كسب مسلسل "الهيبة - العودة" التحدي في حلقاته الأولى. مشاهدة عالية، وتفاعل كبير جداً من الجمهور، حيث احتل هاشتاغ «#الهيبة_العودة» رقم واحد بين الهاشتاغات اللبنانية على "تويتر".

أحداث سريعة، وإثارة، وتشويق لا تترك المتفرج يسترخي. إطلالات جديدة لممثلين ذوي وزن وتاريخ، والأهم قصة خالفت كل التوقعات، وأحدثت المفاجأة التي لم يكن ينتظرها أحد.

فبين مُراهن على أن أفضل ما يمكن أن يقدم قد رآه المتفرج في الجزء الأول من مسلسل "الهيبة"، خصوصاً مع خروج بعض الأسماء، لا سيما نادين نسيب نجيم وعبدو شاهين، ومنتظرٍ بشغف لرؤية تيم حسن (جبل) من جديد والاستمتاع بأجواء تلك القرية اللبنانية الحدودية مع سوريا، ومناخات التهريب الإجرامية، جاءت الحلقات الأولى من الجزء الثاني مشجعة ومثيرة.

أفلح كاتب الجزء الثاني ومؤلفه باسم السيلكا، الذي استفاد من قصة هوزان عكو، في الانقلاب على منطق الأحداث، وأن يتحكم بها بدل أن تتحكم به. جعل الجزء الثاني عبارة عن فلاش باك، على مدى شهر كامل، وعودة بالزمن إلى ما قبل الجزء الأول. وهو بهذا لم يذهب إلى حيث لم يكن متوقعاً وحسب، وإنما استطاع أن يبرر بذكاء غياب وجه شهير مثل نادين نسيب نجيم (عليا)، وإعادة عبدو شاهين (شاهين) الذي أحبه المتفرجون، إلى الحياة، وهو الذي قضى نحبه مع إسدال الستار على المسلسل في العام الماضي. ولم يكن المخرج سامر برقاوي أقل حنكة إذ تمكن من ضخ حياة جديدة في العمل وزاده هيبة حين جعل إلى جانب منى واصف والدة جبل زوجاً هو الممثل الكبير والقدير الغائب منذ زمن طويل عن الشاشة عبد المجيد مجذوب، وأضاف شخصيات معروفة ومحببة ولها باعها الطويل مثل أحمد الزين، ورفيق علي أحمد. وكان المشهد الذي جمعهم مع بقية زعامات قرية الهيبة على طاولة واحدة مهابة، واحداً من أجمل اللقطات في الحلقة الافتتاحية.

وعلى أي حال، مع دخول آلة الزمن، والعودة إلى سنة 2014، تتغير أحوال الهيبة، ويزيد الضغط على سلطان شيخ الجبل (والد جبل) الذي تحتل أراضيه كامل مساحة القرية المتاخمة للحدود السورية، لذا يصبح تهريب الحشيش وبعض الأسلحة الصغيرة، غير كافٍ لمن يريد الاستفادة من ظرف الحرب على المقلب الآخر، حيث تشتعل حرب الثوار وحاجتهم لأسلحة فتاكة. هنا وعندما يحاول أحمد الزين (سليمان) تغيير الصيغة وتهريب أسلحة أثقل وأكثر أهمية، يقف في وجهه سلطان ليفهمه أن اللعبة أصبحت كبيرة و"علينا أن نحمي رؤوسنا، وما عاد من مجال لتوسيع كرة النار كي لا تلتهمنا".

يبدأ المسلسل من دمشق حيث جبل مسجون هناك، نتعرف على أخيه (عادل) الآتي من كندا، ليفاجئه بخبر زواجه وإنجابه لولد، وأنه لن يعود أبداً إلى الهيبة. هكذا يتعرف المتفرج على الأخ الذي كان قد مات، ولم ير سوى زوجته وابنه في رمضان الماضي. لكن جبل يعود إلى قريته، وهنا يبدأ مساران متناقضان في وقت واحد. التحضيرات الكبيرة لزواج جبل من فاليري أبو شقرا (مريم) ابنة زحلة في عرس كبير. بموازاة ذلك المهرب سليمان يستفيد من الفرصة لنقل شحنة التهريب التي كان يمانعها سلطان شيخ الجبل، طالما أنه مشغول بمناسبة كبيرة، وهي عرس ابنه. لكن حسابات الحقل تختلف عن حسابات البيدر، كمين للشرطة يجعلنا نعيش اشتباكاً مسلحاً بين المهربين وبين قوى الأمن، ويوقف العملية، ومن جهة أخرى الرصاص يشتعل في عرس جبل فرحة وابتهاجاً، مما يجعل أحد المهربين الفارين يتسلل بين الجموع ويسدد رصاصتين إلى صدر والد العريس، قبل عقد القرآن بلحظات، ويعطل الزواج.

من غير المعروف إذا كانت الحلقات التالية، ستتمكن من الحفاظ على هذا القدر من التشويق و"الأكشن"، وشد عصب المتفرج، دون أن تدخل في المبالغة. فالأحداث تبدو وكأنها موزونة بدقة ومرسومة بعناية بحيث تتفادى البطء والبلادة التي تسم غالبية كبيرة من المسلسلات المعروضة حالياً، لكنها في الوقت نفسه لا تقع في التضخيم.

مشهد جبل العريس المبتهج، وهو يرقص بين الجموع حاملاً كلاشينكوفاً ويطلق منه الرصاص غزيراً في الهواء. الاشتباك المسلح بين قوى الأمن وبين مهربي الأسلحة. قصة الحب الرومانسية بين مريم وجبل التي تتعثر بفعل الشر. أم جبل التي تجهز منزلها لاستقبال ضيوف القرية فرحاً بابنها فيما يد الغدر تتربص بزوجها. العرس الذي ينقلب وهو في ذروته إلى مأتم.

كل هذا الصخب في حلقات أولى، يبدأ بها "الهيبة - العودة" سيجعل التحدي كبيراً أمام العمل، ليحافظ على وهجه إلى نهاية رمضان، خصوصاً أن المتفرجين يناقشون كل يوم، ويعلقون على الأحداث حلقة بحلقة على وسائل التواصل الاجتماعي. ورأى بعض المتابعين الجدد لـ"الهيبة 2" أن ثمة ذكاء يحسب للقيمين على المسلسل في اختيار العودة إلى ما قبل الجزء الثاني، لأن هذا سيجبر كل فضولي على مشاهدة الجزء الأول حكماً ليرى ما الذي سيحدث للأبطال الذين أحبهم وعاش معم طوال الشهر الفضيل.

(الشرق الأوسط)

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]