لم يكن الأسبوعين الأخيرين أسبوعين طبيعيين في هذه البلاد، وبشكل خاص على الفلسطينيين في الداخل، فقد بدأت المواجهات هنا حتى قبل بدء الحرب مع غزة، في البداية شارك المئات من الشبان العرب في احداث المسجد الأقصى، حيث تواجدوا هناك للصلاة في شهر رمضان، وشاركوا في المواجهات ضد الشرطة، ثم بدأت في بداية الأسبوع قبل الماضي (الأسبوع قبل الأخير من شهر رمضان) مظاهرات ووقفات في مداخل عدد من البلدات العربية، ومن ثم مواجهات مع الشرطة في بعض البلدات، خصوصًا مع استشهاد الشاب موسى حسونة في اللد برصاص مواطن يهودي من اتباع النواة التوراتية في اللد، حيث توترت الأجواء بشكل كبير، وانتقلت في بعض البلدات من مواجهات بين الشبان العرب والشرطة إلى مواجهات بين شبان عرب وشبان يهود، وإلى اعتداءات جماعية على أفراد، وأحداث خطيرة أخرى.

ولكن ربما أبرز ما حصل في المجتمع العربي بالأسبوعين الأخيرين، وهو أمر لم يحصل كثيرًا من قبل، هو انشقاق عدد من الجنود العرب من الجيش الإسرائيلي، وانسحاب آخرين من الشرطة الإسرائيلية، فقد خلع نحو 30 جنديًا وشرطيًا بدلاتهم وأعلن معظمهم عن ذلك في مواقع التواصل الاجتماعي.

هذه الخطوات جاءت بعد الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى وكل المواجهات التي حصلت وخصوصًا التي حصلت مع اتباع اليمين المتطرف، ولكن هنالك أحداث أخرى حصلت أيضًا، فقد تم نشر صور عدد من عناصر الشرطة العرب في مواقع التواصل الاجتماعي كما وتم اطلاق حملة ضد شرطي من سخنين في وحدة حرس الحدود بعدما ظهر هو أو شخص شبيه له يطلق قنبلة صوتية على نساء وأطفال في القدس، حيث أن الشرطي أنكر ذلك لكن المئات تناقلوا صورته وأتهموه بذلك.

حتى لو صرت وزيرًا ستبقون مخربين
كل هذه الأحداث ساهمت بتشجيع هؤلاء الشبان، يقول الشاب نبيل (22 عامًا) من إحدى قرى منطقة حيفا: كنت جنديًا في الجيش الإسرائيلي، انضممت إلى الجيش في وقت متأخر، وكل شيء كان على ما يرام وكنت مقتنعًا بمواقفي، ولكن في الفترة الأخيرة بدأت أشعر بالقلق من عدة مواقف، القلق أو عدم الراحة، وفي الأسبوع قبل الماضي كنت عائدًا إلى بيتي ومررت بحيفا حيث كانت تقام مظاهرة عربية في شارع بن غوريون، وهناك سمعتهم يهتفون "ليش نسكت ليش على العربي اللي بخدم بالجيش"، فتأثرت بهذه المصطلحات، وعدت إلى قريتي، وفي السماء أقيمت مظاهرة بمدخل القرية لأجل المسجد الأقصى، فشاركتُ بها مع شباب القرية، ثم وصلت الشرطة وقامت باعتقال عدد من المشاركين، وكنتُ أنا بينهم، وخلال اعتقالي والاعتداء علي من قبل عناصر الشرطة، قلت لهم "أنا جندي"، فرد أحدهم علي "حتى لو كنت وزيرًا، ستبقون مخربين"، وقام باعتقالي.

وتابع: بعد ذلك بيوم تم تحريري من الاعتقال، وعند عودتي إلى المنزل قررت ترك الجيش وأعلنت عن ذلك، وتلقيت العديد من الاتصالات، بين مؤيد ومعارض، فيما دعمتني عائلتي كما دعمتني دائمًا في كل قراراتي، بينما اتصل في أحد أصدقائي وهو ضابط في الجيش وقال لي أنني أقوم بخطوة خطرة وقد تتسبب بسجني، لكني شكرته على قلقه وأكدت له أنني لن أتراجع عن موقفي، وهو نفس الأمر الذي قلته للضابط المسؤول عني الذي احترم قراري ولكنه عرض علي أن احذف ما كتبته في مقابل أن يضمن أنني لن أسجن ولن أتعرض للضرر لأنني كنت أول من قام بهذه الخطوة ووفق ادعاءه فإن أكثر من 30 شابًا قاموا بالأمر نفسه من بعدي، فرفضت هذا العرض ايضًا لأن موقفي ولن أتراجع عنه.

ارفض شعبك بيحميك
حمودي أبو الريش، وهو منسق في حراك "ارفض شعبك بيحميك" وهو حراك عربي فلسطيني يهدف إلى التوعية الوطنية ويدعم الشبان الذين يرفضون الخدمة في الجيش الإسرائيلي، وبشكل خاص الدروز منهم، كون الدروز ملزمون بالخدمة الاجبارية، يقول: حراكنا ينشط منذ عام 2014، ونقوم بفعاليات ونشاطات عديدة ولكن أبرزها هو مرافقة الذين يرفضون الخدمة ودعمهم قضائيًا وقانونيًا، ونهدف أيضًا إلى إزالة الحواجز بين أبناء شعبنا الفلسطيني بكافة طوائفه وأطيافه، وعلمنا أن هنالك ما يقارب الـ30 شابًا قد تركوا الخدمة في الجيش الإسرائيلي أو استقالوا من الشرطة، ونعتقد أن هذا رد فعل طبيعي على الأحداث الأخيرة وهو أمر إيجابي.

وفي سياق متصل، ادعى موقع 0404 اليوم أن عدد من موظفي النيابة العامة في حيفا رفضوا العمل على ملفات تتعلق بلوائح اتهام ضد شبان عرب شاركوا في المظاهرات، وسارع عضو الكنيست المتطرف ايتمار بن غفير بالمطالبة بطردهم، وقد جاء في رد النيابة العامة أن هذه معلومات غير صحيحة وأن الموظفين في النيابة، العرب واليهود، يعملون بشكل مهني ووفق القانون، وقد كان هنالك طلبين من موظفين لعدم تفضيلهما العمل على ملفات معينة، وتم رفض الطلبين وكل شيء سار بشكل طبيعي.


توجهنا للناطق بلسان الشرطة في منطقة الساحل حول ما قاله الشرطي للشاب وجاء في التعقيب: عمل الآلاف من افراد الشرطة خلال الفترة الاخيرة في مئات المواقع التي شهدت أعمال شغب عنيفة للغاية وتخللت إلقاء الحجارة وإلزجاجات الحارقة وإحراق الإطارات وإضرام النار في المباني بشكل متعمد وإطلاق النار نحو افراد الشرطة في جميع أنحاء الدولة.بالرغم من ساعات العمل الطويلة والظروف الصعبة التي يعمل فيها افراد الشرطة، في حال ان هذه المقولة قد وردت فإنها مؤسفة ولا تتماشى مع قيّمنا وآداب الكلام المتوقع من افراد الشرطة.

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]