"هنالك اشخاص يموتون، عائلة كيوف اختنقت"، هذه الكلمات قالها عضو الكنيست أحمد طيبي، رئيس كتلة القائمة المشتركة، من منصة الكنيست، قبل أسبوعين، موجهًا حديثه إلى زميله وليد طه، من القائمة الموحدة، بعد رفض الأخير التصويت على اقتراح قانون يمكّن أصحاب البيوت من ربط بيوتهم بالكهرباء دون ربط هذا بنموذج 4 (نموذج المصادقة على السكن) كشرط أساسي.

وعائلة كيوف هي عائلة من عسفيا، نايف وزوجته ريما وابنتهما كارين، لقوا مصرعهم عام 2010 اختناقًا بالغاز الصادر عن مولد الكهرباء الذي كان يزود المنزل بالكهرباء بسبب عدم توفر خط كهرباء في المنزل. وقد ذكر الطيبي أيضًا عائلة عليان من بيت صفافا التي توفي فردان منها مؤخرًا بسبب حريق جراء تماس كهربائي.

ويدور الحديث اقتراح قانون تم العمل به في وقت سابق، ففي سنوات الثمانينات وبعد إقامة لجنة تدعى لجنة ماركوفيتش قرر وزير الطاقة والبنى التحتية آنذاك، موشيه شاحل، إصدار قرار شاحل (أمر ساعة) بموجبه سمح بربط البيوت بالكهرباء دون حاجة إلى نموذج 4، وربطت آلاف البيوت بالكهرباء، وبعد ذلك بسنوات جدد الوزير بنيمانين بن اليعيزر التعليمات، وما اقترحه الطيبي الآن كان تمديد هذا الأمر لعدة سنوات لربط البيوت بالكهرباء دون الحاجة لنموذج 4. ولكن الاقتراح لم يمر، رغم أن الطيبي يقول أنه كان لديه اتفاق مع الائتلاف بدعم الاقتراح، لكن أعضاء القائمة الموحدة صوتوا ضد، وبرر وليد طه انه يوافق على مضمون القانون لكنه "لا يرى بأن تمريره من قبل القائمة المشتركة سينجح، لأن قانون مثل هذا يجب أن يمرره حزب من الائتلاف"- وفق أقواله.

موظف خبير في لجنة التنظيم والبناء بالشمال، يقول: "هنالك آلاف البيوت العربية، المرخصة وغير المرخصة، التي تعاني من هذه المشكلة، وباعتقادي تمرير مثل هذا القانون هو أهم من كل الميزانيات ومن كل ما يمكن القيام به في الكنيست لأنه يحل مشاكل الناس بشكل مباشر وفوري، هذه البيوت اليوم يتم تزويدها بالكهرباء عبر مد الخطوط من الجيران أو الأقارب أو حتى من الخط المركزي لشركة الكهرباء، أو عبر مولدات الكهرباء، ومد الكهرباء إلى البيوت بهذه الطرق، بالإضافة لكونه غير قانوني في معظم الحالات، هو أيضًا في غاية الخطورة، إذ يتسبب بحالات تماس كهربائي خطيرة وحصلت الكثير من الحرائق، ويتسبب بخفض قوة الكهرباء في المنازل وبمشاكل عديدة.

ماذا عن المجتمع اليهودي؟

"في المجتمع اليهودي يعانون من هذه المشكلة بشكل أقل، لأن البيوت إما مبنية في بنايات منظمة ومزودة في البنى التحتية أو في قسائم يتم شرائها من الدولة وتكون مجهزة للبناء، أما في البلدات العربية، فنحن نبني غالبًا على أراض بملكية شخصية، ويكون مسار الترخيص أصعب وأكثر تعقيدًا"- يتابع المسؤول: "أنا لا اتحدث عن المنازل غير المرخصة، علمًا بأنه في معظم الحالات تكون نية الشخص أن يبني بيته بشكل قانوني لكنه يواجه مشاكل عديدة مثل تسجيل ملكية الأرض وغيرها، ولكن في البيوت المرخصة، نموذج رقم4 هو الذي يحصل عليه صاحب المنزل من لجنة التخطيط والبناء بعدما يجهز بيته بشكل تام وفقًا لمخطط المنزل في الرخصة، ويتم قبل إصداره فحص المنزل بشكل دقيق وأحيانًا تكون الأسباب لعدم اصدار النموذج غير منطقية، مثلًا أن يكون موقف السيارات معبد، والسؤال، كيف سيكون الموقف معبدًا اذا الشارع المؤدي للبيت ليس كذلك؟ أو أن يكون المنزل بلا أي زيادات حتى لو كانت طفيفة، وغيرها من الشروط التي تصعّب على الناس بشكل غير طبيعي.

وحول الحلول الممكنة، يقول: "كما يحصل عندما يقوم شخص بمخالفة سير أو بمخالفة بناء أو أي مخالفة يتم محاكمته وتغريمه، هذا ما يجب أن يحصل، لا أن يتم حرمان عائلات كاملة من حقها بأن يكون لديها كهرباء في منزلها بسبب مخالفة معينة في البناء، الكهرباء مثل الماء والصرف الصحي، هي حقوق أساسية وحرمان الناس منها يعني حرمانهم من حقوقهم البسيطة في الحياة. وفي السنوات الماضية لم يكن هنالك إمكانية لطرح القانون في ظل حكومات الليكود، أما الآن، فهذه الحكومة أظهرت استعدادًا لقبول القانون، مما جعل الطيبي يتشجع وتقدم به.

اليأس

"اقتربت من الوصول إلى مرحلة اليأس في محاولة تحصيل هذا النموذج"- يقول غصوب حصارمة من البعنة، ويتابع: "بنيت منزلي منذ أكثر من 20 عامًا، ولم تكن حالتي المادية تسمح لي بربطه بالكهرباء بشكل مباشر، فقمت بمد خط من بيت والدي، وقبل 3 أعوام، قررت أن أمده بشكل مباشر من شركة الكهرباء، وبدأت هذا المسار الذي لا ينتهي، رغم أن المنزل مرخص وفق القانون، قالوا في البداية أن القرميد الذي يغطي شرفة المنزل غير قانوني، فقمت بإزالته، ثم كانت المشكلة في باب الملجأ، ثم بأمور لا افهمها، وفي كل مرة أجد أن هنالك عوائق جديدة".

في شفاعمرو مثلًا، هنالك حي يدعى حي الفوّار، معظم بيوته غير مزودة بالكهرباء، وبعضها غير مرخصة وصدرت بحقها أوامر هدم. يقول جمال تفال وهو من سكان هذا الحي: " حيّنا هو مثال حي وصارخ لمعظم أحياء بلداتنا العربية، بيوت مبنية على أراضي بملكية شخصية، بعضها لم ترخص بسبب مشاكل الملكية وبعضها بسبب مشاكل أخرى، ومعظم هذه البيوت، المرخصة وغير المرخصة، غير مزودة بالكهرباء، وبالتالي فإن كل ساعة كهرباء تزوّد عدة بيوت، مما يتسبب بضعف في قوة الكهرباء بالمنازل وبمخاطر كبيرة وأزمة تتفاقم يوميًا مع التزايد السكاني. ما يحصل أمر غير طبيعي ولا يحصل في أي دولة متطورة، لا أرى فرقًا بين ربط البيوت بشبكة المياه أو بالصرف الصحي وربطها بالكهرباء.

معاناة الناس

مصطفى حصارمة، نائب رئيس المجلس المحلي في البعنة وناشط اجتماعي، يقول: " عندما سمعنا بهذا القانون وبأنه سيمر، ظننا أن مشكلة مئات البيوت ستحل، وتفاجئنا بأنها لم تمر بسبب خلافات بين الأحزاب العربية، فهذا أكثر قانون كان من الممكن أن يخدم مجتمعنا، ضمن عملي في السلطة المحلية، كمنتخب جمهور الآن وكموظف قبل ذلك، أرى معاناة الناس وأشعر بها، وأعرف أن قانون مثل هذا كان سيحل مشاكلهم، فمد عدة بيوت بالكهرباء من ساعة واحدة، أمر صعب ومعقد ويمنع هذه البيوت من تشغيل المكيفات كما يجب ومن أجهزة عديدة، ناهيك عن خطورته.

في الأسبوع الماضي جاء في إذاعة الجيش الإسرائيلي أن هنالك صفقة يتم الحديث عنها بين القائمة المشتركة والحكومة لتمرير هذا القانون مقابل دعم المشتركة للميزانية أو عدم تصويتها ضدها، بينها أكد رئيس القائمة المشتركة، أيمن عودة، أن المشتركة لن تدعم الميزانية.

هل سيعبر القانون؟

الموحدة أعلنت أنها ستطرح القانون من جديدة بعد عودة الكنيست من الإجازة، وهذا يؤكد أن رفضها للقانون كان من منطلق عدم سماحها بأن تنجح القائمة المشتركة بأي اقتراح وأي مبادرة، أي أن الموضوع هو موضوع "كريدت" وتنافس سياسي، ولكن السؤال، هذا القانون كان سيمر الآن بسبب موافقة الائتلاف على دعمه وحاجة الائتلاف للقائمة المشتركة ما قبل الميزانية، وربما لو عملت الموحدة وأطراف أخرى من الائتلاف على دعمه وتسريع المصادقة عليه في القرائتين الثانية والثالثة، كانت مشاكل آلاف الناس ستحل. أما الآن، فليس هنالك ما يضمن نجاح الموحدة أو غيرها بتمرير القانون، لا استمرار الحكومة يعتبر مضمون، ولا استمرار التوافق بين أعضاء الائتلاف، وبالتالي، ولا استمرار موافقة كل أعضاء الائتلاف على دعم القانون. فهل نكون قد ضيعنا فرصة هامة لتحسين حالة آلاف العائلات؟ وربما انقاذ حياتها؟

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]