تم مؤخرًا تعيين البروفسور دانييل هرشكوفيتس لمفوّض سلك خدمات الدولة، حيث تنتظره مهمة هامة ألا وهي النهوض بمجال التمثيل اللائق للمواطنين العرب في سلك خدمات الدولة. تكشف معطيات نشرها قسم التنويع التشغيلي في مفوضية خدمات الدولة عن حجم التحدي الماثل أمامه.
بالرغم من أن نسبة العاملين العرب في سلك الدولة بتصاعد مستمر، وتصل اليوم إلى %11.3 إلا أنه في 15 وزارة لا يوجد ولو موظّف عربي واحد، وفي 32 وزارة كانت نسبة تمثيل الموظفين العرب أقل من %5. زد على ذلك أن %0.3 فقط من مجمل الموظفين العرب يشغلون وظائف إدارية رفيعة المستوى.

من الجدير بالذكر أن التمثيل اللائق للمجتمع العربي في خدمات الدولة هو أمر يُلزم به القانون. لكن، في حين ينصّ القانون على وجوب التمثيل اللائق لعدد من المجموعات السكانية– كالنساء، ذوي الإعاقات، الحريديم، الإثيوبيين، العرب والقادمين الجدد- فإن جهود الحكومة ليست متكافئة بنفس القدر تجاه كل مجموعة من مجموعات الهدف هذه؛ قرارات الحكومة وتعديلات مختلفة على القانون على مدار السنوات أدى إلى فجوات وفوارق في الطريقة التي تنتهجها الحكومة لتطوير التمثيل اللائق.

في الحقيقة، هناك منطق في تلك الفروقات، فالمجموعات المختلفة تحتاج إلى حلول مختلفة. لكن، المقارنة العميقة تبين بأن بعض المجموعات حظيت باهتمام حكومي أكبر، إذ وضعت لها أهداف أكثر طموحًا ووفِّرت لها أدوات أكثر تنوّعًا مما قدّم لمجموعات أخرى. النتيجة عمليا هي بأن الدولة تستثمر موارد وجهودا أكبر بكثير في تطوير مجموعات معينة، وموارد وجهودا أقلّ في تطوير مجموعات أخرى، وبالأساس الجماهير العربية.

بهذه الطريقة، تعمل الحكومة على دفع جمهور الحريديم والنساء لوظائف رفيعة في سلك خدمات الدولة كما في برامج الطليعة الإدارية للنساء وفي برامج الطليعة الأكاديمية للحريديم. كما تم اتخاذ قرار بتمرير ورشات في موضوع المساواة الجندرية لأعضاء لجنة التوظيف، لجان الفحص ومراكز التقييم من أجل منع التمييز على أساس جندري في عمليات انتقاء المرشحين وتصفيتهم للعمل في سلك خدمات الدولة، كما تعقد لقاءات توعوية في القدس وبني براك من أجل رفع الوعي في أوساط الحريديم لوظائف في سلك الدولة. جميع هذه النشاطات هامة ومباركة.

لكن الحاجة لزيادة الانكشاف على وظائف في سلك الدولة ضرورية أيضًا في المجتمع العربي، حيث لا يُعرَف الكثير عن سلك خدمات الدولة.

إن الحاجة لترقية موظفين لمناصب رفيعة المستوى، ضرورية أيضًا للعاملين العرب في سلك الدولة، الموجودين بغالبيتهم الساحقة في المستويات المتدنية من الهرم الوظيفي.

إن الحاجة لضمان أن تكون عمليات الاختيار والتصفية متساوية، هي ضرورية فيما يتعلّق بالمجتمع العربي، الذي يعاني مرارًا من تمييز في سيرورات التصفية ومن عدم فهمه ثقافيًا.

مع ذلك، لا يجري تطبيق هذه الأدوات في المجتمع العربي. لقطع الشك باليقين، فإنني لا أدعي هنا أنه يجب المسّ بالجهود لتطوير التمثيل اللائق للنساء أو للحريديم (ليست لعبة مُحصّلتها صفر). كذلك، لا أرمز هنا إلى أن أداة السياسة التي عملت بها الحكومة تجاه الجماهير العربية كانت غير مجدية.

لكن التحدي الماثل أمام مفوّض خدمات الدولة الجديد لتطوير تمثيل لائق لأبناء وبنات المجتمع العربي يتطلّب مواجهةً مع جميع العوائق الماثلة أمام دمجهم في سلك خدمات الدولة.

آخذين بعين الاعتبار أنه قد مرّ عقد منذ القرار الحكومي الأخير والمتعلّق بالتمثيل اللائق لموظفين عرب، عناك حاجة لبحث مُجدّد في الوضع وتبني أدوات إضافية، جزء منها قائم ومعمول به، لكن ليس مع أبناء وبنات المجتمع العربي.
هناك حلول أخرى، مثلاً يمكن إقامة مراكز لموظفي الدولة في الشمال من أجل التغّلب على العائق الجغرافي؛ دمج طلاب عرب أكثر ليكتسبوا الخبرة والأقدمية التي تتيح لهم التقدّم لمناقصات داخلية او تحويل أكاديميين عرب لوظائف مرغوبة في سلك الدولة.
المشاكل معروفة والحلول موجودة، ما ينقص الآن فقط إخراجها إلى حيّز التنفيذ.

* جروفي هو مسؤول مجال التشغيل، قسم السياسات المتساوية، جمعية سيكوي، المقال نشر بالمقابل في الصحافة العبرية أيضا.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]