أصدر مركز مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعية والتطبيقية، ورقة تقدير موقف بخصوص مسألة تنفيذ اتّفاقيّة التناوب، أو ما اصطُلح عليه إعلاميًّا "أزمة التناوب". وجاء في الورقة، التي كتبها خالد عنبتاوي، منسق مشروع الرصد السياسي في مدى الكرمل، ان القائمة حظيت، منذ تأسيسها، بالعديد من التحليلات والتقييمات المختلفة لأدائها السياسيّ والبرلمانيّ، وكان لهذه التقييمات حضور أبرز عند المحطّات السياسيّة الخلافيّة التي عكست التباينات السياسيّة بين مركّباتها، والتي حملت معها مؤشّرات من التصدّع الداخليّ.
تقوم الورقة بالوقوف عند النقاشات الأخيرة التي تلت أزمة التناوب منذ تمّوز الأخير، وتحليل انعكاسات النقاش الإعلاميّ حول أزمة التناوب، شعبيًّا وسياسيًّا، والسيناريوهات الممكنة لمستقبل الشراكة في القائمة المشتركة. وجاء في الورقة انه لا يمكن فصل أزمة التناوب الحاليّة عن مُجْمَل النقاش الحزبيّ، الجماهيريّ والأكاديميّ حول القائمة المشتركة وأدائها. حيث يظهر من النقاش الدائر والمواقف حول أزمة التناوب أنّه امتداد للنقاش الكلّيّ حول منطلقات تأسيس المشتركة: بين رؤيتها كحالة انتخابيّة محضة من جهة، أو اعتبارها تحالفًا إستراتيجيًّا وطنيًّا لـمَأْسسة العمل السياسيّ في الداخل الفلسطينيّ، من الجهة المقابلة.

من الورقة ومن الاستطلاعات المذكورة، يظهر أنّ المماطلة في تنفيذ اتّفاق التناوب، والنقاش الإعلامي العامّ الدائر حوله، أضرّا إضرارًا بالغًا بمستوى التأييد للقائمة المشتركة؛ على مستوى التأييد الانتخابيّ وعلى مستوى الرضى العام. وقد جاءت أزمة التناوب مضافة إلى سلسلة محطّات عصفت بالقائمة المشتركة لتُرجّح كفّة أصحاب الرأي الذين لا يرَوْن في المشتركة أكثر من لحظة انتخابيّة، لا مرحلة تاريخيّة.
وأكدت الورقة انه لا يمكن البت والجزم بشأن مستقبل الشراكة، لكن من الواضح أنّ المشتركة اليوم أمام مفترق طرق، وربّما يمكن الجزم بأنّها ستتهدّد كلّيًّا إن لم يَجْرِ التناوب. بَيْدَ أنّه، بصرف النظر عمّا ستُفضي إليه الأزمة الحاليّة، ستتولّد عنها دون شكّ ديناميكيّات داخليّة جديدة بين أطراف المشتركة ستكون لها إسقاطاتها الجماهيريّة -وإن جرى التناوب.

ختاماً، تؤكد الورقة انه ليس في الإمكان معالجة أزمة الثقة الناتجة بين الجمهور والقائمة المشتركة من خلال حلّ أزمة التناوب وتنفيذه فحسب، بل بالعودة إلى السؤال السياسيّ الأشمل، وبإجراء تقييم وحوار جذريَّيْن داخليَّيْن بين أطراف المشتركة يَطول المستوياتِ الثلاثةَ المذكورة: الأداء البرلمانيّ، الأداء السياسيّ والأداء الجماهيريّ المؤسساتيّ، والوصول إلى عَقد جماعيّ يكون عابرًا للّحظة الانتخابيّة، يضمن التعدّديّة في ظلّ السقف السياسيّ الأكبر وأسلوب إدارة هذه التعدّديّة دون تجنُّبها أو تحاشيها، ويضمن العملَ على إعادة بناء المؤسّسات الوطنيّة الأخرى والإسهام في ذلك. يمكن لهذا أن يؤسّس لمرحلة جديدة من العمل السياسيّ العربيّ في الداخل؛ أمّا المراوحة فلن تكون سوى مقبرة للتوقّعات التي أرادت أن ترى في المشتركة تأسيسًا لمشروع إستراتيجيّ وطنيّ، لا لحظة انتخابيّة عابرة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]