تعبِّر رابطة السيكولوجيين العرب في البلاد عن عميق ألمها و شديد استنكارها للممارسات الاسرائيليّة الدمويّة من قمع وقنص للمتظاهرين الفلسطينيين السلميين خلال مسيرة العودة الكبرى في غزّة المتزامنة مع الذكرى السبعين للنكبة، وتدعو إلى زجر وانهاء الاستقواء العسكريّ الذي يستبيح حياة أبناء وبنات الشعب الفلسطينيّ وأمنهم وكرامتهم الإنسانيّة.
ما يجري في غزّة، وفي الأراضي الفلسطينية بشكل عام، يتجاوز كونه حصاراً شاملاً ومدمّراً لحاضر شعب بأكمله، بأطفاله ونسائه ورجاله وشيوخه، ليتخذ شكل مشروع إبادة لمستقبله وإمكانيات نموّه وأمله بحياة طبيعية كسائر الشعوب. ان التهديد والاستهداف المستمر لحياة الفلسطينيّين وحريتهم و أمنهم ولكافة حقوقهم الإنسانيّة هو إمعان في تخريب و تقويض وجودهم الجسديّ والنفسيّ و الاجتماعيّ أفراداً و مجتمعاً.
لا يمكن عزل عمليّات القمع والقتل العنيف بحق أبناء شعبنا عن الحرب النفسية الاسرائيليّة ومحاولاتها المتكررة لتحطيم الذات الفلسطينية و نزع انسانيتها و سلبها مقوّمات البقاء والتطور والتجدّد على أرض الأجداد. ان الثورة الفلسطينية على محاولات تكريس واقع الاحتلال و القهر و العجز هذا ما هي الا تعبير نبيل و شرعيّ عن طاقة إنسانيّة خلّاقة لا مجال لتكبيلها، ولعزيمة لا يمكن أن تهزم في سعيها لحياة افضل ولمساحة أرحب و أجمل يمكن فيها للذات والطموحات الفرديّة و الجماعيّة الفلسطينيّة أن تتحقق.
تؤكد الابحاث العلمية والخبرة المهنية الميدانيّة على الأخطار الكامنة والانعكاسات السلبية، على المدى القريب والبعيد، للتعرض لتجارب الحروب المباشرة وغير المباشرة. إننا كسيكولوجيين مؤتمنين على الصحّة النفسيّة ندرك بقلق أن الجروح والآلام والصدمات النفسيّة المتولّدة عما يعيشه ويتعرّض له المواطنون الفلسطينيون، والأطفال بشكل خاصّ، من قتل وتدمير وترويع وتجويع وإذلال، من شأنها أن تتسع وتتفاقم إلى حد يغدو فيه العلاج النفسي مهمة عسيرة إن لم تكن مستحيلة. فحالات الفقدان العنيف والخوف واضطرابات ضغوطات ما بعد الصدمة ترتفع عدداً وحدة وتدفع إلى الخشية من تعذّر محاولات العلاج وإعادة التأهيل النفسي.

إننا نهيب بزملائنا السيكولوجيين اليهود في هذه البلاد أن يخرجوا عن صمتهم إزاء ما يجري في غزّة وأن ينحازوا لضميرهم المهني ولواجبهم الأخلاقي في إدانة الاحتلال والتنبيه لإسقاطاته الكارثيّة على أبناء الشعبين وأن يقرعوا، من موقعهم الهامّ، أجراس الإنذار لتفادي الخطر المحدق بمستقبل الشعبين المشترك. دم الأبرياء المسفوك يستصرخ إنسانيتنا محمّلاً الاحتلال ذنب سفكه في كل مكان وزمان.
فمن يدين الاحتلال وينبذه إنّما يدافع عن انتمائه الإنساني وعن قيم الحرّية والعدل والسلام للبشر، كافة البشر.

الهيئة الادارية لرابطة السيكولوجيين العرب

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]