في أجواء غير معهودة ملؤها تفاؤل وإصرار وشغف يشد القادة في العالم نحو التغيير، تم افتتاح المؤتمر الأضخم "مدن من أجل المناخ C40 Cities"، ضمن مؤتمر المناخ العالمي الذي عقد في سان فرانسيسكو وامتد على مدار يومين.

ترتبط C40 Cities والتي ترأسها السيّدة آن هيدالجو عُمدة باريس ويشغل منصب رئيس إدارتها السيّد مايكل آر بلومبرغ عمدة مدينة نيويورك، بأكثر من 90 مدينة من أعظم مدن العالم، حيث تمثل أكثر من 650 مليون شخص، كما أنها تمثل ربع الاقتصاد العالمي. تركز C40 على معالجة تغير المناخ ودفع العمل في المناطق الحضرية التي تقلل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والمخاطر المناخية، مع زيادة فرص الصحة والرفاهية والاقتصادية لمواطني المدن.

وعليه، فإن تحقيق أعلى هدف من اتفاقية باريس - الحفاظ على زيادة درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية – يتطلب من المدن في أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا الحد من انبعاثاتها في موعد لا يتجاوز عام 2020 ، مع وصول جميع المدن عالميا إلى نفس المستوى بحلول عام 2030.

27 مدينة في جميع أنحاء

حيث يكشف تقرير كانت قد أصدرته C40 أن 27 مدينة في جميع أنحاء العالم قد وصلت بالفعل إلى ذروتها في الانبعاثات قبل عام 2012، وهو آخر عام يمكن من خلاله تحديد القمة.

في المقابل، ذكر تقرير C40 أن العديد من المدن الأخرى في العالم تسير على الطريق الصحيح للحد من انبعاثاتها بحلول عام 2020. وعلى إثره، شهد ثلث شبكة المدن C40 انخفاضًا في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري خلال فترة خمس سنوات، محققةً انخفاضًا بنسبة 10٪ على الأقل في ذروة الانبعاثات، حيث تمثل هذه المدن 54 مليون مواطن حضري و6 تريليون دولار في الناتج المحلي الإجمالي.

وكشفت أبحاث إضافية أجرتها C40 أن "المحركات الرئيسة للمدن من أجل تحقيق خفض ذروة انبعاث غازات الدفيئة تتمحور حول إزالة الكربون من شبكة الكهرباء، تحسين استخدام الطاقة في المباني، توفير بدائل أنظف وبأسعار معقولة للسيارات الشخصية، الحد من النفايات وزيادة معدلات إعادة التدوير".

وكشفت الأبحاث أيضًا عن قدرة المدن على خفض انبعاثاتها من خلال العمل الجريء في المناخ والاستثمار في البنية التحتية والسياسات المستدامة. كما أظهرت أهمية التعاون مع الحكومات والشركات الوطنية والإقليمية العاملة داخل المدن من أجل توفير بيئة العمل الجماعي اللازم لخفض الانبعاثات.

إنجاز لا يصدق

"إنه إنجاز لا يصدق بالنسبة لهذه المدن الـ27، بما في ذلك باريس، أن تصل إلى ذروتها على مستوى الانبعاثات" قالت رئيسة بلدية باريس ورئيسة C40، السيّدة آن هيدالغو، وأضافت “كأعظم حماة لاتفاق باريس، برهن رؤساء بلديات مدن العالم الكبرى مرة أخرى أن المدن تقوم بإنجاز المهمة".

وأردفت قائلة "إن التزام الكثير من زملائي من رؤساء البلديات بالتوصل إلى أعلى طموح في اتفاق باريس، والتفاني الذي شاهدته من العديد من المدن والأعمال التجارية والمواطنين هنا في قمة العمل العالمي للمناخ، يعني أن العديد من المدن الأخرى ستحقق هذا المهمة الرئيسة قبل عام 2020".

توتر 

أمّا عن السيّد خوكون رئيس بلدية داكا عاصمة بنغلادش، فقال في حديث معه حول تأثير المناخ على المنطقة:" في منطقة كداكا تبلغ مساحتها 42 كيلومترا مربعا فقط، لدينا 12.5 مليون نسمة، تغير المناخ لا يزيد إلّا من التوتر وشدة الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والعواصف والأعاصير، وهذا ما يجبر الناس على الهجرة من المناطق الريفية إلى مدينة دكا".

وأضاف: "بعد الهجرة، يفقد المواطنون وظائفهم، ما يضعنا أمام تحدٍ كبيرٍ وهو رعاية هؤلاء الأشخاص الذين هم بلا مأوى وعمل ويعيشون حياة صعبة للغاية".

وأردف قائلًا: "تتخذ مدينة الكثير من المبادرات لمواجهة التحدي الذي يشكله تغير المناخ". "قمنا ببناء عدة مبانٍ من 6 طوابق لإعادة تأهيل النازحين. طورنا 70 مطمرًا و24 محطة لإدارة النفايات. كما أننا نشجع البستنة على السطوح من خلال إدارة الحوافز الضريبية ".

حلول مطروحة

وفي حديث آخر أجريناه مع السيّد لندن بريد، عمدة سان فرانسيسكو، قال: "إنه في الوقت الذي تتراجع فيه الإدارة الفدرالية عن حماية البيئة، تواصل سان فرانسيسكو قيادة المعركة ضد تغير المناخ".

وقال بريد: "لقد بلغت انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري ذروتها في عام 2000. ومنذ ذلك الحين نجحنا في خفض الانبعاثات بنسبة 30٪. لقد قمنا بتنمية اقتصادنا بنسبة 111٪ وزاد عدد سكاننا بنسبة 20٪. ولكن من أجل تحقيق طموحات اتفاق المناخ في باريس تحقيقًا كاملاً ، يجب أن نستمر في تقديم التزامات جريئة والتعجيل بالإجراءات التي تعمل على تقليل الانبعاثات. علينا أن نتحرك بشكل أسرع نحو مستقبل الطاقة النظيفة ".

وكان من بين المشاركين في القمة أيضًا السيّد اريك غارسيتي رئيس بلدية لوس انجليس، السيّد زانديلي غوميدي عمدة ديربان، السيّد فدريكو غوتيريز عمدة ميدلين ، السيّد فرانك جنسن عمدة كوبنهاغن والسيّد جيوسيبي سالا عمدة ميلانو.

حيث أكدوا جميعهم على بلوغ أهداف التنمية المستدامة بعد أن شارك كل منهم بتجربته الخاصة بإنشاء مسارات ووضع خطط عمل جريئة وطموحة لمحاربة تغير المناخ بحلول 2020 تتجاوز الالتزامات الوطنية لتحقيق أعلى أهداف اتفاقية باريس على المستوى المحلي.

اختتم رؤساء بلدات المدن المؤتمر بتوجيه رسالة جادة مفادها "خففوا من بصمتكم الكربونية".

هذا التقرير بدعم من زمالة "شراكة وسائل الإعلام لأجل تغير المناخ 2018" – بالتعاون ما بين "انترنيوز" – شبكة صحافة الأرض ومنظمة "ستانلي". 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]