حذّر محللون وقياديون في الشارع الفلسطيني في الداخل، من قرار الرئيس الامريكي، دونالد ترامب، حول نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس، مما يشكل إعترافًا بالقدس عاصمة إسرائيل الأمر الذي يرفضه المجتمع الدوليّ وفق القانون الدوليّ.

واستقبلت قيادات الداخل الفلسطيني، موضوع نقل السفارة بغضب شديد، محذرين من تداعيات القرار واسقاطاته على العملية السلمية وعلى أمن واستقرار المنطقة.

خطوة ضد عملية السلام

الأكاديمي د.ثابت ابو راس قال بحديثه مع بكرا:" لا شك ان ادارة ترامب قد قررت منذ يومها الاول تبني الرواية الاسرائلية للصراع الاسرائيلي الفلسطيني . ادارة ترامب لا تستطيع تغير مكانة القدس من خلال الاعتراف بها كعاصمة اسرائيل ونقل سفارتها الى هناك وفي نفس الوقت ان تقود عملية سلام بين الطرفين".

وأردف:" القدس ممكن ان تكون عاصمة للدولتين باتفاق الطرفين وبعد انهاء الاحتلاء الاسرائلي والانسحاب الى خطوط الرابع من حزيران 1967. وللتذكير الشرعية الدولية لم تعترف حتى الان بالقدس عاصمة لاسرائيل وتنادي بحل الدولتين فلسطين بجانب اسرائيل".

واكدّ ان:" في كل الحالات السياسة الامريكية ستفشل في القدس مثل ما فشلت في الفيتنام، افغانستان، سوريا، العراق والان في اليمن. لان امريكيا لا تفكر بمصالح الشعوب وانما بمصالحها".

واختتم كلامه قائلا:" حسنا يفعل ترامب بالتنازل عن مشروعه الذي سيشعل المنطقة والتركيز على قضايا الولايات المتحده الداخلية الكثيرة".

بصمات في الشرق الأوسط


محاضر العلوم السياسية في الجامعة العربية الامريكية في جنين - د.فادي جمعة قال بحديثه مع بكرا:" في الحقيقية موضوع نقل السفارة من تل ابيب للقدس ليس موضوع جديد انما هو قانون، هذا التشريع جاء من عام 1995، هناك نية امريكية لنقل السفارة الى القدس ولكن في الفترة الحالية ترامب يريد وضع بصمات في الشرق الاوسط وينوي خدمة الجانب الاسرائيلي بحكم العلاقة الاستراتيجية، والشراكة والتحالف فيما بينهم فيسعى الى اثبات ان القدس الموحدة هي عاصمة لاسرائيل وانها بحكم العلاقات الدبلوماسية والبروتوكولات الرسمية هي الحاضنة للسفارة يجب ان تكون".

وتابع:" هذا امر يدق ناقوس الخطر، نحن نعلم ان القدس هي بلد مقدسة وبلد تحتل مكانة كبيرة في عقول وقلوب اذهان جميع المؤمنين ان كانوا مؤمنين في الديانة اليهودية ولا اقصد هنا الصهيونيين المتشددين، والمؤمنين بالديانة المسيحية في قيامة سيدنا المسيح والمؤمنين في الديانة الاسلامية بمسرى سيدنا محمد".

وزاد:"رأينا ان اي مساس في جانب من الجوانب المتعلقة بالفدس سيشكل خطرا كبيرا وسنرى هبة ان كانت هبة محلية من اهالي فلسطين ومن اهالي القدس تحديدا وهبة على مستوى العالمين، العربي والاسلامي لان المساس بالقدس يعتبر امرا كبيرا لهذا الاطراف".

ويتابع د.جمعة حديثه فيقول:" الاختبار كان واضح عندما نوى الاسرائيليون وضع بوابات على المسجد الاقصى وفرض السيطرة الكاملة على المسجد الاقصى وخاصة على المنطقة الشرقية، هب الفلسطينيون بارواحهم وبكل امكانياتهم ليثبتوا ان القدس خط احمر ولن نتنازل عنها ولن يتنازل اي فلسطيني مهما كان عن القدس وكل المشاريع التي ينوي ترامب، والادارة الامريكية والاحتلال تنفيذها، ستقف على صخرة القدس والقدس هي اكثر من خط احمر بالنسبة للفلسطينيين، لا دولة بدون القدس ولا عاصمة ابدية الا القدس مهما كانت هناك محاولات ومهما كانت هناك اقتراحات".

واكدّ ان:" عملية التآمر ومحاولة كسب القدس من قبل الاستعمار والاحتلال ليست جديدة على الشعب الفلسطيني فهو معتاد على عملية احتلال القدس، ولكن القدس ستظل عصية على اي احتلال يحاول المساس فيها".

وعن خطة السعودية بان تكون ابو ديس هي العاصمة لفلسطين، يحدّثنا:" خطة محمد بن سلمان هي للان لم تخرج الى الحيز الرسمي، لم يأتي الى الان نص رسمي وهي لا زالت في خضم التوقعات، والسيناريوهات المتوقعة او الاشاعات، ولكن الموقف السعودي ما زال الفلسطينيون يتأملون خيرا من الموقف السعودي وكل الامال عليه ان يكون ايجابي فالسعودية هي القلب النابض للقضية الاسلامية وهي من الدول الرئيسية في الوطن العربي، كانت وما زالت وستبقى حليفة للشعب الفلسطيني وداعمة له وأيّ شيء سيكون ضد الشعب الفلسطيني هو طارئ او في خضم الاشاعة وغير الشيء المألوف، نأمل ان يبقى موقف السعودية تجاه القضية الفلسطينية اما أي محاولة ثانية ان كانت على المستوى العربي او ان كانت في خضم صفقة القرن او في اقامة دولة فلسطينية مركزها غزة وهذا ما يُعرض، اقامة دولة فلسطينية مركزها غزة وامتدادها في سيناء والضفة على ان لا تكون القدس هي العاصمة، هذا ايضا سيكون فتيل اساسي من فتائل اشعال توتر في المنطقة".

وحول القدس يقول:" القدس ستبقى تحفظ مكانتها الدينية والسياسية والجغرافية في عقول، وقلوب وانغام الفلسطينيين والامة العربية والاسلامية بشكل عام".

وعن ردّة الفعل على نقل السفارة، يقول:" الشعب الفلسطيني معتاد على حماية مقدساته بالروح والدم، هذا ليس بشعار، هذا ليس هتاف يهتفه الشعب، ليس غريب على الشعب التضحيات والانتصار في معاركه فعملية المساس بالمقدسات الدينية هو عمل يستحق منا دائما التضحية الكاملة".

واختتم كلامه قائلا:" ليس غريبا على الشعب، هذا شعب الجبّارين الذي دافع عن جميع الحملات الصهيونية وعن جميع محاولات الاحتلال، هذا الشعب الذي وقف في وجه الانتداب ووجه الدول العظمى حين تامرت على الشعب الفلسطيني، لن يقف مكتوف الايدي امام اي محاولة مساس في ارض فلسطين عامة والمقدسات الموجودة بالقدس على وجه التحديد".

سياق جيو استراتيجي

المحامي علي حيدر قال بحديثه مع بكرا:" اعلان ترامب جاء تنفيذا لما كان قد وعد به ابان حملته الانتخابية لرئاسة الولايات المتحدة.من الجدير بالذكر بان القرار الامريكي لنقل السفارة الذي اتخذه الكونغرس وتم التعاقد عليه مع الحكومة الاسرائيلية اتخذ عام 1989وكان الكونغرس قد منح رئيس الدولة تجميد التنفيذ كل ستة اشهر 1995. الا انه منذ ذلك الحين وحتى الان؛ قام رؤساء الولايات المتحدة بتجميد تنفيذ القانون؛ حتى ان ترامب نفسه قد جمد تنفيذ القانون في السنة الاخيرة. مما لا شك فيه ان هذا القرار هو قرار خطير ومرفوض ويأتي في سياق جيو استراتيجي وتوقيت حساس سواء على صعيد العالم العربي الموجود في ازمات وتحولات كبيرة وتصاعد التوتر بين الدول والمحاور على مستوى الاقليم والعالم. أضف الى ذلك. فإن ترامب نفسه يعاني من أزمات ثقة وقيادة وفساد وتحقيقات مكثفه ضده وضدة شخصيات مرموقة في ادارته".

وتابع:"يجب التأكيد مرة أخرى ان العملية السياسية، قد لفظت انفاسها منذ مدة طويلة؛ ولا يوجد اي افق سياسي لحل القضية الفلسطينية. بل على العكس؛ هنالك وضع قابل للانفجار واندلاع العنف والتآمر على القضية الفلسطينية. يجب التنويه؛ ان رئيس الحكومة الاسرائيلية وبعض القوى السياسية الاسرائيلية تخضع هي الاخرى لتحقيقات كثيرة في جرائم فساد، وهي بحاجة الى تحويل الانظار الى مسائل أخرى مثل قضية نقل السفارة وموضوع ضرب مواقع في سوريا وغزة في الفترة الاخيرة ويجب التأكيد على ان التصريح والقانون ذاته هو تجاوز واسفاف بقرارات الامم المتحدة والحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني واخرها قرار مجلس الامن 2334 الذي أدان الاستيطان الاسرائيلي بما يشمل القدس الشريف.( ديسمبر 2016)".

وأشار الى ان:"على ضوء هذه التطورات يجب العمل في كافة المستويات واستثمار كل الوسائل المشروعة لمنع اصدار هذا القرار وتنفيذه والتصدي له ومواجهته. ولذلك على المجتمع العربي والاسلامي والعالمي والشعوب إسماع صوت واضح ومعارض ورافض ضد هذه الخطوة. من الممكن الاشادة بالموقف التركي؛ في هذه الحالة؛ الذي أعلن موقفا واضحا في هذه الحالة ودعا الى عقد اجتماع طارئ لمنظمة دول العالم الاسلامي يوم الاربعاء القادم في اسطنبول( مع الإشارة الى انه كان من الجدير عقد هذا اللقاء قبل اليوم). كما من الضروري ابراز وحدة الصف الفلسطينية في شتى اماكن تواجد الشعب الفلسطيني ازاء هذه الخطوة الخطيرة واستحداث وسائل نضال جديدة ومتعددة وفعالة تتلائم وخصوصية المرحلة وأهمية القرار وصعوبة تداعياته. كما انه من المطلوب ان يكون للمجتمع الفلسطيني غي الداخل وقيادته ان يكون لهم دورا بارزا وفاعلا في هذا الشأن".

وانهى كلامه قائلا:" يجب الا ننسى ان القدس الشرقية ارص محتلة ولا يوجد لترامب او لاي احد اخر الحق في منح ما لا يملك لمن لا يستحق. فملكية الارض المصادرة التي من المفروض ان يبنى عليها مقر السفارة يعود 70% لعائلات لاجئين و 30% للاوقاف الاسلامية. من المفروض ايضا ان يُسمع صوت القوى الاسرائيلية الديموقراطية ( رغم قلتها)؛ المعارضة لهذا القرار وتداعياته ومحاولة التأثير على السياسة والمجتمع في البلاد. القدس هي خط احمر. وهي ليست قضية دينية بل قضية وطنية ايضا ويجب استثمار هذا الظرف من اجل اعادة القضية الفلسطينية العادلة بما فيها القدس الى مركز الاحداث والاجندات العالمية والاقليمية وتطوير استراتيجية تحرر وطني".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]