تعاني تركيّا من أزمة اقتصادية وتضخّم مالي جرّاء الحرب الاقتصاديّة التي أعلنت عليها من قبل رئيس الولايات المتحدّة الامريكيّة، دونالد ترامب.

وهبطت الليرة التركية إلى أقل مستوياتها بحيث وصل الدولار إلى أكثر من 7 ليرات، ثم عادت قيمتها بالصعود لتصبح اليوم نحو 5.8 ليرة للدولار.

حول هذا الموضوع، حاور مراسل "بكرا" ابن ام الفحم الحاصل على لقب دكتوراة بالاقتصاد - أنس سليمان شريم الذي قال:" في الاقتصادات المعاصرة هناك سياسات مالية، وسياسات نقدية، أما السياسات المالية فتدار من قبل الحكومة من خلال خطط التنمية الهادفة إلى زيادة الإنتاج القومي من خلال الاستثمار الحكومي المباشر أو التسهيلات للقطاع الخاص أو المشروعات المشتركة، أو تعديل الضرائب والرسوم للتيسير أو التقييد وما يتبع ذلك من بث روح التفاؤل أو تسرب روح التشاؤم تجاه المستقبل انعكاسًا لاضطرابات سياسية أو سياسات مالية غير حكيمة".

وزاد:" وأما السياسات النقدية تعنى بالمحافظة على المعروض النقدي بالقدر الملائم لحفز الإنتاج إلى مستويات أعلى مع القبول بنسبة تضخم بسيطة تساعد على هذا الحفز. ولكن الإخلال بهذا التوازن قد يؤدي إلى التضخم أو الإنكماش، فزيادة المعروض النقدي مع حالة عدم استجابة الإنتاج يعني التضخم، ونقص المعروض مع وجود الحافز الكافي للطلب الكلي على التحرك يعني الانكماش، التضخم مدرسيًا يعني كمية كبيرة من النقود تلاحق كمية قليلة من السلع، والانكماش مدرسيًا يعني كمية قليلة من النقود في مواجهة كمية أكبر من الإنتاج".

الحكومة على صواب 

وأوضح شريم، أن المتابع للأرقام الاقتصادية الحقيقة للاقتصاد التركي يرى أن الحكومة على صواب في مطالبتها بتخفيض الفائدة لدعم زيادة المعروض النقدي ومن ثم دعم نمو الإنتاج بخطى واثقة. ولكن في المقابل الواقع في الأشهر الأخيرة يشير إلى زيادة المعروض النقدي عن الحد المطلوب لنمو الإنتاج الأمر الذي أدَّى إلى ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة العملة التركية، وهذا يدعو البنك المركزي إلى ضرورة كبح جماع التضخم بتخفيض المعروض النقدي من خلال استخدام كل السياسات النقدية آنفة الذكر. وما دام الناس يعيشون في وضع طبيعي من التفاؤل تجاه الاقتصاد التركي فإن هذه السياسات يفترض أن تعدل الموقف، لكن الأمر على ما يبدو أكثر تعقيدًا من ذلك".

أكمل كلامه قائلا:" مع ذلك لا يمكننا أن نعتبر الأزمة التركية هي ازمة نقدية فحسب ويمكن معالجتها على المدى القصير أو المتوسط، بل أزمة حقيقية ومؤثرة جدًا وعميقة على المنتجات الوطنية التركية وتحتاج إلى معالجة قومية هادفة إلى الصمود في وجه الحرب الاقتصادية وتخطيها أو تسوية أسباب الأزمة السياسية مع أمريكا التي أججت الأزمة الاقتصادية. ولا شك أن أبسط المعالجات وأسرعها هو توفير بدائل للصادرات التركية من الألمنيوم والصلب تغطي الفجوة التي أحدثتها العقوبات الأمريكية. هذه الفجوة من السهل سدها في ظل وجود طلب أوربي أو صيني أو إيراني أو روسي أو هندي بديل من شأنه أن يستهلك فائض الإنتاج التركي المذكور. لكن الحرب الاقتصادية هذه المرة شرسة إلى الحد الذي تضغط فيه أمريكا لتوفير بديل عن المنتج التركي للأسواق العالمية ومن ثم كسر عصب الإنتاج القومي التركي. وهذا واضح من خلال مضاعفة الرسوم وموقف أمريكا المحتمل برفع الإجراءات العقابية إلى مستوى العقوبات وتهديد من يخرق العقوبات الاقتصادية التي تفرضها كما هو الحال مع إيران".

المقايضة 

وأنهى د. شريم كلامه:" إن توجه الحكومة التركية إلى تجاوز هذه العقوبات الصارمة والكبيرة بعلاقات تجارية مباشرة على أساس المقايضة أو العملات المحلية مع عدد محدود من الاقتصاديات العالمية مثل روسيا وإيران والصين هو حل ملائم كردة فعل عاجلة للمحافظة على رواج الإنتاج القومي التركي، ولكن لا يمكن التنبؤ بكفاءته وكفايته كمَّا لسد فجوة العقوبات. لا شك أن توسع هذه المساحة القائمة على المقايضة بحيث تشمل دولًا أكثر سيكون أمرًا جيدًا لكن في الحقيقة لا توجد نجاحات مماثلة يمكن البناء عليها".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]