اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بعد الانتخابات مباشرة باصوات تنادي باستقالة قيادات حزبية بارزة في الأحزاب العربية خصوصا أحزاب القائمة المشتركة بعد ان وجهت لها اتهامات بانها قوضت قوة الجماهير العربية ووحدتها وسببت هذا الشرخ وقادت حملة انتخابية فاشلة اضعفتها اكثر تخلو من المهنيين والمختصين ما اضعف التمثيل العربي في الكنيست وسبب بدخول أحزاب اكثر يمينية وضاعف قوتها، وقد استجابت بعض القيادات الى هذه المطالب حيث علم "بكرا" بان امين عام حزب التجمع مصطفى طه قدم استقالته امس بينما يطرح على الطاولة اسامي عديدة من المتوقع ان تستقيل بعد أيام.

شرخ عميق

الناشط والمحامي رضا عنبوسي قال ل "بكرا" حول نتائج الانتخابات: الانتخابات الاخيرة بينت عمق الشرخ الحاصل بمجتمعنا وعدم قدرة الاحزاب السياسية على مواكبة الحاضر المعاصر، هموم المواطنين واستخلاص العبر من اخطاء الماضي.
وتابع: الموقف السياسي العام للمجتمع العربي انقسم بالعقود الاخيرة بين الامتناع عن التصويت كمبدأ لتصويت للأحزاب القائمة ومحاولات تأسيس احزاب جديدة بائت بالفشل. بالانتخابات للكنسيت 22 والانتخابات الاخيرة برزت شريحة جديدة من المواطنين والتي تؤمن بالعمل البرلماني، ولكنها تريد ذلك داخل إطار وحدوي متكامل. هذه الفئة تشكل ثلث الناخبين اذا ما قارنا بين الجولتين الاخيرتين من الانتخابات. قيادات الاحزاب وبالأخص حزبي الجبهة والتجمع لم تستخلص العبر من حالة التمنع هذه بانتخابات الجولة الثانية وبدلا من التمسك بالإطار الجماعي والانشغال بما هو مشترك اتخذت مواقف انفرادية. اعزو ذلك بافتقاد الحنكة السياسية لدى قادتها وكونها اطر سياسية ترتكز على مبادئ وأطر غير متجددة. اقصد بذلك بتركيبتها المؤسساتية والفكرية وليس بالأشخاص.
ونوه قائلا: هناك نقاط عديدة تجمعنا جميعا وبدلا من الالتفاف حولها مع الاخذ بعين الاعتبار للتركيبة المجتمعية والدينية اتخذ الحزبان منحى انفرادي بقضايا هامشية ينقسم العرب حولها. المطالبة بتغيير الوجوه والاشخاص بدون تغيير فكري وتنظيمي لن يجدي وسيؤدي الى الوقوع بأخطاء الماضي مرة اخرى. نحن بحاجة ماسة الى حركات تصحيحية تتألف داخل اطار وحدوي يعيد ثقة الناس بالعمل السياسي البرلماني وجدواه.

مشهد سياسي معقد وعلى القيادات محاسبة نفسها

عضو الكنيست السابقة نيفين أبو رحمون قالت بدورها: نحن امام مشهد سياسي اسرائيلي معقد، المعركة كانت بين يمين ويمين اكثر فاشي وهي انتخابات لاختيار قائد اليمين واذا تحدثنا عن اليسار وكل موضوع اصوات العمل وميرتس كان هناك عامل فجائي ولكن يبقى اسمه يسار وسط ولا توجد رؤيا سياسية مشتركة حول الشعارات التي يطلقونها منها مساواة وسلام وكل موضوع دعم القضية الفلسطينية.
وتابعت: على مستوى الاحزاب العربية فان المسؤولية مضاعفة لان هذا الانشقاق والانقسام سيكون له تبعات غير عدد المقاعد وانما بمضمون العمل السياسي والبرلماني وعزوف الناس عن السياسية رأينا ان نسبة قليلة من شاركت وهناك مقاطعين مبدئيين، ولكن هناك اشخاص شعروا بفوضى وضياع وعدم وجود برنامج سياسي واضح لذلك هناك مسؤولية تقع على القائمتين امام كوادرهم والمكاشفة حول ما حدث تنظيميا حيث ضرب التمثيل الفلسطيني في الداخل ويجب ان يكون هناك مكاشفة حقيقية، واضح ان هناك عطب تنظيمي والتعامل مع القضايا يختلف بين حزب واخر ولكن نحن نتحدث عن كتلة المشتركة، هناك معركة صعبة امامنا حول شكل التمثيل في البرلمان الاسرائيلي وطرحنا الاجتماعي ولكن بالإضافة الى كل ذلك المسؤولية ايضا يجب ان تكون امام المتابعة من خلال اعادة التنظيم وتقوية اللجان الشعبية واعادة اعتبار العمل السياسي بمضمونه الحقيقي والاحزاب تدرك انها اخفقت ويجب تحمل المسؤولية.
ونوهت: خسارة هذه المقاعد تعكس صورة للنهج السياسي الذي سيكون وسيطرح السؤال حول كيفية تصرف هذه الاحزاب وهل ستتحمل المسؤولية امام حكومة قد ينجح نتنياهو بتشكيل حكومة من خلال داعمين له من اليسار الوسط وقد تتشكل حكومة انتقالية او ثابتة وغير مستقرة. دخول الاحزاب الصهيونية الدينية واليمينية حيث بنوا نفسهم على تصفية القضية الفلسطينية والتحريض على المواطن الفلسطيني في الداخل ينتظرنا برنامج سياسي اسرائيلي مركب لذلك يجب ان يكون برنامج واضح بالتعامل مع السياسة الاسرائيلية، ويجب ان نتمكن من الحفاظ على سياق وطني بالتعامل مع العمل البرلماني.

تغيير في القيادة

د. علي أبو زيد قال في هذا السياق: نتيجة للانتخابات البرلمانية على القيادة في الحزب والجبهة إجراء تقييم ذاتي وتقديم تقرير شامل عن الأخطاء التي كانت والبدء بعملية قيصرية سريعة ومنظمة لتدارك الامور قبل فوات الاوان. المطلوب إعادة هيكلة وبناء اللجان والفروع وتكثيف العمل والنشاط الحزبي التثقيفي. علينا تفعيل عمل للجنة المراقبة المركزية وللجان المراقبة بالمناطق، الامر المهم تواصل القيادة مع الفروع. تراشق الاتهامات لا يخدم مصالح جماهيرنا العربية:
وتابع: لست ممن يشكون في مسيرة حزبنا ولاحقا الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة لكون انتمائي الحزبي منذ العام 1989 عن قناعة وإدراك تام لدور الجبهة والحزب في مسيرة شعبنا، شاركت في مؤتمر الجبهة القطرية في شفا عمر قبل تقديم قوائم المرشحين واستنتجت باننا لا نسير في المسار الصحيح وكانت النتيجة بأن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن. لا يختلف اثنان بان حزبنا حمل هموم شعبنا منذ العام 1948 وهو حامل راية البقاء والصمود من اجل المساواة والحياة بعزة وكرامه ومن اجل وقف العنف في مجتمعنا، اعلم علم اليقين بان الاغلبية الساحقة من أعضاء السكرتارية القطرية للجبهة واللجنة المركزية للحزب لم يكن لهم اي دور فعال في عمل الجبهة التنظيمي القطري او الفروع. نعم للنقاش البناء نعم للعمل ورص الصفوف نعم للتغيير من اجل اكمال مسيرة العطاء، لا لتصفية الحسابات.

القيادة أخطأت

صرح رئيس حركة "رايتنا" السيد سامر عثامنه أن عنوان نتائج الانتخابات للكنيست ال 24 عند الأحزاب العربية كانت متوقعة ومكتوبة على الحائط بالبنط العريض ولا تشكل هزة أرضية كما أختار البعض وصفها. وتابع: هذا الانخفاض بالتمثيل العربي بالبرلمان الإسرائيلي هو نتاج المعادلة التي تقول "الجمهور يعمل من أجل النواب العرب بدلا ان يعملوا هم من أجل الجمهور". هذا يعني أن الأحزاب العربية للأسف الشديد غرقت بالخصومات السياسية بينها وحدت الأجندات والخطط عن جدول أعمالها بالحملة الانتخابية وقبلها وأعطت مكان كبير للتراشقات والمحصصات والمصالح. كل هذا أدى إلى عزوف الناس عن السياسة الذين يتوقعون من نوابهم العمل والمساعدة على إيجاد الحلول لقضاياهم الحارقة كالعنف والأرض والمسكن والأوضاع الاقتصادية الصعبة.
كما وصرح عثامنه أنه لا يقبل بأي شكل من الأشكال توجيه إصبع الاتهام لشعبنا واستغرب من البعض الذين قاموا مباشرة بعد نشر النتائج النهائية للانتخابات بتوجيه إصبع الاتهام لبنات وأبناء شعبنا واتهموهم بالجهل والسبب بفشل المشتركة.
وأضاف: القيادة "أخطأت" كثير بحق شعبها. هذا الشعب المتهم اليوم هو ذاته الذي دعم المشتركة بوحدتها بشكل غير مسبوق وأعطاها الثقة المرة تلو الأخرى، ولكن نهج المحاصصة وإغلاق الأبواب بإحكام أمام شخصيات جديدة ريادية من أبناء وبنات شعبنا وعدم الإصغاء لنبض الشارع والناس والابتعاد عن القضايا التي تهمهم فعلا، أدى الى عزوف عن السياسة وعن التصويت. نعم. حصول القائمتين سوية على أقل من 300 الف صوت أقل تقريبا ب 250 ألف صوت من الانتخابات السابقة هو دلالة على فقدان الناس الثقة بممثليهم وبالعمل السياسي.

السؤال هل سيأخذ أحدا من القائمة المشتركة المسؤولية على هذا الفشل. حسب رأيي المتواضع رؤساء الأحزاب الثلاثة عليهم تقديم الاستقالة الفورية وإدخال النائب يوسف جبارين وغيره بدلا منهم وعلى الأحزاب الثلاثة مراجعة حساباتها مع الجمهور.

لن نختزل المقاومة بمعركة انتخابية

الناشط والدكتور عبد بدران بدوره عقب قائلا: انا لست من الذين يختزلون العمل والمقاومة في معركة الانتخابات اي كانت، ولا ارى بها الاداة للتغيير. ولكن كل جولة تفتح امامي نافذه لمعرفة اكثر لهذا الشعب، الذي رغم كل شيء، يبقى الشعب الفلسطيني العظيم. الحقيقة ان الانتخابات الاخيرة تركت لدي قراءات: ظهور جيل فلسطيني جديد من الصحافة المحلية، برقي عالمي لم نشهد له مثيل في القوة والتأثير من قبل. بعكس كل التحليلات، النتائج تظهر وعي كبير للفلسطينيين العرب في الداخل...اياك ان تستخف بعقولهم بعد اليوم. هناك عدم وعي عند القيادة بحقيقة هذا الشعب. للأسف عدم وعي جارف ومنتشر حتى في قيادات السلطات المحلية. الشعب الفلسطيني تاريخيا هو متنوع جدا، تجد فيه كل الاطياف وكل التوجهات. هو مركب جدا اكثر من ما تعتقده القيادة. الخطأ هو لدى القيادة وليس لدى الشعب، وهو خطأ تلخصه الآية الكريمة "وحرض المؤمنين على القتال". من التكتيكات المتبعة والناجحة، ان تقوم قادة الجيوش في كل معركة بالتحريض و"تحميس الجنود" على القتال. فهزيمة الجيش تبدأ من وجود هؤلاء المترددين بضرورة المعركة. مثال على ذلك عندما تقوم اسرائيل بحرب فهي تجيش كل شيء حتى الصحافة.
وتابع: ما حدث بالجولات الانتخابية السابقة ان "المشتركة" قامت بتجييش الشعب والتعبئة ضد عنصرية نتانياهو كمعركة وجودية، ولهذا حصلت على 15 عضوا. فقد استطاعت ان تخرج للصندوق اولئك القابعين في البيوت. ولكن ما حدث قبل الجولة الاخيرة أن مجموعة من المشتركة قامت وفتحت قناة تواصل مع نتانياهو نفسه (الموحدة)... كنتيجة اولى صنعت الموحدة ارتباك في صفوف الجماهير المجيشة. فالقائمة المشتركة استراتيجيا تجعل من الانتخابات معركة غير مدنية، بل اكثر معركة مقاومة. بعكس القوائم الاسرائيلية، استراتيجية المشتركة مبنية على سقف محدود من العمل المدني من خلال الكنيست. النتيجة الثانية التي حدثت هي ان استراتيجية القائمة المشتركة حول التجييش ضد عنصرية نتانياهو سقطت فها هي (الموحدة) احدى مركبات المشتركة الاساسية تقوم بتواصل مع نتنياهو. كنتيجة ثالثة لعمل الموحدة، أصبح التجييش والتحريض داخلي بين مركبات المشتركة (الجبهة والتجمع من جهة والموحدة من جهة أخرى) من قبل الانتخابات، ولم يتم معالجة الخلاف بآليات حزبية لان المشتركة لم تكتمل مؤسساتها لتصبح حزبا يلتف عليه المثقفون، والطلاب، والعمال، والفلاحون. ففي الاكتمال هناك دمج، وفي الدمج هناك ما يقلق قيادة المتحالفين.
ونوه: أصبح التردد والارتباك واضحا لدى الكثير من المنتخبين عندما ازدادت سيوف التحريض حدة كنت قد اقترحت في السابق تحويل المعركة الانتخابية الى عمل مدني ليس مرتبط بالكنيست، عبر "اقامة حكومة ظل عربية" كآلية موازية ومراقبة لعمل الحكومة المدني، وعندها ممكن للنضال ان يأخذ الشكل المدني المرغوب...عمل دائم ويومي وليس فقط تجييش انتخابي موسمي.

شرعية الصوت العربي وانتهاء الهيمنة الشيوعية

حسام أبو بكر الناشط الاجتماعي والسياسي قال بدوره: ان عدم الاستقرار السياسي بشكل عام، لا يخدم مصلحة المواطن ويعيق عملية التنشئة على جميع اشكالها. لنتائج هذه الانتخابات، دلائل عديدة، فمن ناحيتي، دائما كنت أفضل التعددية على اللون الواحد. نعم، تقلص التمثيل العربي في الكنيست، هو شيء مقلق اذا ما نظرنا الى الجانب العددي، ولكن للنتائج دلالات عديدة. منها على سبيل المثال انتهاء هيمنة الفكر الشيوعي على السياسة العربية وبدء مرحلة جديدة بحاجة الى التفكر من اجل صياغة الفكر السياسي للعرب من جديد. وايضا، عدم رضوخ الناخب العربي للاستجداءات العاطفية وعدم ثقته باجترار نفس الرسائل دون تجديد، فوضع ثقته بمن كان مجدد وعاقب من بقي مراوحا بنفس المكان. كذلك، تدني نسبة التصويت هي كرت أحمر للنهج التخويني والتكفيري ولسياسة دحر المختلف والتشهير به.
ونوه: من ناحية أخرى، لأول مرة وبشكل واضح، أصبح للصوت العربي قيمة وشرعية قبل الانتخابات وبعدها من جميع الاطياف عدا اليمين المتطرف. يقال في علم الفيزياء، لا يكون نظام الا بعد البعثرة. واذا كانت هذه النتائج بمثابة خلط الاوراق من جديد وبعثرتها، فحتما ذلك يؤدي الى تنظيمها من جديد، وصياغة الفكر السياسي العربي من جديد

بالإمكان التنازل عن الايجو

المحلل السياسي والمرشح من العربية للتغيير غسان عبد الله رأى بدوره ان ما جرى في الانتخابات الاخيرة وما حصلت عليه القائمة المشتركة يعتبر هزة سياسية مدوية وخيبة امل هبوط المشتركة الى عشرة مقاعد وتابع: مؤسف جدا ويدل ان وحدة الاحزاب العربية هي الطريق الانجح ولا بد من الرجوع اليها بعد ان نستخلص العبر ونقيم المعركة ونقف عند الكثير من محطاتها واسباب الفشل اذ كان بالإمكان ان نمنع تفكك القائمة المشتركة وان نحافظ عليها بالرغم من كل المحاولات لو كان هناك القليل من الحكمة والتواضع لدى بعض القيادات لتبقى راسخة وشامخة لو تنازلنا قليلا عن الايجو غير المبرر وهذه الانانية البغيضة، جماهيرنا عاقبت القيادات والاحزاب وكانت المقاطعة هي سيدة الموقف احتجاجا وغضبا وكانت الصفعة قوية مؤلمة وبالرغم من كل ما حصل علينا ان نضمد جراحنا وننهض وندفن احباطنا وننتفض ونعيد ترتيب اوراقنا وننطلق مجتمعنا العربي يمر بمرحلة مفصلية وامامنا تحديات كبيرة وما زلنا تحت وطأة الجريمة والعنف وسفك الدماء

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]