بعد الإمارات والبحرين والسودان، أصبح المغرب رابع دولة عربية يقيم علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل، لكن تاريخ العلاقات بين الرباط وتل أبيب ليس وليد اليوم كما يعتقدُ البعض رغم إغلاق مكتب الاتصال بالعاصمة المغربية الرباط إثر اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000.

ومنذ ما يقرب من 60 عاماً، كانت هناك علاقات بين المغرب وإسرائيل، وإن لم ترق إلى علاقات رسمية بين الجانبين، وهو أمر لم يمنع المملكة من الحفاظ على مواقفها التاريخية بخصوص الدفاع عن القضية الفلسطينية والسعي لإرساء السلام بمنطقة الشرق الأوسط.

وتعود العلاقات المغربية الإسرائيلية إلى أولى بدايات حكم الملك الراحل الحسن الثاني، تقريبا منذ توليه العرش سنة 1961، وهو ما يتجلى في إطلاق الدولة العبرية اسم الملك الحسن الثاني على إحدى الشوارع الرئيسية في بلدة “كريات عكرون” في مركز إسرائيل، كما أقامت نصبا لتخليد ذكراه في مدينة “بيتاح تيكفا” وحديقة لتخليد ذكراه في مدينة “أشدود وممشى” في مدينة “كريات جات”. وعند وفاة الحسن الثاني، أصدرت إسرائيل طابعاً بريدياً يحمل صورته، كُتب عليه بالعربية: صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني ملك المغرب.

وكانت أول زيارة رسمية لمسؤول إسرائيلي إلى المغرب عام 1986 لرئيس الوزراء الأسبق الراحل شمعون بيريز، والتقى فيها الملك الراحل الحسن الثاني، وهي الزيارة التي كانت في سياق الوساطة المهمة التي كان يقوم بها المغرب حينها بين إسرائيل والفلسطينيين، بالإضافة إلى دور الحسن الثاني في الوساطة بين مصر وإسرائيل والتي توجت بتوقيع اتفاقية “كامب ديفيد” عام 1978.

وتقول صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” إن أصول يهود المغرب تعود إلى 2000 عام، إلى تدمير الهيكل الثاني والمنفى. وفي العصر الحديث، وصل المجتمع اليهودي بالمغرب إلى أعلى أعداده، حوالي 250,000، في أوائل الأربعينات من القرن الماضي عندما قاوم السلطان محمد الخامس الضغط النازي لترحيلهم. وتضاءلت الأعداد مع قيام دولة إسرائيل، ولم يبق اليوم سوى 2000 إلى 3000 يهودي، لكن في إسرائيل يوجد أكثر من مليون شخص من أصول مغربية، ما يجعل اليهود المغاربة ثاني أكبر جالية بالدولة العبرية.

بعد اعتلاء الملك محمد السادس العرش، سارت المملكة المغربية في العلاقة الضبابية نفسها مع إسرائيل، رغم معارضة حزب العدالة والتنمية الإسلامي لأي تطبيع معها، لكن عدة مقترحات قوانين لتجريم التطبيع بالبرلمان لم تسلك مسطرة المصادقة، سواء في عهد بنكيران أو في عهد العثماني.

وفي سنة 2006، التقى رئيس حزب العمل الإسرائيلي عمير بيرتس بالملك محمد السادس في مدينة فاس، لكن كانت أول زيارة رسمية بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل سنة 2003، عندما وصل إلى الرباط وزير الخارجية الإسرائيلي سيلفان شالوم حاملًا رسالة من رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون إلى الملك محمد السادس. وبعد ذلك، استمرت زيارات مسؤولين إسرائيليين عدة إلى المملكة، سواء بشكل رسمي أو سري أو في إطار ملتقيات ومنتديات دولية بالمغرب.

وتشير تقارير إلى أن المعاملات التجارية بين الرباط وتل أبيب، لا سيما في مجالات الزراعة والتكنولوجيا والاستخبارات العسكرية والأسلحة، ازدهرت خلال الفترة ما بين 2014 و2017؛ إذ تجاوزت التجارة بينهما، وفق معطيات غير رسمية، 149 مليون دولار، وهو ما جعل المغرب الشريك الأفريقي الرابع لإسرائيل من حيث الواردات التاسع من حيث الصادرات.

وكانت مقاولات مغربية وإسرائيلية، وفق مصادر عبرية، تنهج قنوات تجارية معقدة في ظل عدم وجود علاقات رسمية، وهو ما يجعل إمكانية اقتفاء أثرها جد صعبة، وذلك بهدف إخفاء حجم العلاقات التجارية بين البلدين، لكن عودة العلاقات الرسمية اليوم سيخرج هذه العلاقات من السرية إلى العلنية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]