شهد صيف لبنان 2018 العديد من المهرجانات الفنية في مختلف المناطق اللبنانية، لكنّ مهرجانات طرابلس أبت دوماً الا ان تكون التحدّي الأكبر منذ انطلاقتها من جديد في العام 2016، إذ أن عاصمة الشمال ما زالت تصرّ على الصمود والثبات رغم الرياح العاتية التي تعصف في أجوائها.

فمن الفقر المدقع، والحروب الاعلامية والتهميش السياسي والشلل الاقتصادي، قاومت طرابلس جميع انواع التفنّن في إحباطها، وأطلقت صرخة الفرح عاليا ضمن سلسلة مهرجانات أيقظت ذاكرة الأمل من جديد!

وقد بدا لافتاً في صيف هذا العام، تضافر جهود الطرابلسيين لإنجاح موسم المهرجانات، وإذ اجتهد العديد من الجمعيات والفعاليات لدعم مهرجانات طرابلس الدولية بالمشاركة والحضور، أحيت شركة IPlan في المدينة ذكريات ليال جميلة انقطع وصلها 15 عاما، فأعادت "الوسوف" الى قلب طرابلس التي ضمّت حشدا كبيرا من كل الشمال بانتظار وهج "السلطان" بعد مدة طويلة من الغياب!

يقول مدير شركة "ايبلان" مصطفى درباس في حديث لـ "لبنان 24" أن طرابلس التي عانت لسنوات طويلة من القهر والحرمان، يليق بها الفرح، مشيراً الى ان هذه المدينة التي كانت عصيّة على الجميع، لا يمكن أن تكون حكراً لأحد، والمهرجانات والاحتفالات فيها هي من حق كل الطرابلسيين على اختلاف انتماءاتهم السياسية، فلا يجوز أن نبتر يد التعاون فيما بيننا لإنجاح أي يعمل يخدم طرابلس وأهلها، ويساهم في ازدهارها وتحسين ظروف العيش فيها.

وفي سؤال عن حجم الإقبال على حفل "سلطان الطرب" وحركة بيع بطاقات الدخول، اعتبر "درباس" أن الإقبال كان لا بأس به، وعزا ذلك الى عدة اسباب أهمها أن الطرابلسين "بيعدّوا للعشرة" مع اقتراب العام الدراسي حيث يجاهدون في تحمل اعباء النفقات التي تترتب على المواطنين مع بداية شهر ايلول، وأضاف درباس أن كمّ الهجوم الذي تعرّض له على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف السعي لتفشيل المهرجان، لم يحبط عزيمته أبدا، بل أصرّ على مواصلة نشاطه انطلاقا من مبدأ "طرابلس للكل"

وحول ما إذا كان يعتبر أن نجم الوسوف قد أفل، لا سيّما بعد سنوات من المرض والتعب، يقول درباس: سلطان الطرب يبقى سلطان الطرب في قلوب اللبنانيين والعرب، لكنّ السياسة أفسدت كل شيء في هذا الوطن، حيث أن الناس انقسموا ما بين مؤيد ومعارض لفصل الفنّ عن السياسة، وهذا الانقسام كان دوما انجح طريقة لمعاقبة المدينة منذ معارك طرابلس السابقة الى يومنا هذا!

وإذ سُجّل مشاركة رئيسة جمعية "طرابلس حياة" السيدة "سليمة اديب ريفي" في مهرجان جورج وسوف، استنكر بعض الحضور أن يُستثمر الفنّ في خدمة السياسية، متسائلين عمّا إذا كانت النائب ديما الجمالي، مفوّضة رسميا من قبل الرئيس سعد الحريري بتمثيله، بعد أن قاطع "تيار المستقبل" مهرجانات "طرابلس الدولية" مستغربين أن تعلن جمالي عن دعمها للمهرجان من خلال مساهمة مالية، معتبرين أن "النكايات" السياسية قد بلغت ذروتها من قبل "التيار الازرق" في طرابلس!

وإذ تحدّثت مصادر مطّلعة عن أن النائب "ديما الجمالي" اشترطت على مدير شركة IPlan مصطفى درباس، المشاركة من خلال كلمة لها من على مسرح معرض رشيد كرامي الدولي قبل الموافقة على الدعم المالي لتغطية المهرجان، او تأكيد الحضور، رفض "درباس" الخوض في التفاصيل، معتبرا أن "لا شأن له في التناحرات السياسية ويفضّل أن يبقى على الحياد مركّزا جهوده لدعم ما يقدّم الأفضل لمدينة طرابلس"

ليلة من الف ليلة، أمضاها جمهور "الوسوف" المتوافد من كل الشمال، وفي كل صرخة "ابو وديع"، بصمة تدلّ على أن سلطان الطرب لا يمكن أن يخفت وهجه في قلوب اللبنانيين، جورج وسوف الذي بادل الطرابلسيين الحبّ والوفاء، غنّى حتى منتصف الليل بوقفة عزّ هزمت لعنة التعب وحنجرة صدحت في أفق الذكريات لم تطلها قسوة المرض!

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]