم انه الحق من ربه فيؤمن.

والاحتمال الثاني: ان الخطاب للمؤمنين الذين سيأتون في المستقبل حيث حين تأتي القوانين والحقائق العلمية التي أشار اليها القرآن ، وينظرون حقيقتها يزدادوا ايمانا ويتبين لهم انه الحق من ربهم .

اية " جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ۚ ذَٰلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " المائده (97)

والسؤال ماذا في السموات والأرض!!!!!!

اليوم نعلم علم اليقين وحقائق علميه تقول ان هنالك نجوم وكواكب ومجرات بالمليارات وان هذه المجرات تتألف من نجوم، ومن بين هذه المجرات درب التبانة التي تحتوي المجموعة الشمسية والتي تتألف من نجم الشمس وتمان كواكب تدور حول الشمس، ومنها كوكب الأرض الذي نعيش عليه، حيث ورد في القرآن " وهو الذي خلق الليل والنهار...." ايه ٣٣ سورة الانبياء.

والليل والنهار هما كنية عن الأرض لان حدوثه بسبب دوران الأرض حول نفسها ، اذا لولا دوران الأرض حول نفسها لما تعاقب الليل والنهار، ولقد أشار الله لذلك في سورة القصص

" قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ ۖ أَفَلَا تَسْمَعُونَ "﴿٧١﴾

" قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَدًا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ "(72)}.

هنا نعلم ان عدم دوران الأرض حول نفسها يكون نصف الأرض دائما نهار والحرارة قد تصل الى 150 درجه مئوية، والنصف الاخر سيكون دائما ظلام ودرجة حرارة الأرض تكون 150 درجه تحت الصفر، بمعنى اخر ان الحياة ستنعدم على الأرض.

لو اتينا واردنا تغيير اتجاه دوران الأرض أي بدل ان يكون من اليسار الى اليمين وجعلناه من اليمين الى اليسار ماذا سيجدث!!!!!

الامر الأول – شروق الشمس من مغربها، وهذا اخبرنا به الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم انه من علامات الساعة الكبرى , وذلك يعني ان النظام الكوني سينفرط وتكون نهاية الحياه او تبدا نهاية الحياه ,لأنها ستحدث زلازل وعواصف لا تمكن الحياة على هذا الكوكب وستتغير الأرض بمعالم وقوانين غير قابله للحياة عليها.

والسؤال الثاني لماذا لا تتفلت الكواكب من مكانها ومسارها حول الشمس؟

الجواب واضح – بسبب قانون الجاذبية الذي يصدر عن الشمس بسبب كبر حجم كتبتها حيث ان الشمس تستطيع استيعاب مليون ومئة الف ارض- فقوة الجاذبية تمسك الأرض في مكانها.

من الجهة الثانيه – لماذا لا تنجذب الأرض او الكواكب الى الشمس؟

الجواب: بسبب عملية الدوران حول الشمس حيث تتولد قوة الطرد المركزي وهكذا يحافظ كل كوكب على مساره ومداره فلا ينجذب الى الشمس فيحترق ولا يتفلت بعيدا فيتجمد.

واشار سبحانه وتعالى الى ذلك بقوله "فلا اقسم بمواقع النجوم " اي ان موقع النجم وقربه أو بعده عن هذا الكوكب أو ذاك بآية محكمة وقوانين محكمة وضعها الله سبحانه وتعالى هذا من الأسرار القليلة جدا في الفلك التي جعلها الله وهذا ما أشار الله اليه " ذلك لتعلموا ان الله يعلم ما في السموات والارض"

اي أن عملية الدوران والمجرات لها علاقه بحفظ السموات والارض حيث قال لنا " وهو الذي يمسك السموات والارض ان تزولا وان " فاطر
اي ان هذا الكون ممسوك بقوانين وقوه وضعها الله سبحانه وتعالى. واذا نزلنا من الفلك او من المجرة إلى الذرة نجد نفس الشيء ان الذرات عباره عن الكترونات تدور حول النواه. وهذا الدوران هو الذي يحافظ على شكل المادة وثباتها. ولو توقف الدوران لانفرط عقد المادة وانتهت الحياة.

كذلك الدورة الدموية في الكائنات الحيه . هذه الدورة الدموية التي تدور من اليسار الى اليمين (عكس عقارب الساعة) تقوم بعملية الحفظ على الحياه فلو توقف جريان الدم بالجسم لماتت الكائنات . ولو انعكس نظام دوران الدم لمات الكائن الحي ...اذا ماذا يقول الله سبحانه وتعالى لنا . يخاطبنا ان هذا الكون قائم على سر من اسرار القوانين التي لها علاقه بحركة الدوران في اتجاه معين اراده الله.

ولو تدبرنا ترتيب السور التي تبدأ في لفظ سبحان، لوجدنا:

اول سوره سورة الاسراء حيث بدأت ب : " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ

" ما معنى سبحان ! !!! اي ان الله سبحانه وتعالى منزه عظيم دون حاجه للمخلوقات فهو الغني، وله الكمال المطلق.

ثم تأتي سورة الحديد والتي تبدء " سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"

معنى ذلك ان الله بعد ان خلق السماوات والأرض وما فيها من خلق سبحت له , وكل مخلوق فيها سبح لله ولم يشذ عن القاعدة.

ثم سورة الجمعة " يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ " معنى ذلك ان هذه الكائنات منذ ان خلقها الله سبحت له وما زالت تسبح, لم تتوقف عن التسبيح والتمجيد بل هي في عملية تسبيح وتمجيد مستمرة.

النتيجة في آخر سورة الأعلى بأن سبّح , " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى " صيغة الامر التكليفي للإنسان , تقول له سبح اسم ربك الاعلى, اي يا ايها البشر , يا ايها المخلوق الضعيف ,الله خلقك بيده وبعلمه وبحكمته وقال لك ان الله منزه وان المخلوقات قبلك نزهته وسبحته فلا تكن شاذا عن هذه القاعدة فسبح باسم ربك الاعلى اي اشترك في عملية التسبيح والتمجيد وامتثل لأوامره التي امرك بها , الاوامر التكليفية والعبادات والتي من ضمنها عبادة الطواف حول الكعبة والحج, هذا الكون كله بيد الله خاضع له يسير بقوانينه التي اوجدها فلا تكن ايها النسان شاذا عن هذا النظام فسبح باسم ربك الاعلى وانتظم , ومن جملة هذا الانتظام الدوران حول الكعبة بعكس عقارب الساعة وكأنك تحاكي نظام الكون بحركته التي بدوامها يدوم النظام ولا يزول وهكذا ايها الانسان لا تزول قدمك يوم القيامة.

هذا ما يخص شعيرة الطواف حول الكعبة لننتقل لشعيرة القفا والمروة, سبعة اشواط , هذه الشعيرة سيرا على خطى هاجر عليها السلام , تلك الانثى التي تركت في واد غير ذي زرع, لماذا تحولت لعَلَم تقتدي به البشرية الى يوم القيامة, لمالها ام لجمالها ام لحسبها ونسبها! !!! لا بل لحقيقة ايمانها حينما سألت ابراهيم عليه السلام لمن تتركنا? ? قال الله, قالت اذا لن يضيعنا , نعم لن يضيعنا الله, هذه الكلمة العظيمة هي التي جعلت هذه الانثى بالإسلام, وليس كما علق بالأذهان ان الانثى عديمة القيمة وعوره ولا عقل لها, ومحاولة إلصاق هذه الصفات بناءا على نصوص دينيه وأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم دون الأخذ بالاعتبار أسباب وصياغة الحديث النبوي, مثل الحديث النبوي "خاب قوم ولّو امرأة عليهم" هدا الحديث صحيح ومناسبته هي : حينما بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم ان زوجة هرقل في فارس تولت الحكم ,فعلق الرسول بقوله "خاب قوم ولّو امرأة عليهم" المشكلة هذا الحديث يصف حدث معين ونهاية هذا الحدث ان حكم فارس سينتهي على يد هذه الامرأة وليس المقصود به ذم وايذاء المرأة ومنعها من تقلد الحكم, والدليل على ذلك كتاب الله الذي يهدي للتي هي أقوم, فأخبرنا عن ملكة سبأ, هذه الانثى حكمت قومها ولكنها ماذا جلبت لهم !!!!!

الفلاح في الدنيا والآخرة حينما تبيّن لها الحق على يد سليمان عليه السلام, وهذا موضوع آخر وكبير ولكني اردت ان المح اليه لأبيّن ان موضوع الانثى في الاسلام ضاعت حقيقته بسبب مفاهيم مغلوطه لها علاقه بالعادات والتقاليد من جهة , ومن جهة اخرى بتفسير نصوص واحاديث لا تأخذ بعين الاعتبار مقاصدها وزمنها وعلاقتها بالتشريع او الوصف الزمني لتتحول وكأنها عقيده ودين ولكن كيف تعامل معها الإسلام !! , يقول الله تعالى " وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا..."

هذا هو مطلق العدل والمساواة بين الذكر والانثى, هذه الانثى هي أم واخت وزوجه وحبيبه وشريكة.. هذه الانثى في الاسلام وليس مثلما يحاولون ان يطمسوها ويجعلوها مهشمه عديمة الفهم والفائدة.

هذه هاجر عليها السلام ورضيعها في واد غير ذي زرع، لا ماء ولا كلأ ولا شيء من مقومات الحياه المادية ولكن مع يقينها " لن يضيعنا الله" .
يعطش الرضيع تضعه في الوسط بين الصفا والمروة, ماذا تفعل !هل تجلس وتقول فوضت امري الى الله وكفى...!!!! لا , بل تأخذ بالأسباب بعد التوكل على الله , لسان حالها تأخذ بالأسباب كأنها كل شيء, وتتوكل على الله مسبب الاسباب مسببا لكل شيء, فان ضاقت بك الاسباب فاذهب الى المسبب, تصعد الى الصفا تبحث عن الماء ثم تعود الى رضيعها, هكذا سبعة اشواط ,ثم ينفجر الماء تحت ارجل رضيعها ,ماء زمزم ثمرة التوكل على الله, ثمرة "لن يضيعنا الله"

ما الذي نستقيده من هذه الحادثة!!!!

لو ان الحاج حين يذهب ليؤدي هذه الشعيرة ويستحضر في وعيه وقلبه وعقله ان الاسلام دين الله وان هذه الامه " وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا " الوسطية في كل شيء لا افراط ولا تفريط, نبنذ الغلو والتشدد والتعنت, ندعو الى الله على بصيرة بالحكمة والموعظة الحسنة, لا اكراه في الدين, من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر, هذا كتاب الله يهدي للتي هي أقوم . لا نبحث عن الحلول شرقا ولا غربا ولا شمالا ولا يمينا ,بل كتاب الله يهدي للتي هي أقوم, واخطر وابغض امر هو التشرذم الطائفي في الامه, هذا سني وهذا شيعي وهذا وهابي تكفيري وهذا معتزلي كافر وهذا اشعري مرتد , وهذا وهذا... حالنا كما وصف الله " كل حزب بما لديهم فرحون' سبحان الله لو اننا حكمنا كتاب الله حيث خاطب اهل الكتاب بقوله " قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون " لماذا لا نطبق هذا النداء على انفسنا, يا اهل السنه , يا اهل الشيعه, يا كل الطوائف تعالوا الى كلمة سواء الا نعبد الا الله , فان تولوا فان الله يحكم بيننا ,نبني نتعاون في امور الدنيا وصلاحها والنهوض بالوطن كل مقوماته دون اكراه ولا حرمان من حقوق , شعارنا لكم دينكم ولي دين, ولكن الدنيا للجميع تتمثل الآية في كتاب الله حينما قال ابراهيم عليه السلام " وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ" قال سبحانه ومن كفر, نعم ومن كفر ماذا يعني ذلك! !! يعني ان الله لم يمنعنا ان نبني المجتمع على اساس المواطنة ولم يشترط علينا الايمان او الكفر , ندعو الى الله , نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر, وننهى عن كل ما يخالف الدين, ولكن كما قال الله " لست عليهم بمسيطر" لا ولن نقاتل الا دفاعا عن النفس, او الدين او العرض ,ومن يحاول اكراهنا والتعرض لديننا وعرضنا, هذا هو الدين, وهذه الاخلاق الأساسية التي اقامها الرسول صلى الله عليه وسلم واقام عليها دولته في المدينة, حيث عمل حلفا ما بين المسلمين والمشركين واهل الكتاب, التعاون على بناء الوطن بما يخدم المسلمين وان لا يكون اعتداء على آخر, لا اكراه في الدين وحريه العبادة موجودة للجميع ,احرى بنا ان نطبق هذه المفاهيم بيننا نحن اهل الاسلام, على ان نجعل الخلافات هي التي تحكم بيننا, وأوجز واقول لو ان انسانا اجنبيا اراد ان يسلم وآمن بالقرآن, وجاء يستمع الى هذا الشيخ السني وخذا الشيعي وهذا الوهابي .. ماذا سيحدث!!! سيترك الدين ويخرج بنتيجة ان هذه ليست حقيقه, ولكن لو حكّم كتاب الله لكفاه.

ماذا اريد بهذا الكلام هو انه علينا اليوم, وبما ان الامه تمزقت واختلفت بالنصوص ما بينها " كل بما لديهم فرحون" اقول دعونا من كل ذلك, ليكن كتاب الله حكما بيننا, ما اختلفنا فيه يحكم الله بيننا, يكفي كتاب الله, اما احاديث الرسول بكل ما يتعلق بالخلافات نعلقه جانبا ونتفق على ما أجمع عليه , كيف نصلي, كيف نصوم كيف نؤدي الزكاه..,كيف نعبد الله واضح والكل متفق عليه, والكل متفق على ان كتاب الله مصون من التحريف, مصون من الزيادة والنقصان

واماا الاحاديث التي تنسب الى الرسول صلى الله عليه وسلم لم يضمن الله لنا حفظها بل هي مجهود بشري يخطئ ويصيب وواضح عندنا ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن كتابة الحديث وفقط يأمرهم بكتابة القرآن، والثابت ان الصحابي ابن عباس هو الصحابي الوحيد الذي أذن له بكتابة بعض الاحاديث ثم من بعد ذلك الخلفاء الراشدون كانوا ينهون عن ذلك، بل ثبت ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يضرب من يخوض بحديث الله ويقول هذا كتاب الله كفاكم به استمسكوا به ولا تنشغلوا بغيره. وهكذا الى ان تم جمع الاحاديث بعد قرابة ٣٠٠ سنه هجريه من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وهنا دخل الضعيف والموضوع وغير ذلك ... لذلك من اجل ان نخرج من هذه المتاهة التي نحن بها اليوم من إراقة الدماء والاقتتال والتكفير وما يحدث على الساحة الإسلامية وخاصة استشراء التطرف المتمثل بحركة داعش التي شوهت هذا الدين الحنيف وجعلته مجرد سفك دماء وقتل وتفجير ... فمن اجل ان نخرج من هذه الدائرة لا بد ان نأتي ونقول ان الاحاديث مع كل أهميتها واعتبارها في ديننا الا انها ليست مضمونة من التحريف والوضع والزياده والنقصان، فلا نأخذ الا بالاحاديث التي توضح لنا كتاب الله، كيف نصلي، كيف نصوم، كيف نحج، كيف نؤدي الشعائر الدينية، وكما فعل اهل السنة بتقليص الفجوات بين المذاهب يجب على الامه ان تقلص الفجوات بين الطوائف كلها، شيعة وسنه وغيرذلك. كتاب الله الكل مجمع عليه انه محفوظ من الزيادة والنقصان وهو الحكم بيننا.

فلو فعلنا ذلك لاجتمعت الامة الإسلامية واخذت مكانها لتعود الى طليعة الامم لماذا!!! لان كتاب الله يهدي للتي هي أقوم .

اما شعيرة رمي الجمرات نحن هنا أيضا امام شعيرة تبدو للوهلة الأولى انها غير قابله للفهم او التفسير، سوى الامتثال لأمر الشارع ، والسؤال ما معنى ان نضرب حجر بحجر بمعنى ان نرجم الشيطان! ! نأتي الى علم المجتمع وعلم النفس الحديث وننظر في كلية التدريب العسكري يوضع رمز للعدو صورة زعيم الدوله المعاديه او صورة رئيس منظمه ارهابيه، ويقوم الجنود اثناء التدريب بالتصويب باتجاه الهدف واطلاق النار عليه، ماذا يعني ذلك!! يعني اعداد وتعبئة الجندي ليكون مخلصا لوطنه وكارها لعدوه وعدو وطنه، ولا يقبل ان يتعامل معه او يخون وطنه. كذلك حين تتعرض فتاة او طفل لاعتداء من قبل معتدي من اهم طرق العلاج النفسي ان يرى الضحيه هذا الذي اعتدى عليها ذليلا وضعيفا ومكسور الجناح يطلب الرحمه ، وحين تكون حاجه لإدلاء شهادة ضد هذا المعتدي يتم تدريب الضحية بالوقوف امام صورة المعتدي وتوجيه الشتائم او الضرب لهذه الصوره وذلك لتقوية الضحيه واعانتها على الوقوف امام المعتدي في المحكمة ليضمن عملية تغلب الضحيه على العقد النفسيه من ضعف وانكسار مما سببه هذا المعتدي .

نعود الى رمي الجمرات حينما يقف الحاج ويلقي بالجمرات على رمز الشيطان او على حقيقته كما نؤمن حقا نحن المسلمون ، ماذا يعني ذلك!!! يعني ان هذا الحاج يعلن براءته من كل رذائل الشيطان وحزبه وان الحاج اقوى واعز من هذا الشيطان ، ويتذكر هذا الحاج انه سيأتي يوم ويقول الشيطان لا تلوموني ولوموا أنفسكم

ما كان لي عليكم من سلطان الا ان دعوتكم فاستجبتم لي سورة إبراهيم ، ويتذكر هذا الحاج ان هذا الشيطان سيتبرأ منه فيقول انني بريء منكم وانتم الذين فعلتم بأنفسكم ذلك فيأتي الحاج ويقول له لا ، انا بريء منك من اليوم ومن هذه اللحظة لن اطيعك لن اقبل ما توسوس لي به، لن اعص الله ، لن اخون، لن اكذب، لن اغش، لن احرم ابنتي من الميراث كما هو شائع اليوم للأسف في مجتمعنا ، لن اعتدي على حقوق الجار، لن افعل كذا وكذا وكذا يقف ويعبئ نفسه بهذه المواقف، بهذه المعاني، وحينما يعود الحاج الى حياته العادية في الدنيا عليه ان يعلم انه ان عاد الى ما كان عليه من المعاصي والآثام فانه هو الذي رجم من قبل الشيطان ولم يرجمه ، لذلك هذه التجربة لو فهمها الحاج بهذه المفاهيم وهذه النواحي النفسية والاجتماعية لكانت زادا له تعينه على عدم العودة الى ما كان عليه من قبل .

هذه بعض المفاهيم الأساسية التي اردت ان تتلبد في قلب ووعي كل انسان مؤمن ومسلم يذهب الأداء هذه الشعيرة العظيمة ، واذا بدا لنا في هذه السطور السريعة انها ليست مجرد حركات وانها ليست مجرد دوران حول حجر، وانها ليست مجرد سعي ذهابا وإيابا بين تلتين او جبلين بل لها معاني عظيمه ولكن قليلا منا من يتفكر ويتذكر واردت بهذا ان نعيد صياغة الوعي ، فالله سبحانه وتعالى حينما استخلفنا في هذه الأرض استخلفنا وزودنا بما يعيننا على حقيقة الاستخلاف لإقامة العدل وإقامة شرع الله والتخلق بأخلاق الله من الصفات الحميدة والكريمة واتقاء صفات الجبروت والكبرياء , وعمارة الأرض بما يرضي الله لم يرد الله سبحانه وتعالى ان يخلقنا مجبورين على الايمان كما خلق الملائكة مثلا ، او مجبورون على المعصية كما هو واقع الشيطان انما أراد لنا ان نكون مفضلين بالعقل بالتخيير والابتلاء والامتحان واعظم ما يقوم به الانسان المؤمن هو إشاعة العدل والرحمة والحب بين الناس والبشر حتى اللذين لا يؤمنون، لسنا مطالبين بان نقتلهم انما ندافع عن ديننا اذا اعتدوا علينا وندعو كما قال الله ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنه وجادلهم بالتي هي احسن ،اكثر من ثلث القرآن إشارات وايات واضحه ان لا اكراه في الدين , انك لست عليهم بمسيطر, لو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين، كيف يأتي من يقول ليقول ان هذه الايه منسوخه، من نسخ مشيئة الله ، الله لم يشأ ويأتي من يقول هذه الاية منسوخه وهذه ملغيه وتلك محفوظة، من قال هذا من حكم بذلك يا عباد الله كتاب الله يهدي للتي هي أقوم.

ارجو من الله سبحانه وتعالى ان يهدنا لسواء السبيل وان نكون دعاة الى الحق والايمان والى الصراط المستقيم كما أراده الله وكما هو واضح في كتابه.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]