بحضور لافت، ومشاركة واسعة، نظمت مؤسسة فلسطين الدولية والمدارس العصرية مساء الأربعاء الماضي محاضرة أدارها الأستاذ الدكتور أسعد عبد الرحمن، وقدمها رئيس المركز العربي للتخطيط البديل الدكتور حنا سويد، بعنوان: «خطة وأساليب السلطات الإسرائيلية للسيطرة على الأراضي والتحكم بتطور البلدات العربية في الداخل الفلسطيني»، تطرق فيها إلى المواضيع الملّحة بالنسبة للمجتمع العربي وخاصة أزمة السكن والارض، و تحدث عن الجوانب التخطيطية والمهنية والقانونية وأساليب التمييز التي تمارس ضد المواطنين العرب في كل ما يتعلق بتخصيص قسائم للبناء والترخيص وتوسيع مسطحات البناء وغيرها، وقال إنّه: لا يكفي أن يواجه رؤساء السلطات المحلية في المجتمع العربي والداخل الفلسطيني بلدوزرات الهدم، بل يجب أن يهتموا وطواقمهم المهنية بالتخطيط المهني السليم، حتى لا تجد السلطات الحجج والذرائع لمواصلة التمييز.

وقال سويد: أن هناك ضائقة رئيسية وأساسية في قضايا الأراضي والسكن في مجتمعنا العربي، وهناك حاجة ماسة الآن أكثر الى تشديد الضغط اكثر والعمل بشكل سياسي مهني من أجل المطالبة بتوسيع مسطحات البناء ومناطق النفوذ في البلدات العربية، حيث أن لهذه القضية وجهان:

البيت والمأوى والمسكن الذي لا يمكن ان يتطور الانسان بدونه، والثاني تأثيرات نقص الأراضي على المجالس المحلية العربية والمجتمع العربي بشكل عام، حيث أن ضيق مناطق التطوير يؤدي الى شح وقلة موارد المداخيل الذاتية من المناطق الصناعية وما الى ذلك؛ مما ينعكس بالضرورة على وضع السلطات المحلية، وما لم يكن هناك تغييرا جذريا في هذه المعادلة؛ فإن الوضع حتما سيزداد سوءًا، مؤكدا على أن أن الذهنية والدوافع والرؤيا الإستراتيجية التي كانت توجه المؤسسة الإسرائيلية والرؤيا الصهيونية الإستيطانية لا تزال هي هي، وربما نحن –كفلسطينيين- أدخلنا الى هذه المعادلة؛ عامل المقاومة والإحتجاج والتصدي الذي أصبح عاملاً أساسياً، حيث ان الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أعدت العديد من المخططات التي تم ويتم تنفيذها ضد أهلنا في الداخل الفلسطيني، ولا شك في أن هذه الحكومات ستبحث بالضرورة عن كل وسائل أخرى ممكنة لاعاد لتنفيذ مخططاتها للسيطرة على الأراضي والتحكم بتطور البلدات العربية، لذلك يجب ان نبقى متيقظين ومتنبهين لكل محاولة جديدة تهدف للانتقاص من الوجود العربي في الداخل الفلسطيني، فهذه الحكومات بحثت وتبحث عن نقاط ضعف لاختراق وحدة العمل، ووحدة الجماهير والأهالي لاحداث شرخ وزعزعة الصف الواحد، لكنها فشلت وتفشل رغم محاولاتها العديدة.

وتطرق د. سويد في المحاضرة الى موضوع الاراضي التي صودرت من أصحابها لإقامة البلدات اليهودية مثل كرمئيل ونتسيرت عيليت وغيرها، وقال إنّه: بجانب كلّ قرية قائمة قبل عام 1948 ومعترف بها وكان يسكنها أهلنا؛ أقيمت أيضا مستوطنة يهودية في خاصرتها، تزاحمها على أرضها وعلى بيوتها وعلى الموارد الطبيعية المحيطة بها، مشددا على توعية توعية الجيل الجديد ليوم الأرض كرمز حي يعيش ويتنفس، وليس كمادة تاريخية للحفظ؛ والتأكيد على مفهوم الإرتباط والثنائية ما بين الأرض والإنسان التي هي الإنتماء، والعبرة تكمن في مواصلة النضال اليومي المستمر المنهجي من اجل ان نحافظ على بقائنا ووجودنا، وان نصلح هذه الأرض ونعمرها وان نتمسك بها، ونناضل من اجل البقاء ومكافحة العنصرية ومن أجل الحرية والديمقراطية والإنتماء والهوية والدولة الفلسطينية وما الى ذلك، وما نحن بدونها سوى ريشة في مهب الريح.

وأضاف د. سويد على سبيل المثال: قرية "رمية" كانت قرية قائمة منذ عشرات السنين، و لم تكن كما نسميها اليوم حيًّا، ولكن "كرمئيل" التي -أقيمت في الستينات- أحاطت وابتلعت هذه القرية وهذا الحي، وصودرت أراضيها عام 1976 ضمن موجة المصادرات الكبرى التي أدت إلى نشوب انتفاضة يوم الأرض حينها، إلا أن هذه المصادرة تأجلت إلى أوائل التسعينيات، حيث أرادت بلدية "كرمئيل" أن تضع يدها وأن تخرج وتقتلع الأهالي من أراضيهم فكانت هناك وقفة قبل أكثر من 20 عاما، وحينها أثمرت الوقفة باتفاقية وقعها جزء من الأهالي أو من مثل الأهالي مع بلدية "كرمئيل".

وأنهى د. سويد محاضرته بالتأكيد على ضرورة الوحدة اذ قال: معركتنا –كفلسطينيين- واحدة على الوجود، فلا مسلم ولا مسيحي، لا بدوي ولا قروي، لا شمالي ولا جنوبي، فنحن عرب فلسطينيون قررنا العيش في أرضنا بكرامة، وحول هذا نحن متحدون.

وشهدت المحاضرة -التي ناهزت الساعة والنصف وتناولت محاور مختلفة- حضورا لافتا، اجاب في ختامها د. سويد على أسئلة الحضور ومداخلاتهم، وانتهى اللقاء بتقديم د. اسعد عبد الرحمن درعا تكريميا للدكتور سويد باسم مؤسسة فلسطين الدولية.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]