مع نهاية الأسبوع، برزت مجموعة من التوجهات الإسرائيلية التي سيكون لها انعكاس سلبي على الفلسطينيين.
كشفت هذه التوجهات عن مدى الانحراف العنصري اليميني في الدولة العبرية، ولعلّ أبرز هذه التوجهات قرار «العليا الإسرائيلية» تشريع التعذيب في سجون الاحتلال.
«العليا الإسرائيلية» باعتراف محلّلين إسرائيليين أمست أداة دفاع عن اعتداءات الاحتلال وجرائمه المخالفة للقوانين الدولية وحتى الإسرائيلية، بدءاً بتشريع هدم القرى والترحيل القسري للأشخاص المحميين، ومصادرة الأراضي، وإقامة البؤر الاستيطانية وغيرها، بعد أن أصبح قضاتها في معظمهم من المستوطنين أو المؤيدين لليمين الإسرائيلي.
«العليا الإسرائيلية» رداً على التماس من أسير فلسطيني سابق من حركة حماس - أكد فيه أن محقّقي «الشاباك» عذبوه لانتزاع اعترافاته، وطالب بإعادة فتح الملف والتحقيق مع المشتبهين بتعذيبه - أكدت في قرارها «أنه لا يمكن إثبات أن الأساليب الخاصة التي استخدمت في التحقيق مع المدّعي تعتبر تعذيباً، على الرغم من أن مسؤولي «الشاباك» اعترفوا بأنهم استخدموا أساليب سرية خاصة لا يمكن الكشف عنها في المحكمة خلال التحقيق مع الأسير، ومع ذلك اقتنعت المحكمة برواية المخابرات الإسرائيلية.
حسب قضاة إسرائيليين، فإن هذا القرار من شأنه أن يسمح باستخدام الأساليب السرية (التعذيب) ضد الأسرى الفلسطينيين. علماً أن التعذيب شرعن سابقاً ولكن في حالة واحدة وهي أن يكون المعتقل «قنبلة موقوتة»، أي لديه معلومات عن عملية مسلحة.
قرار المحكمة الإسرائيلية الجديد قد يكون سابقةً لإعادة تشريع التعذيب ضد الأسرى في سجون الاحتلال.
السؤال هنا، ما هو التحرك الفلسطيني في مواجهة هذا القرار المخالف للقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
التوجه الثاني، هو الخلاف بين أقطاب وزارة الخارجية الإسرائيلية حول مستقبل المراقبين الدوليين في الخليل، حيث إن هناك تياراً يرغب في إبقاء هذه القوة على أساس أن في بقائها مصلحة لإسرائيل، كون وجود المراقبين وفق بعض المسؤولين في الخارجية الإسرائيلية يحدّ من التدخل الأوروبي في شؤون الخليل، ما دامت هذه القوة مطلعة على الأوضاع الداخلية وتقدم تقاريرها دورياً، وهذا بحدّ ذاته يعفي الاتحاد الأوروبي من أي ضغوط على الإسرائيليين. في المقابل فإن مستوطني الخليل - وهم الأكثر تطرفاً وعنصرية - يطالبون بإنهاء مهام هذه القوة الدولية التي تشكّلت عقب مجزرة الحرم الإبراهيمي في العام 1994 بحجة أنها موالية للفلسطينيين، وأنها لا تحترم القانون الإسرائيلي وغيرها من التهم.

من الواضح أن التحرك الفلسطيني في هذا الاتجاه غير واضح، هل نحن مع إبقاء هذه القوة؟ وكيف السبيل إلى ذلك؟ علماً أن الاتفاق تم بين السلطة وسلطات الاحتلال في حينه على إقامة هذه القوة.
السؤال الآخر فلسطينياً: هل هذه القوة تقوم بالتغطية على جرائم المستوطنين وتتساهل في تقاريرها المرفوعة أم أن وجودها يحد من الاعتداءات الاستيطانية، وهل هناك تقييم فلسطيني شامل لوجود هذه القوة؟
التوجه الثالث برز في كراس أصدره معهد بحوث الأمن القومي الإسرائيلي، مؤخراً، ودعا فيه إلى وضع استراتيجية إسرائيلية جديدة تجاه الصراع الفلسطيني والإسرائيلي. الاستراتيجية الجديدة حسب المعهد الإسرائيلي يجب أن تأخذ في الحسبان الأوضاع الأمنية والمدنية والاقتصادية والدولية حتى يكون تنفيذها سلساً.
حسب الرؤية الإسرائيلية، فإن التوجهات المقبلة تقوم على نسف حل الدولتين ودفع قضايا الحل النهائي مثل القدس واللاجئين والحدود إلى مرحلة بعيدة المدى مع استمرار حرية عمل جيش الاحتلال في الضفة الغربية.
المعهد الإسرائيلي يطالب بأخذ المتغيرات الدولية والإقليمية بالاعتبار في الاستراتيجية الجديدة.
فلسطينياً: هل تم الاطلاع على كراس المعهد الإسرائيلي؟ وهل تمّت دراسته بعمق من أجل معرفة كيفية الردّ على هذه الاستراتيجية المقترحة؟ والسؤال الأصعب ربما: هل يمكن بناء استراتيجية فلسطينية مقابلة في ظل الأوضاع الداخلية وحالة الانقسام، والمواقف العربية والإقليمية الجديدة؟ هي مجرد أسئلة؟!

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]