انطلقت مسيرات حاشدة وغاضبة في كافة المدن الفلسطينية، وخارجها، تنديدا بالجريمة التي ارتكبتها بريطانيا بحق شعبنا، عبر إصدارها وعد "بلفور المشؤوم"، في 2-11-1917، وتصادف اليوم الخميس الذكرى المئوية له.

وتوالت ردود الأفعال الغاضبة لهذا الوعد المشؤوم، والذي بمقتضاه قام وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور بتوجيه رسالة إلى اللورد ليونيل آرثر روتشيلد، أحد قادة التجمع اليهودي البريطاني لكي ينقلها إلى "الاتحاد الصهيوني لبريطانيا العظمى وآيرلندا"؛ ومحتوى الرسالة كان وعدا بإنشاء وطن "قومي" لليهود في فلسطين.

الرئيس محمود عباس جدد مطالبته بريطانيا بتصحيح الخطأ التاريخي الذي ارتكبته بإصدارها وعد بلفور، كما طالبت الرئاسة الفلسطينية الحكومة البريطانية بالاعتذار العلني للشعب الفلسطيني، والاعتراف بدولة فلسطين.

من جهتها، طالبت حركة فتح، أبناء شعبنا الفلسطيني وكل أحرار العالم في كل مكان، وكافة المؤسسات في الداخل والخارج لأوسع مشاركة في المسيرات والمظاهرات، التي ستخرج تنديدا بالذكرى المئوية لهذا الوعد المشؤوم، ولإصرار حكومة بريطانيا على الاحتفاء بهذه الجريمة النكراء، التي شردت شعب أصيل إلى مخيمات اللجوء، والشتات.

بدوره، أكد الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، أن خطاب بلفور وما فيه من تعهدات إنما يُمثل ذروة الانحياز الدولي ضد الشعب الفلسطيني، ويُعد تجسيدا لعدم الاكتراث بحقوقهم التاريخية في أرض فلسطين.

كما حث برلمانيون بريطانيون وأعضاء في مجلس اللوردات، وشخصيات مرموقة من المجتمع المدني البريطاني بما في ذلك دبلوماسيون وأكاديميون ورجال دين، الحكومة البريطانية على الاعتراف الفوري بدولة فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل على أساس حدود ما قبل حزيران عام 1967، مثلما فعل ثلثا أعضاء الأمم المتحدة. وطالبوا في رسالة لهم، في الذكرى المئوية لوعد بلفور، الحكومة البريطانية بعدم السماح بخرق اتفاقيات جنيف التي شاركت بريطانيا في صياغتها والتصديق عليها بعد الحرب العالمية الثانية، والتفعيل العملي لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة ومبادرة السلام العربية وخارطة الطريق التي وضعتها اللجنة الرباعية والتي أقرتها بريطانيا، إضافة إلى ضمان حرية العبادة لجميع المؤمنين - اليهود والمسلمين والمسيحيين – وحرية الوصول الى أماكنهم المقدسة في القدس دون عوائق.

وزارة التربية والتعليم العالي قررت تخصيص الحصة المدرسية الأولى اليوم في المدارس للحديث عن الذكرى المئوية لوعد بلفور، حيث دأبت على تخصيص حصص والاذاعات المدرسية للحديث عن وعد بلفور، منذ الثامن عشر من تشرين الأول الماضي.

كما تم تسليم 100 ألف رسالة كتبها طلبة فلسطينيون إلى القنصلية البريطانية في مدينة القدس المحتلة، تنديدا باعتزام لندن الاحتفال بالذكرى المئوية لـ"وعد بلفور

رام الله: جماهير شعبنا تحيي مئوية بلفور وتطالب بريطانيا بالاعتذار

احتشد المئات من أبناء شعبنا، وسط مدينة رام الله، اليوم ، لإحياء الذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم، من خلال مسيرة حاشدة تقدمتها عدد من الشخصيات الرسمية والسياسية والوطنية، وسارت اتجاه المجلس الثقافي البريطاني، للتعبير عن رفضهم للوعد، كذلك مطالبة بريطانيا بالاعتذار للشعب الفلسطيني، وغضبهم إزاء اعتزامها الاحتفال بمئوية بلفور.

وحمل المشاركون في المسيرة الأعلام الفلسطينية، والرايات السوداء، ورفعوا الشعارات المناهضة للسياسة البريطانية الداعمة للاحتلال، ورددوا الشعارات والهتافات الغاضبة والداعية إلى تصحيح هذا الخطأ التاريخي الذي ارتكبته بريطانيا، والاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وقال نائب رئيس حركة فتح محمود العالول، "إن وعد بلفور ليس مجرد ورقة، بل هو جريمة ساهمت في تشريد وقتل وجرح المئات من أبناء شعبنا في ذلك الوقت، وتدمير مدن وقرى من أجل إقامة كيان مغتصب على أرض فلسطين".

وأشار العالول في كلمته إلى أن اعتزام بريطانيا الاحتفال بمئوية بلفور تأكيد على جريمتها التي ارتكبتها ضد شعبنا الفلسطيني، معتبرا أن هذا لن يوقف نضال شعبنا حتى دحر الاحتلال الجاثم على أرضنا.

وثمّن موقف المثقفين والنواب والصحافيين البريطانيين الذين يقفون إلى جانب الشعب الفلسطيني ويدعمون حقه في الحرية ونيل الاستقلال، ويرفضون موقف بلادهم الداعم للاحتلال.

من ناحيته، قال الأمين لجبهة التحرير الفلسطينية، منسق القوى الوطنية والإسلامية واصل أبو يوسف، إن هناك الكثير من الأحرار يرفضون هذا الوعد المشؤوم، ويناصرون شعبنا، الذي ما زال يعاني من آثار هذا الوعد، الذي ساهم في تهجيره إلى مخيمات اللجوء.

وقال "إن إرادة شعبنا لن تكسر وعزيمته قوية"، مؤكدا أن هذه المسيرة تأتي بالتزامن مع مسيرات أخرى مماثلة في مخيمات سوريا ولبنان والأردن، مطالبا بريطانيا بالاعتراف بحق شعبنا في أرضه وعودة اللاجئين.

وتابع، "إن منظمة التحرير، وفصائل العمل الوطني تؤكد مضيها على درب الشهداء والاسرى حتى تحرير وطننا من الاحتلال".

من ناحيته، اعتبر سكرتير الشبيبة الفتحاوية حسن فرج، أن وعد بلفور تسبب بتهجير وتشريد الآلاف من أبناء شعبنا، كما أنه أسس لإنشاء كيان مصطنع يدعى إسرائيل، لافتا إلى أن الشعب الفلسطيني سيحقق حقوقه المشروعة بنضاله المستمر .

وذكر فرج ان احتفال بريطانيا مع إسرائيل بمئوية بلفور هو تجاهل لعذابات الشعب الفلسطيني، كما أن تصريحات رئيسة الوزراء البريطانية "تريزا ماي" وصلت الى حد لا يمكن للشعب الفلسطيني تحمله فهو يرزح تحت الاحتلال بسبب بلادها.

وطالب فرج من بريطانيا بجبر الضرر والاعتراف بالدولة الفلسطينية، والتراجع عن الوعد الذي تسبب بآلام ونكبات شعبنا الفلسطيني.

من جهتها، قالت محافظ رام الله والبيرة ليلى غنام "إن المشهد اليوم يفوق أي كلام قد يصدر، حيث خرج أبناء شعبنا بكافة فئاته من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب، ليعبروا عن رفضهم لهذا الوعد، وكلمة موطني اختصرت كل شيء"، لافتة إلى أنه بالرغم من الوعود المشؤومة، لكن شعبنا ما زال متمسك بحقه في هذا الوطن.

وأكدت أن على بريطانيا أن تخجل من هذا الوعد، بدلا من الاحتفال به، فهي أعطت أرضا لا تملكها إلى من لا يستحقها، مثمنة دور الوفد البريطانية الذي قدم للتضامن مع الشعب الفلسطيني وعبر عن رفضه لموقف حكومته.

جنين: وقفة احتجاج في مدرسة فاطمة خاتون رفضا لوعد بلفور

وأقامت مديرية التربية والتعليم في مدرسة بنات فاطمة خاتون الأساسية بجنين، وقفة احتجاج لمناسبة مرور مئة عام على وعد بلفور المشئوم بعنوان" نعم للعهد..... لا للوعد".

ورفعت طالبات المدرسة علم فلسطين والرايات السوداء والشعارات الرافضة للوعد، ورددن النشيد الوطني الفلسطيني، والعديد من الشعارات منها "تحيي فلسطين"، "نعم للعهد لا للوعد".

وفي كلمة مدير التربية والتعليم طارق علاونة، أشار إلى تنظيم هذه الوقفة في أقدم مدرسة بمحافظة جنين تأكيدا على التمسك بالثوابت الوطنية، ونشر الثقافة الوطنية بين طلبة المدارس وأننا أصحاب حق في هذه الأرض.

بدور، أشاد كل من أمين سر فتح في جنين نور الدين أبو الرب وعطا أبو ارميلة ممثلا عن المحافظ، بدور مديرية التربية والتعليم في نشر الثقافة الوطنية، وتعريف أبناء الطلبة بتاريخهم، ومدى تأثير هذا الوعد على القضية الفلسطينية، لأنهم بناة المستقبل.

وفي نهاية الاحتفال قدمت طالبات الصف الخامس أغنية باللغة الانجليزية حول التمسك بالأرض والوطن.

فيما أحيت محافظة جنين هذه الذكرى، بوقفة احتجاجية في ساحة نصب الشهيد مقابل مبنى المحافظة بدعوة من حركة فتح اقليم جنين، والمحافظة ، وفصائل العمل الوطني.

وألقى مساعد المحافظ منصور السعدي كلمة محافظ جنين إبراهيم رمضان، قال فيها: "نقف اليوم بحزن وألم في ذكرى عصيبة علينا جميعا، كانت وما زالت سببا مباشرا في معاناة وعذابات الشعب الفلسطيني الذي يدفع ثمن هذا الوعد الأسود".

وشدد السعدي على ضرورة قيام بريطانيا الاعتذار للشعب الفلسطيني من خلال الدعم السياسي للسلطة الوطنية والاعتراف بدولة فلسطين.

وفي كلمة حركة فتح، أكد أمين سر الإقليم في المحافظة نور الدين أبو الرب، أن حركة فتح ستبقى دوما الدرع الحامي لقضيتنا الوطنية، داعيا إلى الالتفاف حول الرئيس في مساعيه لتحقيق الحلم الفلسطيني بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]