قررت وزيرة القضاء، ايليت شاكيد (البيت اليهوديّ)، العمل على إقصاء قاضيين شرعيين، بحجة أنّ الأخيرين قاما في العام الأخير بالمصادقة على 26 حالة زواج من امرأة ثانيّة، علمًا أنّ السماح بتعدد الزوجات وفق القضاء الإسرائيلي منوط بمصادقة قاضي شرعي.

وأوضحت الوزيرة شاكيد خلفية القرار مشيرةً إلى أنّها تعمل على محاربة ظاهرة تعدد الزوجات في النقب خاصةً وفي المجتمع العربي عامةً لكن وفي ذات الوقت لم تخفِ أنّ للقرار بعد أمنيّ، حيث عاقبت القضاة بسبب المصادقة على زواج من نساء فلسطينيات من الضفة الغربية، مما يعني أنها تتعامل مع الظاهرة كـ "خطر أمني" مع تجاهل إسقاطاتها النفسية والاجتماعية والاقتصادية على النساء الفلسطينيات ومكانتهن في المجتمع.

هيبة المحاكم الشرعية في البلاد

وفي السياق تحدّث مراسل موقع "بكرا" إلى عددٍ من المحاميين المختصين في المجال الشرعي وإلى مختصات نِسويات، حيث قالت المرافعة الشرعية اميمة حامد لـبكرا:"الحقيقة من وراء موقف الوزيرة ليست مكشوفة لنا، لكنها مغطاة ومستورة بغربال وعلينا أن نراها من خلال فتحاته الصغيرة أو نزيحه جانبًا لنرى الأمور بوضوح .ومن الغربال جاءت كلمتان -يغربل وغربله أي الفرز والاختيار . فإما ان نختار الحياة للجهاز القضائي الشرعي في البلاد وإما دفعه الى الهاوية فلم يبق الى القليل لدحر هذا الجهاز، فالخطر يداهمه من كل حدب وصوب بدءً بتشريع القوانين التي انتقصت من صلاحيات المحاكم الشرعية، مرورًا بقرارات محكمة العدل العليا وانتهاءً بتدخل سافر من قبل الوزيرة".

وزادت:" يجدر الإشارة ان صلاحيات المحاكم الشرعية قُلِصت في جميع المجالات وصلاحيتها الحصرية تقتصر على الزواج كجهة تسجيلية والتفريق القضائي. أتوقع ان يقوم احد أعضاء الكنيست بتقديم اقتراح قانون يجيز تسجيل الزواج والتفريق عند المسلمين في محاكم شؤون العائلة على غرار ما هو متبع في عدة دول عربية. محاكم شؤون العائلة في الدولة لها صلاحية نظر قضايا الأحوال الشخصية للمسلمين وبما انّ هنالك قضاة عرب مسلمين في هذه المحاكم المدنية فان هذا المسلك سوف ينال استحسان الوزيرة ومن لف حولها، وهذا اليوم لن يكون بعيدًا اذا استمر التدخل بالجهاز القضائي الشرعي على هذا النهج".

وأنهت كلامها قائلة:" على هذا الجهاز والقائمين عليه ملقاه مسؤوليه الدفاع عن الذات وعن حقه بالبقاء فإن لم يفعل ذلك سيكون مصيره الحتمي معلوم. نتمنى لهيبة المحاكم الشرعية في البلاد ان تبقى كما عهدناها لأن الآتي أسوأ".

بدوره، قال المحامي محمد ابو طعمة لـبكرا:" أنا لم أقرأ بتمعن ما هي تداعيات الأمر ولكن وبرأيي الشخصي وفق ما أسمع فإن ظاهر هذا الأمر غير مقبول وهو فرض سياسة حكومة لإخضاع سلك القضاء الشرعي لقوانين منافية للشرع الحنيف، قد يكون من المناسب التوجه للقضاء ضد اتخاذ هذه الخطوات".

نرفض ظاهرة تعدد الزوجات، ودوافع شاكيد

اما مديرة "كيان"، النسوية رفاه عنبتاوي، فقد شددت على رفض ظاهرة تعدد الزوجات، مشيرةً إلى أنها غير مقبولة، وأوضحت: في "كيان" نشدد على أنّ ظاهرة تعدد الزوجات مرفوضة، ويجب العمل على الحد منها، فهي تنتهك حقوق النساء وتُرسخ التمييز المجتمعي ضدهن.

إلى ذلك، نشدد، أنّ تعامل شاكيد مع القضاة في هذه الحالة هو عنصريّ، مرتبط بهويتهم القومية، وهو امر مرفوض ايضًا، حيث يجب التعامل في الجهاز القضائي بشكل شمولي وعادل وغير انتقائي، علمًا اننا ضد قرارات القضاة العينيّة في هذه الحالة.

واوضحت: التعامل مع احكام تمس في حقوق المرأة يجب ان يتم من خلال منظومة محاكم الاستئناف والجهاز القضائي وليس من خلال قرارات تصدر عن الوزيرة شاكيد التي نعلم ان دوافعها هي سياسية بحتة، وهي تتعامل مع الموضوع كخطر امني لا من باب حقوق المرأة.

الوزيرة تتستر خلف الجمعيات النسوية!

المرافعة الشرعيّة عرين طوقان سليمان، قالت بدورها لـبكرا:" حان الأوان لتنفيذ صفقة القرن. بعد أن اختتمت وزيرة القضاء السبق الصحفي الصادر في الأمس بأن الدولة لن تمر مر الكرام على مخالفات قام بها قضاة محكمة بئر السبع، وبعد أن أشارت بكل ثقة أن تعدد الزوجات ظاهرة يدينها كثير من المسلمين والمسلمات... هذه بنظري هي بداية. أعتبره تدخل صارخ في الأحكام وفي قرارات القضاة، التي تتوافق قراراتهم وتتماشى مع القانون الشرعي المطبّق في المحاكم الشرعية ولا تخالف قانون الأحوال الشخصية. أين المخالفة الشرعية التي ستحاسب عليها ما دام القاضي قد أصدر قراره وفقا للقانون الملزم له العمل به؟".

وزادت:" اليوم أصبح جهاز القضاء الشرعي يُحارٓب من خلال مصطلح لامع اسمته وزيرة القضاء؛ "كرامة النساء"، ومن خلال اجندة صاغتها داخل اروقة "البيت اليهودي" لتكون شرعًا جديدا للمسلمين يتماشى وصفقة القرن. علينا أن نستيقظ لاستقبال الحرب التي ستهدم آخر معقل لمعاقل المسلمين في البلاد، صدرت التوجيهات الأخيرة عنها التي تأمر القضاة بتحريم ما أحلّه الله، إلى أين وصلنا؟! وما هو موقف جهاز القضاء الشرعي برمته مما يجري؟! يجب علينا ان ندافع عن بقاء ودوام هذا الجهاز حتى آخر رمق، هو واجب وطني وديني بل أقول أنه فرض علينا أن ندافع عن فكرة بقاء هذا الجهاز فعّال بمضمون سليم، لأنّ البديل أسوأ بكثير.. لا أن ندافع عن أشخاص أو عن مصالح مرحلية".

وأكملت:" منذ متى أصبحت قرارات خلو الموانع الشرعية قرارات غير شرعية وأن على من يصدرها من قضاة عليه أن يحاسب ويعاقب وربما يُفصل عن منصبه؟ اليوم لم يعد كافيا أن يقرر القاضي أنّ التعدد يخالف قانون العقوبات كما كان في السابق، بل اصبح عليه أن يحرّم التعدد ويلغي آية جاءت في كتاب الله بحسب التوجيهات. سيمنع القاضي اليوم من مصادقة على زواج ثانٍ وربما سيلزم في المستقبل على الحكم ببطلانه ما دامت الأمور الدينية بدأت تفسر وتعلل وتحلل وفق مفاهيم أجنبية عنّا. هل سأل أحدنا ما هو مصير الزواج الثاني في حال منعت الوزيرة بموجب توجيهات منها مصادقة المحكمة الشرعية لهذا الزواج الثاني؟ سيصبح القاضي الشرعي مخيّر بين أمرين: أيهما سيفضل برأيكم تطبيق القانون الشرعي أم الانصياع إلى أوامر وتوجيهات تحرم ما أحله الله، وإلّا فقد منصبه؟ كثير منا لا يعرف في أي اتجاه قافلتنا تسير لأنّ بعضنا لا يعرف كيف يقدر الأمور.

في الختام قالت: أتساءل؛ ما هو موقف جهاز القضاء الشرعي مما يجري وهل سيتصدى لهذه الحملة التي شنت ضدّه؟ لقد نجحت الوزيرة بمساعدة الايدي الخفية التي تعمل لمصالح شخصية أن تدعم الجمعيات النسوية وأن تحقق ما أخفقته تلك الجمعيات من خلال ما عنونته بكرامة النساء. النساء التي تسعى الوزيرة على المحافظة على حقوقهن هن النساء جميعا سواء كانت الزوجة الأولى أو الزوجة الثانية سواء كانت المطلقة برضاها أو المطلقة تعسفياً".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]