باكسا رومانا أو السلام الروماني تعبير قديم لدى المؤرخين لوصف مدى القوة التي بلغتها الامبراطورية الرومانية في العصور القديمة .

من رأى نتنياهو يوم الاثنين 14/5 عند إفتتاح السّفارة الامريكية في القدس خلال دخوله مكان الاحتفال مختالاً فخوراً منتفخ الصدر يعلم مدى نشوة القوة التي يشعر بها في هذه الأيام، نتنياهو من إتِباع نظرية الجدار الحديدي أو القبضة الحديدية لصاحبها جبوتنسكي وقد عبّر عن ذلك في كتابه مكان تحت الشمس يعتقد أنه بوجود إدارة ترامب الداعمة لمواقفه وأمام واقع عالم عربي منقسم وضعيف وقيادة وواقع فلسطين يعيش انقسام حاد وواقع دعم أنظمة عربية للمشروع الامريكي الصهيوني في المنطقة وتفهُّم روسي لحاجات إسرائيل الأمنيّة يستطيع تحقيق تصفية نهائية للقضية الفلسطينية وحسم القضايا المصيرية وتحقيق نصر بمشروع الهيمنة النهائي لمشروع الدولة اليهودية.

إن المواجهات العسكرية الأخيرة في سوريا أمام إيران وتحقيق تقدم على جبهة تدمير الأنفاق وحصار غزة بالتعاون مع النظام المصري وكذلك نجاحه بإقناع ترامب الخروج من الاتفاق النووي مع إيران أعطت دفعة كبيرة لشعور عظمة القوة والنّشوة القوميّة التي يشعر بها نتنياهو، ولعل صورة طائرة ال F 35 الإسرائيلية في سماء بيروت والّتي نشرتها اسرائيل وسلاح الطيران الاسرائيلي حملت دلالة كبيرة لما يريده نتنياهو وبعثت رسالة للمنطقة حول من الأقوى في هذه الفترة .

نتنياهو استطاع من خلال التوتر العسكري والضربات الجوية والصاروخية من الشمال والجنوب أن يمسك زِمام المبادرة ويهمش كل قضية ملفات الفساد ضده ويرفع أسهمه بشكل كبير في الشارع اليهودي وأمام الرأي العام في الدولة ، هذا الشعور ليس لدى نتنياهو فقط بل لدى حكومته ووزرائه الذين تسارع منسوب الوقاحة عندهم لدرجة الإستخفاف بالدول الأوروبية والاتحاد الاوروبي بل وإهانة سفراء ودبلوماسيين دول صوتت ضد اسرائيل في مجلس حقوق الإنسان .

نتنياهو كقارئ وكاتب للتاريخ وكإبن مؤرخ يعلم أن أكبر حقيقة نتعلمها من التاريخ هو التّبدل والتغيير وإنقلاب معادلة القوة ، أمريكا ليست القوة العظمى الوحيدة في العالم ومحاولة بناء عالم أحادي القطب فشلت من أيام بوش الأب وبعده الإبن وهناك قوى إقليميّة لم تقل كلمتها بعد ،والباكسا رومانا أسقطته قبائل الجرمان بسقوط روما وصدق أحد الدبلوماسيين الأوروبيين الكبار عندما زار اسرائيل وقال لمجموعة من السياسيين : لا تستخِفّوا بنا نحن الأوروبيين ترامب لن يبقى رئيساً إلى الأبد .

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]