أيام مضت ولا تزال قضية التحرش بالطفلة الصغيرة في مصر محور حديث الجميع على مواقع التواصل، في الوقت الذي تم القبض على مرتكب الجريمة بسرعة بعد تحرك السلطات.
هزّت الجريمة الرأي العام في مصر، خاصة أن المجرم يبدو من هيئة بعيدة عن الشبهات، وتساءل العديد من الناس: "كم متحرش يوجد بجانبنا من دون أن ندري؟".

لكن وقع الجريمة كان أكثر قسوة على أهالي الطفلة، الذين علموا بالواقعة من وسائل التواصل، كما الآخرين.

موقع "سكاي نيوز عربية" تحدث مع أهالي الضحية، حول لحظات الخوف والرعب من الحادث، وكيف وقع الخبر عليهم، وما هي مطالبهم.

الأم تتحدث وتتألم

في البداية، قالت والدة الطفلة، السيدة عبير، إن "الأمر صعب للغاية، على مدار اليومين الماضيين أشعر وكأنني في حلم صعب تصديقه، وعلمت بالواقعة عندما أخبرني بها أحد الضباط في قسم شرطة المعادي".

وتابعت "أم يارا" في حديثها مع "سكاي نيوز عربية": "نحن أسرة فقيرة على باب الله، ووالدها يعمل سايس في نفس المنطقة ويحاول تنظيف السيارات للحصول على أي أموال تعيننا على الحياة الصعبة التي نعيشها".

وأخطرت النيابة العامة، وفقا لقانون الإجراءات الجنائية، المتهم بهتك عرض طفلة في المعادي داخل محبسه بقرار إحالته محبوسا إلى محكمة الجنايات، بعد توجيه له تهمة الخطف بالتحايل لاستدراجها إلى أحد العقارات بالمعادي.

واقترنت تلك الجريمة بأخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان هتك عرض الطفلة بالقوة باستطالته إلى مواطن العفة من جسدها.

وأرسلت النيابة العامة ملف القضية إلى محكمة الاستئناف لتحديد جلسة عاجلة لمحاكمة المتهم، وتضمن ملف القضية أقوال الطفلة المجني عليها والشهود وتحريات الأجهزة الأمنية حول الواقعة وتقارير المقارنة الفنية والمضاهاة بين صورة المتهم ومثيلتها المنسوبة إليه الظاهرة بمقطع تصوير الواقعة وما تبين من التصوير.

وكان المتهم بالتحرش بالطفلة الصغيرة قد أكد في اعترافاته أمام النيابة العامة المصرية، أنه يعرف الضحية وكان يشتري منها المناديل بشكل يومي، مؤكدا أنه لم يقصد التحرش بها، بل كان يمزح.

وأكدت الأم، أنها عندما حاولت أن تعرف ما حدث من ابنتها، قالت الأخيرة "في رجل قال لي تعالي معايا وهجيبلك (أعطيك) اللي انتي عايزاه (ما تريدين)، وفي ستّ خرجت تزعق وقالتله انت بتعمل ايه؟ فجريت (ركضت) وقعدت أعيط (بكيت) من الخوف".

وأوضحت الأم أنه لن يهدأ لها بال إلا عندما ترى المتحرش في السجن ويتلقى العقاب على فعلته، ويكون عبرة لغيره.

وأكدت أن "بنات الناس مش لعبة أيّ حد يتعدى عليهم، لازم اللي يفكّر بس يتقطع رقبته قبل ما يعمل كده، ويحط زوجته وبنته وأهله مكان اللي هيعتدي عليها".

وكانت النيابة العامة قد أعلنت عن أنها تباشر التحقيقات، مؤكدة أنها تواصلت مع صاحبة المنشور المتداول واستدعتها لسؤالها، فشهدت برؤية الطفلة عبر شاشات المراقبة المثبتة بالمعمل الطبي محل عملها بالعقار، حيث جرت الواقعة.

وشاهدت اعتداء الرجل على الطفلة بلمس مواضع من جسدها، فخرجت لمنعه من مواصلة جريمته، فلما رآها ترك الطفلة التي هربت منه، وواجهته بما فعل وبرصد آلات المراقبة الواقعة، فبادر بالانصراف، وقد أدلت مرافقة للشاهدة بذات مضمون أقوالها.

وكلفت النيابة العامة "خط نجدة الطفل" باتخاذ اللازم قانونًا حيال الواقعة، وطلبت تحريات الشرطة حولها، وتحديد شخصي المتهم والمجني عليها، فتمكنت من تحديدهما، وعلى ذلك أذنت النيابة العامة بضبط المتهم لاستجوابه، فتم ضبطه وجار استكمال التحقيقات.

ويشير مدير خط نجدة الطفل بالمجلس القومي للطفولة والأمومة صبري عثمان، إلى أنهم تلقوا 105 بلاغات باعتداءات جنسية خلال شهري يناير وفبراير الماضيين، مطالبا المواطنين بضرورة التبليغ عن أي حالات اعتداء ضد الأطفال.

ولفت عثمان إلى أن خط نجدة الطفل قدم دعمًا نفسيًا ومعنويًا لطفلة المعادي، هذا إلى جانب توصية إلى النيابة بشأنها، مؤكدا أن الخط الساخن "16000" معني بتلقي بلاغات لإنقاذ الأطفال من أي خطر يتعرضون له، كالتعرض للضرب أو الانتهاكات والتعذيب والاعتداءات الجسدية أو الجنسية أو حالات تنمر.

وتابع "عثمان" أنّه تم حضور أخصائي اجتماعي ونفسي من خط نجدة الطفل مع الطفلة وأهلها في النيابة أثناء سماع أقوالهم، ليستمع للأقوال ويعقد لهم جلسة دعم نفسي واجتماعي، مضيفًا أنه تم تقديم تقرير بحالة الأسرة والطفلة للنيابة، متضمنًا توصية بما يتبع مع الطفلة وأسرتها.

الإعدام

في الوقت نفسه قالت جدة الطفلة: "لم نكن نعرف أي شيء عن الحادث إلا في اليوم التالي بعد أن تحدث معنا عدد من أفراد القسم وطالبوا منا الذهاب للقسم، ولكن بسبب ظروفنا الصعبة، لم يكن مع والدها أجرة المواصلات، وقام باستلاف مبلغ بسيط من الجيران لاستطاعته الذهاب ومعرفة ما يحدث".

وطالبت الجدة في حديثها مع "سكاي نيوز عربية" وزارة التضامن الاجتماعي والجهات المسؤولة بتوفير أي وظيفة ولو بسيطة لكي يتمكن نجلها سيد صاحب الإعاقة من العيش بشكل آدمي، بسب ظروفه الصعبة.

وكان المستشار حماده الصاوي، النائب العام، أمر بإحالة المتهم بخطف طفلة تبلغ من العمر 7 سنوات محبوسا إلى محكمة الجنايات، بعد أن ثبت قيامه بالتحايل لاستدراجها بعيدا عن أعين الرقباء، فاستجابت إليه، واقترنت تلك الجناية بجناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان هتك عرض الطفلة بالقوة.

وأقامت النيابة العامة الدليل على المتهم بشهادة أربعة شهود وأقوال الطفلة المجني عليها، وما ثبت من إجراء المقارنة الفنية والمضاهاة بين صورة المتهم ومثيلتها المنسوبة إليه الظاهرة بمقطع تصوير الواقعة وما تبين من التصوير، وتعرف شاهدتين والطفلة المجني عليها على المتهم حال عرضه عليهن عرضًا قانونيًّا.

وأكدت الجدة أن والدة الطفلة تلقى تهديدات من أقارب المتحرش بالضرب والسحل بعد فضح أمر المتحرش، وحاول أحد أهاليه التقرب منه وإقناعه بالتنازل وتعويضه ماديًا ولكنه رفض، منوهة أنها تخاف أن يلحق به أي أذى وهو يعيل أسرة كبيرة وليس لهم سواه.

وتابعت الجدة أنها تريد أن يتم إعدام المتحرش، وأن يتم النظر إليهم بعين الاعتبار لأنهم أسرة فقيرة للغاية، وبسبب ظروفهم تقوم الأخت الأكبر من "يارا" بالعمل في مصنع ملابس في محاولة منها لتيسير المعيشة، ولكن بسبب تلك الواقعة رفض عمها أن تنزل وتعمل خائفًا عليها من "الذئاب البشرية".

طلب الأم

موقع "سكاي نيوز عربية، كان قد تواصل مع عبد الرازق مصطفى، المحامي والباحث القانوني وعضو الائتلاف المصري لحقوق الطفل ومحامي طفلة المعادي.

وأضاف: "الطفلة لا تزال حتى الآن لا تفقه أي شيء، ولا تعلم بتلك الضجة التي أثيرت في وسائل الإعلام، ويحاول أهلها توضيح أن ما يحدث من اهتمام وخلافه ما هو إلا حدث عابر دون الدخول في تفاصيل القضية".

وتابع مصطفى أن "الأم طلبت من وكيل النائب العام أن تصفع المتحرش، في محاولة منها للثأر وتهدئة روعها خاصة وأنها لم تتصوّر أن هناك بشر بهذه الوحشية، غير أن وكيل النائب العام رفض وطالب الاحتكام للقانون الذي يسري على الجميع وبه ستأخذ حقها وحق صغيرتها".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]