كشف مراقب الدولة في إسرائيل، أمس الأربعاء، في تقريره السنوي عن تقصير الشرطة وفشلها بمكافحة العنف وجمع السلاح في المجتمع العربي وتعزيز الأمان، خصوصًا بالعامين 2015-2016 .

لا جديد

حول هذا التقرير، وتقييم الشارع العربي لعمل الشرطة، تحدث مراسلنا مع عدد من الشخصيات، وقال النائب د. يوسف جبارين، عضو لجنة التربية البرلمانية، الذي يتابع قضايا العنف وقدّم العديد من الاستجوابات بالموضوع: "معطيات تقرير مراقب الدولة لم تفاجئنا، وكنا قد كشفنا عن بعضها من خلال استجوابات لوزير الأمن الداخلي واشرنا الى خطورتها، كما وكنا قد اجتمعنا مع مراقب الدولة ضمن طاقم العنف في القائمة المشتركة. أرى من الأهمية الآن ان هذه المعطيات تنشر بشكل رسمي من قبل مراقب الدولة، الذي ندعوه الى مواصلة متابعة الموضوع لكي يضغط على الشرطة واحهزة تنفيذ القانون لتغيير سياساتها."

وأضاف جبارين: "في دولة طبيعية كان من المفروض ان تؤدي المعطيات الى زلزال يهزّ اجهزة تنفيذ القانون، فما معنى ان تكون 95‎%‎ من حالات اطلاق النار في داخل البلدات في الدولة هي بالبلدات العربية؟ وما معنى التخاذل الخطير للشرطة ولاجهزة تنفيذ القانون والتقاعس بتقديم لائحات اتهام؟ في محطة الشرطة بام الفحم تبلغ نسبة تقديم لوائح الاتهام 1.2‎%‎ فقط من ملفات التحقيق بهذه الجرائم، وفي الناصرة 3.7% من وفي منطقة الطيبة 3.4%! هذه المعطيات تدين الشرطة بوضوح وهي بمثابة لائحة اتهام ضد الحكومة وضد كل اجهزة تنفيذ القانون في الدولة، وهي تؤكد على موقفنا بأن الشرطة معنيّة باستمرار هذا العنف والاحتراب الداخلي في مجتمعنا".

وأنهى جبارين: "في ظل حالة العنف المستشري الّتي نعاني منها والّتي تفقدنا الأمن والأمان، وفي ظل إهمال الشرطة والسُلطات المسؤولة عن تطبيق القانون، من الواجب علينا التكاتف والتعاضد أكثر من أي وقت سابق، وعلينا إعلاء صرخة مجتمعية واحدة من أجل طرد العنف والجريمة والسلاح من بلداننا العربية".

يجب الضغط على الشرطة


بدوره، قال رئيس لجنة مكافحة العنف في المجتمع العربي المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا - النائب السابق طلب الصانع لـبكرا:"التقرير لا يأتي بجديد وانما يؤكد على المعروف لنا جميعا وهو غياب الشرطة والردع في القرى والمدن العربية ، عدد الملفات الجنائية التي تصل للمحاكم قريب من الصفر ، وعدد المحققين قليل ، وغياب كاميرات للتوثيق والمتابعة .التقرير هو لائحة اتهام ضد الشرطة ومكافحتها للعنف والجريمة في المجتمع العربي . المطلوب ان تكون متابعة قضائية وشعبية وبرلمانية من اجل ارغام الشرطة الى تحويل التوصيات الى برنامج عمل للحد من ظاهرة العنف والجريمة".

الشرطة الإسرائيلية ما زالت لا تفهم ولا تعي وظيفتها الصحيحة في المجتمع العربي


من ناحيته، قال مدير مركز المساواة والمجتمع المشترك في چفعات حبيبة - محمد دراوشة لـبكرا:"الشرطة الإسرائيلية ما زالت لا تفهم ولا تعي وظيفتها الصحيحة في المجتمع العربي. فهي على الأغلب تعتبرنا عدو يجب السيطرة عليه بدل اعتبارنا مواطنون يجب خدمتهم. وهذا يتجلى بعدة أشكال، أهمها الإهمال الممنهج التي يسمح بحالات الإنفلات الأمني في بلداتنا العربية، شريطة ان لا ينسكب هذا الإنفلات الى البلدات اليهودية؛ إضافة الى الرعاية والتسامح مع عائلات اجرام، ومجرمين صغار وكبار، شريطة ان يتعاون هؤلاء مع الشرطة ويصبحوا مخبرين أوفياء في القضايا الأمنية التي تعني الشرطة اكثر من القضايا الجنائية؛ وأيضاً انعدام الثقة بين المواطن العربي والشرطة لانها تنتهج غالباً دور يد السلطة القامعة وخاصة خلال المظاهرات وخلال وحماية تنفيذ أوامر هدم البيوت العربية.دور الشرطة السلبي والذي ينعكس بحضور ضئيل في مجال الخدمات الشرطية هو العامل الرئيسي خلف العنف القاتل، والذي يجثم على صدر مجتمعنا، مانعاً منه التطور الاقتصادي والاجتماعي السليم".

أوضح دراوشة، انّ، قدمت الكثير من التوصيات واوراق العمل التي تعطي برامج وحلول، ولكن يجب تخصيص الميزانيات اللازمة لهذه الحلول وليس فقط عرضها في جلسات للكنيست او في المؤتمرات والندوات المختلفة.

لفت دراوشة الى ان:" في امتحان النتيجة فان الشرطة تحصل على علامة الفشل في علاج العنف المشتري والمتنامي في بلداتنا".

خلُص تعقيبه بالقول الى انّ:" وهنا يأتي دور مؤسساتنا في محاولة احتواء العنف بالطرق الاجتماعية، والتربوية، والتوعوية، ولكن لن تكون لذلك فاعلية كافية بدون وجود شرطة تقدم الخدمات اللازمة في الوقت المطلوب".

التقرير مهم

بدوره، عقبّ المحامي رضا جابر من مركز "أمان" لمجتمع امن بحديثه مع بكرا قائلا:" على الرغم من ان التقرير أكد المؤكد ولم يأتي بالجديد ولكنه تقرير مهم ويجب استثماره. المشكلة الاساسية في التقرير بانه لم يتطرق لجوهر سياسة الشرطة في المجتمع العربي وهو عقلية الشرطة كمؤسسة تبنت سياسة الحكومة اتجاه المجتمع العربي، سياسة اساسها التعامل الاخر المتسم بالمراقبة والسيطرة بل والعداء. فكفكة هذه الذهنية هو اساسي لكي يتم تغيير جذري بأداء الشرطة اتجاهنا. ولكن هذا لا يمنع بان نؤكد ونعمل على متابعة يومية لعمل الشرطة والتأثير عليها لان اي تغيير ولو كان صغيرا له نتيجة يجب البحث عنها وتعزيزها.
أمر آخر هو ان التقرير تكلم بلغة الشرطة ومفرداتها: العرب لا يتعاونون، مشكلة في التجنيد، مشكلة في ايجاد اراض لبناء محطات الشرطة. وهذا منع اتخاذ توصيات عميقة وجدية".

وأنهى كلامه قائلا:" لذلك، يجب دراسة التقرير دراسة جدية ومتابعته وعدم الابقاء عليه كالتقارير الاخرى".

ردّ الشرطة


ردّا على تقرير مراقب الدولة، عمّم الناطق بلسان الشرطة للاعلام العربي، الرائد وسيم بدر بيانا وزّع على وسائل الاعلام وجاء فيه:"ردّاً على ما نشرتم بشأن تقرير مراقب الدولة عن تعامل شرطة إسرائيل مع العنف والجريمة في المجتمع العربي، للاسف الشديد حوادث إطلاق النار تحدث في كثير من الأحيان في المجتمع العربي في إسرائيل ، ومعظمها في سياق نزاعات داخلية التي تتصاعد إلى عنف.شرطة اسرائيل تعمل بإصرار على مدار الساعة للحد من حيازة وتجارة الاسلحة واستخدامها بشكل غير قانوني في أي وقت واي ومكان. هذا إلى جانب تحقيقات جذرية ومهنية لكل حادثة اطلاق نار، والقاء القبض على الجناة ومحاكمتهم بشكل صارم.هذا النشاط الذي أدى إلى ضبط كميات كبيرة من الأسلحة غير القانونية دون سابق مثيل، لا سيما في الوسط العربي".

جاء في بيان الشرطة، في عام 2017 ضبطت الشرطة الآلاف من الأسلحة وألقي القبض، في جميع أنحاء البلاد على 2225 مشتبه. هذا وتم تقديم 1137 لوائح اتهام ضد مشتبهين بجرائم الأسلحة غير القانونية - نسبة التي تشكل زيادة قدرها حوالي 10٪ في عدد الحالات التي تم بها القاء القبض على المشتبهين وزيادة بنسبة 40٪ لتقديم لوائح اتهام في هذا المجال ( مقارنة مع عام 2016).فيما يتعلق بالتعامل مع حالات إطلاق النار ، شهد عام 2017 انخفاض بنسبة 16 ٪ في عدد الحوادث الواردة في مركز الشرطة.كما وشهد الربع الأول من عام 2018 زيادة كبير وصلت الى 40٪ في حالات القاء القبض على المشتبهين في هذا المجال وارتفاع دون سابق مثيل بنسبة أكثر من 75٪ في تقديم لوائح الاتهام ضد المتورطين في حوادث إطلاق النار خلال الفترة نفسها نسبة للعام الماضي".

أشار البيان الى انّ:" في السنوات الأخيرة ، تعمل شرطة اسرائيل بالتعاون مع وزارة الأمن الداخلي على أساس خطة متعددة سنوات لتعزيز خدمات الشرطة في المجتمع العربي في إسرائيل من خلال مديرية الشرطة لتطوير الخدمات للمجتمع العربي التي اعدت خصيصا للتعامل مع هذه القضية الهامة. خلال هذه الخطة يتم تعزيز جميع المرافق المركزية في مراكز الشرطة خصوصا في المجتمع العربي من خلال اضافة عدد الشرطيين في هذه الاماكن خصوصا في مجال التحقيق.بالإضافة إلى أنشطة تطبيق القانون، نواصل تعميق وتوسيع خدمات الشرطة في الوسط العربي ككل ونقوم باستمرار بأنشطة الوقاية وتوعية من أجل تغيير معايير ومفاهيم احترام القانون والامتثال له.

في هذه الأيام، يعمل طاقم خاص في الشرطة بالاشتراك مع شرطة جيش الدفاع الاسرائيلي بهدف إنشاء وحدة مشتركة لمكافحة سرقة ألاسلحة من الجيش هذا الى جانب إجراءات تهدف تعزيز الشراكة في العمل بين الشرطة والجيش والامن العام - الشاباك، بما في ذلك إنشاء مركز معلومات يتعلق بموضوع الاسلحة، وإدخال وسائل متقدمة تكنولوجيا الى حيز العمل، وتنفيذ برامج الوقاية الخاصة للشباب وتعزيز الاجراءات لتحويل العقوبة لصارمة اكثر ضد المجرمين في هذا المجال الى جانب اجراءات اخرى.بالإضافة إلى ذلك ، تعمل الشرطة على زيادة التعاون وتعزيز ثقة الجمهور العربي بالشرطة. هناك مشكلة ثقة في جميع المؤسسات الحكومية في إسرائيل ، بما في ذلك الشرطة. إضافة الى إنشاء مراكز جديدة للشرطة في الوسط العربي، تعمل الشرطة في مجموعة متنوعة من الطرق لضم اكبر عدد متعدد الثقافات من الشرطيين بهدف ان يشعر المجتمع العربي انه جزء من الشرطة، وفقا لذلك شهدت المعطيات زيادة كبيرة في ضم افراد للشرطة من المجتمع العربي في إسرائيل، ضم عرب مسلمين ومسيحيين الى صفوف الشرطة يدل على تغيير في المجتمع العربي نحو شرطة إسرائيل وارتفاع الثقة بها".

وأنهى البيان:" علينا أن نتذكر أن التغيير لا يحدث بين عشية وضحاها، ولا يقتصر على الشرطة وحدها، حتى لو هي التي تتعامل مع ظواهر الجريمة بعد عدم النجاح في اطار المدرسة والتسرب منها، الى جانب خيبة الأمل، من انعدام فرص العمل وفجوة في التعليم والصحة وغيرها.

في نهاية المطاف ، وعلى الرغم من جميع العقبات والصعوبات التي تحولت الى قسم من المشكله نفسها ، ستواصل الشرطة بذل كافة وقصارى جهدها لمكافحة استخدام الأسلحة بشكل غير قانوني وإطلاق النار في الوسط العربي.من الجدير بالذكر في هذا المجال هو، انه من أجل القضاء واستئصال الظواهر الاجتماعية السلبية بما فيها العنف الذي يمس في سريان الحياة الإعتيادي يستوجب الأمر تكاتف في المقام الأول بين القيادات المحلية التي يجب عليها ان تقر وتستنكر الجوانب السلبية لهذه الظاهرة، هذا الى جانب التنديد بها في كل مرحلة.قيادات التي يتوجب عليها ان تشير وتوضح للمجتمع العربي ما هو مقبول وما لا مكان له من تصرف بين المواطنين الممتثلين للقانون والملتزمين به. تعاون كهذا مع المؤسسات الحكومية لا شك سيحدث تغيير ثقافي، بينما الشرطة تعمل لتتطبيق القانون فعلى القيادة ان تشير الى حدود التصرف من ناحية اجتماعية للمجتمع العربي، مما سيؤدي في نهاية المطاف إلى القضاء على العنف وظواهر إطلاق النار".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]