لا يزال موضوع الاتفاق الذي جرى بين الامارات وإسرائيل يتصدر العناوين الإخبارية وعلى صفحات المواقع الالكترونية ويأخذ الحيز الأكبر من الرأي العام العالمي اليومي وعلى مواقع التواصل الاجتماعية بين مؤيد لخطوة وصفها بالسلام خصوصا وانها نجحت بتأجيل مخطط الضم وبين معارض لما وصفه محاولة فصل الساحة الفلسطينية عما يدور في دول عربية أخرى.

العلاقات بين إسرائيل والامارات موجودة ومستمرة منذ زمن طويل

الكاتب عودة بشارات قال حول هذا الامر ل "بكرا": يجب التشديد الى ان قضية الضم قد انتهت وهو انتصار كبير لأبو مازن بالرغم من محاولة اظهر الامر وكأنه انجاز لنتنياهو، كما ان العلاقات بين إسرائيل والامارات هي موجودة ومستمرة منذ زمن طويل، حتى منذ عشرات السنوات واليوم تم إضفاء الطابع الرسمي على هذه العلاقات بتبادل السفراء ولكن ذلك لا يعني أي تغيير جوهري وهذا الامر يتطلبه واقع التطور الذي يحدث في دول العالم وخاصة دول الخليج من انحياز تام لإسرائيل وخذلان الشعب الفلسطيني.

وأضاف: هذه الخطوة جاءت هدية من ترامب لنتنياهو في معركته الداخلية الصعبة جدا وهي مواجهة ملفات الفساد في المحاكمة وربما هذا الامر سيؤدي الى انتخابات قادمة مبكرة، علما انها لن تساعد نتنياهو كثيرا لعدم وجود حالة حرب بين إسرائيل والامارات لذلك فانه لا يوجد مبرر للفرح. الشعب الفلسطيني اقوى من المؤامرات جميعها ضده، وبدل ان يكون تحقيق السلام مع الشعب الفلسطيني هو مصدر العلاقات مع الدول العربية وبالتالي يجب ان يعتمد على نفسه وعدالة قضيته وان يصد المؤامرات ضده.

اتفاقية الامارات واسرائيل ضربة مؤلمة بخاصرة القضية الفلسطينية

المحلل والخبير السياسي غسان عبد الله والقيادي في العربية للتغيير قال: باعتقادي هذه الاتفاقية لم تكن مفاجئة لنا وخاصة نحن الشعب الفلسطيني في كل اماكن تواجده وهذه ليست الدولة العربية الاولى التي تقيم اتفاقيات سلام وتطبيع كامل مع دولة الاحتلال.

وتابع: حقيقة بالرغم من عدم تفاجئنا الا ان هذه الخطوة تعتبر ضربة مؤلمة بخاصرة قضيتنا الفلسطينية وعدوانا على الشعب الفلسطيني وعلى مشروعه الوطني، بل هي خيانة كبيرة بحق القدس والاقصى المبارك. طبعا من الواضح ان هذه الخطوة المدروسة جيدا والاعلان عنها تحديدا بهذه المرحلة الحساسة بالنسبة لترامب ولنتنياهو اللذان يصارعان على البقاء على كرسي الرئاسة جاءت لتخدمهما ولتكن رافعه لهما سياسيا ولرفع رصيدهما الانتخابي في الانتخابات الوشيكة لكليهما.

ونوه: اما بالنسبة لهذه "المقايضة" القذرة وهي السلام مقابل تأجيل ضم اسرائيل للأراضي الفلسطينية فأنها تدل على عنجهية وغطرسة اسرائيل وامريكا، وكلنا تابعنا بالأمس تصريح مستشار الرئيس الامريكي " كوشنير " قائلا ان تعليق ضم الاراضي الفلسطينية للسيادة الإسرائيلية فهو مؤقتا. وايضا ما قاله نتنياهو ان التأجيل مؤقت ولن يتغير شيئا بموضوع الضم. للأسف الشديد هناك دولا عربيه واسلاميه اخرى ستنضم لجوقة الخيانات وبالتالي الانفراد بالشعب الفلسطيني وقضيته بعد وهذه هي المؤامرة احيكت قبل سنوات بعد ان اكل الثور الابيض.

اعتقد ان التقارب العلني الذي جرى مع سلطنة عمان والبحرين والسودان وقطر جعل غالبية الدول العربية تسعى للسباق المجاني نحو اسرائيل
الإعلامي محمد السيد قال بدوره ل "بكرا": في نظرة تاريخية نرى ان الأنظمة العربية رفعت شعار اللاءات في وجه الصلح والتطبيع مع اسرائيل، وظلت على موقفها الى ان احتلت اسرائيل الأراضي الفلسطينية بالكامل ومرتفعات الجولان وشبه جزيرة سيناء، وقد حاولت تلك الأنظمة الظهور أمام شعوبها كرافضة للاحتلال وسخرت كل امكاناتها في سليل ذلك، الا انها كانت عاجزة حتى عن صد الهجمات الإسرائيلية. وفي خضم الحروب كانت هناك اتصالات للتسوية مع اسرائيل. بعد أن أدرك العرب فشلهم انزلقوا في التفاوض مع اسرائيل في محاولة لاسترداد اراضيهم المحتلة، فكانت البداية مع كبرى الدول العربية جمهورية مصر العربية التي وقع رئيسها انور السادات اتفاق كامب ديفيد مع رئيس وزراء اسرائيل مناحيم بيقن بوساطة الرئيس الامريكي جيمي كارتر. ثم وبعد سنوات طويلة وقعت منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاق اوسلو ولم تتمكن من استرداد ما جاء في اقتراح كامب ديفيد بين مصر واسرائيل الذي نص على انسحاب اسرائيل من الأراضي المحتلة عام سبعة وستين ومنح فلسطين حكماً ذاتياً.
وتابع: ثم وقعت في وادي عربة معاهدة السلام بين اسرائيل والمملكة الأردنية الهاشمية. وفي خضم المفاوضات بين منظمة التحرير واسرائيل أقدمت قطر على فتح مكتب تمثيل لتل ابيب في الدوحة ومكتب لها في اسرائيل، واعتبر ذلك أول تمهيد للتطبيع بين الخليج واسرائيل. الضعف العربي والهرولة نحو التطبيع مع اسرائيل ليست وليدة اليوم، إنما بدأت منذ سنين، وكانت مبادرة السلام العربية التي أقرت في قمة بيروت تحدثت عن التطبيع الكامل بين كافة الدول العربية واسرائيل مقابل الانسحاب من الأراضي المحتلة، لكن اسرائيل ماطلت في الموافقة عليها. بعد تلك المبادرة تجذرت ثقافة التطبيع مع اسرائيل، وما جرى اليوم من اتصال ثلاثي بين نتنياهو، ترامب، والشيخ محمد فهو ليس مفاجئاً البتة، ويرى الإماراتيون في هذه الخطوة انقاذ للفلسطينيين من مخطط الضم الذي كان من المفترض البدء به في مطلع آب الماضي، لكنه تأجل تزامناً مع المقال الذي نشرته الصحف الإسرائيلية للسفير الإماراتي في واشنطن والذي طالب فيه بوضوح بوقف مخطط الضم واقامة دولة فلسطينية لتتمكن الدول العربية من التقدم في السلام.

ونوه: اعتقد ان التقارب العلني الذي جرى مع سلطنة عمان والبحرين والسودان وبالأساس مع قطر اول دولة خليجية تفتح ابوابها لإسرائيل، جعل غالبية الدول العربية تسعى للسباق المجاني نحو اسرائيل. لكن الموقف الإماراتي يختلف كثيراً عن غيره، فهي تعتبر ان ثمن العلاقات مع اسرائيل هو وقف صفقة القرن واقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران. على أي حال فإن حالة التراجع العربي والدمار الذي حل بدولهم وتشبث الأنظمة بالسلطة وقمع الشعوب وتشريدها وكبت الحريات ساهمت في انهيار الثقة بالحكام، ومثل هكذا حكام او منظمات تعودت على الشعارات الجوفاء لا يمكنها اليوم ان تتهم احداً بالخيانة.

التطبيع وكشف بعض المستور

المحلل السياسي والناشط راني حسن قال لـ "بكرا": هاجت وماجت وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي واتخذت المواقف من كافة اطياف المجتمع تجاه اتفاقية السلام التي ابرمت بين الامارات العربية واسرائيل ، متناسين ان هذه العلاقات ليست بالأمر الجديد ولا حدث طارئ يذكر ، فقد جاء على لسان الوزير السابق السيد ايوب القرا انه هنالك تبادل للوفود والزيارات بين الدولتين وعلى صعيد المنطقة الخليجية ككل ، البحرين ، السعودية ، قطر وعمان على ما يبدو سيحذوان حذو الامارات بإشهار الزواج المحتوم طبقا للعلاقات القائمة بينهم وبين الولايات المتحدة ، التوقيت بالتحديد لا يأت صدفة انما وفق متطلبات المرحلة امريكيا واسرائيليا، المقصود الانتخابات الامريكية الوشيكة والتي تتطلب انجازا ما يحققه دونالد ترامب القابع تحت وطأة وظروف اجتماعية وسياسية داخلية تصعب من مهمته بالفوز بالانتخابات القادمة وهذه الاتفاقية قد تكون خشبة النجاة من الازمات المعقدة وعلى راسها وباء الكورونا الذي اصبح مصدر قلق حقيقي للإدارة الامريكية هذا بالجانب الامريكي، اسرائيليا نتنياهو يواجه ايضا ازمة حكومية داخلية وهنالك تباينات واختلافات قد تؤدي به للانفصال عن شريكه حزب كاحول لاڤان وبالتالي الى انتخابات مبكرة، ايضا المظاهرات التي تحصل بكافة انحاء البلاد ازاء التهم الموجهة له بقضايا الفساد تضعه امام معضلة سياسية وشخصية حقيقية تدفع به لعمل اي اتفاقية خدمة لبقائه في سدة الحكم ومن اجل الانتهاء من القضايا القضائية التي قد تنهي عمله السياسي في اي مرحلة مقبلة، مما يدفعنا للقول ان الاتفاقية غير مفاجئة وتصب في خدمة السياسة الداخلية الامريكية والإسرائيلية وما على دول الخليج الا الانصياع والتماشي معها ايضا خدمة لبقائهم واستمرار حكمهم في دول الخليج ، يضاف الى ذلك الانقسام وضعف الموقف الفلسطيني والعربي الذي يستثنى من الصورة والمشهد السياسي القائم.

الامارات، اسرائيل وامريكا: تقاطع بالمصالح الداخلية المحلية والخارجية

الناشطة الاجتماعية الدكتورة مها صباح قالت معقبة: الامارات، اسرائيل وامريكا: تقاطع بالمصالح الداخلية المحلية والخارجية، الاتفاق ليس وليد اللحظة انما بني على مسيرة طويلة من العلاقات السرية (المعلنة) على كافة المستويات السياسية والاقتصادية. الامارات ارادت ذلك كما اسرائيل سعت لذلك بدعم كامل من الولايات المتحدة. يبقى السؤال لماذا الان؟ لان نتنياهو بأمس الحاجة لتتويجه نفسه كصانع التاريخ في اسوأ فترة سياسية يمر بها بالإضافة لخطر محاكمته كمتهم بتلقي رشاوي. وضعية ترامب السياسية لا تقل تعقيدا عن نتنياهو خاصة ان امريكا على ابواب انتخابات الرئاسة في ظل ازمة صحية واقتصادية عميقة! اما الامارات، كما غالبية الدول العربية في الشرق الاوسط، تحركها المصالح الداخلية كنظام حكم مستقر، اتفاقيات اقليمية ودعم خارجي اساسي يتلاءم مع المصالح الداخلية لتلك الدول (كالولايات المتحدة الامريكية).

ونوهت: هذه الخطوة، المخطط لها منذ سنوات طويلة على يد المؤسسة الاسرائيلية، تعني بزعزعة الادعاء المتداول، خاصة على يد الفلسطينيين، انه لا يمكن احلال السلام بالشرق الاوسط لطالما لم تحل القضية الفلسطينية. اليوم، وعند انضمام دول اخرى لهذا الاتفاق، سيسود الواقع: شرق اوسط جديد يعم به السلام بالإضافة للصراع الاسرائيلي-الفلسطيني! ما هو مصير هذا الواقع وما هو مصير هذا الصراع؟ الايام كفيلة بالإجابة، من المهم التوضيح: التنازل (المرحلي) عن موضوع الضم ليس لحسن بالنوايا لدى نتنياهو وترامب، انما لمعيقات جمة عملية وايديولوجية تحول دون تطبيق الضم في هذه المرحلة!

ونوهت الى ان الفلسطينيين عولوا على مدار سنوات الى انه لا يمكن ان يعم السلام في الشرق الأوسط دون حل للقضية الفلسطينية بالرغم من اتفاقية السلام مع الأردن ومصر وأضافت: لكن الى حد معين هاتان الاتفاقيتان لم تنفذا والأجواء اليوم وكأن اتفاق الامارات سيجر اتفاقيات أخرى ما يعني ان كل دول الخليج ستصل الى اتفاقيات سلام مع إسرائيل وبالتالي تتحقق نبوءة الفلسطينيين اذ لا يمكن إحلال السلام دون حل القضية الفلسطينية والتغيير هو تغيير بتفسير الواقع وقواعد اللعبة التي يحاولون إعادة برمجتها، ويطرح السؤال حول الاتجاه الذي سيصله الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بعد هذه الخطوة ذلك يتعلق بالقيادة الفلسطينية.

وتابعت: هذه الاتفاقية هي جزء من النهج الإسرائيلي على اشكاله وهو محاولة فصل الساحة الفلسطينية عما يدور في دول عربية أخرى وعلى ما يبدو انهم نجحوا بذلك.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]