ستعود غالبية النساء العاطلات عن العمل إلى سوق العمل اعتبارا فقط من الربع الأخير من العام الجاري 2020، بعد عودة الأطفال إلى الأطر التربوية. هذا ما تتوقعه الجهات الرسمية وغير الرسمية المعنية بموضوع النهوض بالفئات المستضعفة. بحسب معطيات مصلحة التشغيل، 57% من العاطلين الجدد عن العمل هم من النساء. "ما تزال شريحة النساء في إسرائيل مصدراً ثانيا للدخل، ولذلك فإنهن أكثر تضرراً. سيتواصل هذا الضرر باللحاق بهم طالما لم تعد الأطر التربوية للعمل المنتظم"، كما تقول مديرة إحدى الجمعيات المعنية، وتضيف: "من المتوقع أن يكون الضرر الأكبر هو الضرر الذي يلحق بالنساء العربيات اللاتي ارتفعت نسبة انخراطهن في سوق العمل خلال السنوات الماضية".

وتشرح ورقة عمل أعدتها جمعية "بعتمسي – بنفسي" أن الكثيرات من العاطلات عن العمل هن نساء يعملن في مجال السياحة، حيث ليس من الواضح متى سيجدن عملاً مرة أخرى. أخريات هن معلمات غير مثبتات يتم تشغيلهن عن طريق الجمعيات. وتشير مديرة الجمعية إلى أن المعلمات اللاتي يعملن عن طريق المقاولين يكنّ عاطلات عن العمل أصلا خلال أشهر الصيف، مما يعني أنه ليس من المتوقع عودتهن إلى العمل بعد الأعياد.

تربط ورقة العمل التي أعدّتها الجمعية بين إغلاق الأطر التربوية وبين دفع النساء في المجتمع العربي باتجاه وظيفتهن التقليدية – المسؤولية عن المرفق المنزلي. بحسب المستند المذكور: "تؤدي هذه الحقيقة إلى تراجع كبير بين النساء، والذي كان قد تم تحقيقه خلال العقد الماضي في المجتمع العربي، حيث شارك عدد أكبر من النساء في إعالة العائلة، بل إن قسما منهن نجحن بتحقيق سيرة مهنية ذات قيمة كبيرة".

عام 2008 أيضا، كانت النساء الأكثر تضرراً...

إذا لم يعد جهاز التربية والتعليم للعمل بموازاة فتح أماكن العمل الأخرى، فإن من ستبقين في البيت – غالبا – هن "الأمهات"، كما تقول مديرة أحد المنتديات النسائية. والشرح الذي تقدمه لهذا الأمر يكمن في تقسيم الوظائف داخل المنازل التي ما تزال تلقي بالقسم الأكبر من العمل على النساء، وفي حقيقة أن النساء يتقاضين أجرا يقل بـ 30% عن الرجال. وتحذر المديرة من أنه في حال استمر الوضع على هذا النحو، فإنه سيؤثر على نسبة مشاركة النساء في سوق العمل، وخصوصا لدى الفئات المستضعفة – أي النساء العربيات والنساء المتدينات. بحسب أقوالها، ستكون لعودة النساء المتأخرة إلى العمل إسقاطات مؤثرة. ومن ضمن ذلك، بحسب ما تقول، سيتم اعتبار النساء على أنهن أقل التزاما بالعمل، الامر الذي سيؤدي إلى الحد من تقدمهن الوظيفي وترقيتهن.

يذكر أن معطيات مصلحة التشغيل التي تؤكد على أن أكثر من نصف العاطلين الجدد عن العمل هم من النساء، إنما تجسّد الفجوة بين الرجال والنساء. لكن في الواقع، يدور الحديث عن فجوة أكبر كثيرا، وذلك نظرا لأن نسبة تشغيل النساء حتى منذ قبل بداية أزمة الكورونا كانت 74% - أقل بكثير من نسبة تشغيل الرجال، والبالغة 82.5% قبل الأزمة. وتؤكد المعطيات أن الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي شهدها العالم عام 2008 أثرت بصورة سلبية على تشغيل النساء حتى العام 2017 – أي بعد عقد كامل. "إذا لم تكن هنالك خطة وطنية لمعالجة المشكلة، فإن الآثار السلبية لهذه الأزمة على عمالة النساء سيصاحبنا لفترة طويلة، لا سنة ولا سنتين".

التمييز في مخصصات البطالة

الضرر اللاحق بعمل النساء، يظهر أنه أكبر في المجتمع العربي. خلال العقد الماضي، طرأ ارتفاع جدي على نسبة النساء العربيات العاملات: من 25.5% عام 2009 إلى 37.5% عام 2019. ومع ذلك، فأن هذه النسبة ما تزال تشكل نصف نسبة عمل الرجال العرب، والتي تصل إلى 76%. ترتبط الطريق إلى سد الفجوة مع الرجال، إلى حد كبير، باكتساب التعليم. حتى بدء الأزمة، كان الاتجاه لارتفاع مستوى التعليم لدى النساء العربيات متواصلا، لكن أصبحت هنالك خشية من توقفه. "ما نخشاه هو أن تعيدنا الأزمة عقدا كاملا إلى الوراء"، كما تقول رئيس نعمت في المثل الجنوبي ميسم جلجولي. تعرض جلجولي معطيات مقلقة جدا بشأن تشغيل النساء في الطيبة وقلنسوة، حيث تبلغ نسبة النساء من مجمل العاطلين عن العمل هناك 45%، بالرغم من أنهن تشكلن الثلث فقط من مجمل القوى العاملة العربية. بحسب أقوالها: "هذا يعني أن الأزمة لدى النساء تكون أكبر بكثير. إذا أرادوا الفصل أو الإخراج إلى إجازة غير مدفوعة الأجر، فإن النساء هن من يخرجن أولا".

إحدى المشاكل الخاصة التي تشير إليها جلجولي هي مشكلة الشابات العربيات البالغات 18-20 عاما. بحسب القانون، يتم منح مخصصات البطالة لمن هم فوق سن 20 عاما فقط، على ما يبدو بسبب الاعتقاد بأنه حتى هذا السن يتواجد الشبان في الخدمة العسكرية أو الوطنية. نظرا لأن الغالبية العظمى من الشبان العرب لا يؤدون الخدمة العسكرية، فإنهم لا يكونون مستحقين لمخصصات البطالة.

يكون الضرر اللاحق بالنساء العربيات أكبر اللاتي يقمن باستغلال هذا الوقت للعمل كبائعات من أجل توفير المال للتعليم. أدى إغلاق المرافق التجارية – وخصوصا المجمعات التجارية – إلى المس بهن بصورة كبيرة. إذا أخذنا بعين الاعتبار أن مستوى الفقر بحسب عدد الأفراد في الأسرة العربية يصل إلى 47.5%، فمن المفهوم أن الكثير من الشابات لا يستطعن تمويل دراستهن دون مثل هذا النوع من التوفير والادخار. يذكر أن مركز مساواة حقوق المواطن العربي كان قد توجه الأسبوع الماضي للتأمين الوطني من أجل دفع مخصصات البطالة للشبان والشابات بين 18-20 عاما أيضا، بغرض "وقف التمييز بحق الشبان العرب بتلقي مخصصات البطالة".  

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]