قالت محافظة بنك إسرائيل، د. كرنيت فلوغ، خلال مشاركتها في يوم المواصلات العامّة في الكنيست أنّه يتبيّن من النظر في التقارير الصحفيّة في موضوع المواصلات العامّة وتقارير وزارة المواصلات وجود صورة قاتمة للوضع فيما يتعلق بمفهوم الجمهور بشأن وضع المواصلات العامّة في إسرائيل. إذ أنّ هنالك مشاكل في وتيرة وتوفّر المواصلات والتنسيق ما بين مختلف مركّبات المواصلات العامّة، وذلك رغم الاستثمار الكبير في السنوات الأخيرة. لا شك في أنّ تحسين مستوى المواصلات العامّة بشكل كبير سيساهم في رفع مستوى الحياة وجودة الحياة وتقليص التلوث البيئي وزيادة الأمان على الطرق وتقليص الفجوات في المجتمع.

وكما أوضح بنك إسرائيل في العديد من المناسبات في السنوات الأخيرة أنّ التحدّي الأكبر للجهاز الاقتصادي الإسرائيلي على المدى البعيد هو تعزيز زيادة الانتاجيّة، والتي بوتيرتها الحالية لا تساهم في اغلاق الفجوة بيننا وبين الدول المتطورة. وأكثر من ذلك، بحسب التوقعات، فانّه في حال لم يحدث تغيير كبير فمن المتوقع أن ترتفع الانتاجيّة بتباطؤ أكبر مستقبلا. ويذكر أنّ العوامل الرئيسيّة للزيادة المنخفضة في الانتاجيّة هي مستوى الثروة البشرية، بيئة الأعمال، مستوى رأس المال العام المنخفض وبالذات البنى التحتية وبشكل خاص البنى التحتية للمواصلات.

وقد تمّ عرض توثيق مفصّل للنواقص في مجال المواصلات العامّة وغياب الاستثمار الكافي في تقرير الخطة الاستراتيجية للمواصلات منذ العام 2012، والذي تمّ اعداده بالشراكة مع وزارة المواصلات ووزارة المالية. وحتى اليوم وفق كل المعايير فانّ مستوى المواصلات العامّة في إسرائيل دون تلك في غالبية الدول المتطوّرة، والاستثمار في المواصلات، رغم زيادته لا يزال غير كافيًا لاغلاق أو حتى تقليص الفجوة بشكل كبير. وبعد الارتفاع في السنوات 2009-2013 إلى 1.1 بالمئة من الناتج، انخفض في الخمس سنوات الأخيرة الاستثمار في المواصلات العامّة إلى 0.9 بالمئة من الناتج.

وعلى سبيل المثال فانّ الفحص الذي أجري يشير إلى أنّ الفجوة بين توقعات الميزانيّة في عام 2012 وبين الميزانيّة المخصّصة في عام 2015 للبنى التحتية للمواصلات مقابل التوقعات في بداية العام 2015 وصلت إلى 10 مليار شيكل، أي أنّ المصروفات الفعلية أقل من المخطّطة ب 45%، وذلك رغم أنّ الحكومة لم تلغ خطط كبيرة لتطوير المواصلات وانّما لكون الخطط تنفذ بوتيرة بطيئة.

وقدّر الضرر السنوي نتيجة ذلك من قبل وزارة المالية ووزارة المواصلات وهيئات التخطيط في التحليل الذي نشر في العام 2016 بنحو 35 مليار شيكل، وفي حال لم يتم اجراء تغيير جوهري فمن المتوقع أن يتضاعف الضرر حتى العام 2040.

لذلك ليس مفاجئًا أن تشير استطلاعات الرأي إلى أنّ مستوى الرضى عن المواصلات العامّة منخفض بمقارنة دولية، والنتيجة هي استخدام منخفض نسبيًّا للمواصلات العامّة بشكل عام وكوسيلة للوصول إلى العمل بشكل خاص. وهذا على ما يبدو أيضًا أحد الأسباب لكون نسب البطالة في المناطق البعيدة عن المركز أعلى من النسبة في منطقة المركز بشكل كبير.

الفحص الذي أجري في بنك إسرائيل بشأن تحليل نتائج استطلاع الرأي الاجتماعي الذي أجري من قبل دائرة الإحصاء المركزية والذي تمحور حول طرق الوصول للعمل يشير إلى أنّ غالبية الذين يسافرون إلى العمل بشكل يومي خارج البلدة التي يسكنون فيها يستخدمون المركبات الخاصّة.

وبناءً على ذلك فانّ تحسين جودة وتوافر المواصلات العامّة والتنسيق ما بين مكوناتها من شأنه رفع مستوى وجودة الحياة وذلك من خلال رفع الانتاجيّة نتيجة توفير الوقت وتوفير تكاليف مواقف السيارات وتكاليف شراء السيارات وزيادة العدد المحتمل للعمال المناسبين وغيرها. وكذلك من خلال زيادة أجر العمل في البلدات البعيدة عن مراكز التشغيل نتيجة توسيع سوق العمل وتحسين الملاءمة ما بين قدرات العامل ومتطلبات المشغل، وأيضًا تقليص الفجوات وزيادة أوقات الفراغ على ضوء اختصار مدّة السفر وتقليص الوقوف في أزمات السير، وكذلك تقليص حوادث الطرق وتقليص التلوث البيئي وغيرها.

وتشير العديد من الأبحاث التجريبيّة إلى أنّ تحسين المواصلات العامّة يساهم في تحسين وضع ذوي الدخل المنخفض في سوق العمل من ناحية الأجر وأيضًا من ناحية فرص العمل.

كل هذا يشير إلى أهميّة وجود التزام من قبل متخذي القرارات لإجراء تغيير ملموس يحدث قفزة نوعيّة في مستوى خدمات المواصلات العامّة في السنوات القادمة، ومن أجل تحقيق ذلك من المهم تأطير القرارات ضمن خطط قطرية للمواصلات العامّة وتخصيص ميزانيات وموارد تمويلية للمدى البعيد للتخطيط والتطوير والانشاء والصيانة، اضافةً إلى إقرار تغييرات تشريعيّة وتغييرات بنيوية لتنجيع الإجراءات التنظيميّة، وأيضًا تحسين التنسيق والارتباط ما بين مختلف وسائل المواصلات العامّة، وكذلك تشجيع تقليص استخدام المركبات الخاصّة وغيرها.


Attachments area

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]