يتواصل الجدل في المغرب حول قرار وزارة الصحة سحبها اختبارات كشف سريعة عن فيروس كورونا من الصيدليات، في ظل وضعية وبائية مقلقة وارتفاع قياسي لعدد الإصابات بـ"كوفيد 19".

فبعد طرح الاختبارات السريعة في الصيدليات، تقدمت نقابة الإحيائيين في المغرب الشهر الماضي، بشكوى لمديرية الأدوية والصيدلة بوزارة الصحة، لوقف تسويق هذه المنتجات.

ومباشرة بعد ذلك، وجهت مديرية الأدوية والصيدلة بوزارة الصحة المغربية في 14 يوليو الماضي، خطابا يدعو الصيادلة لوقف صرف هذا المنتج في الصيدليات، مما أجبر المواطنين على التحليل المخبري "PCR" الذي تصل تكلفته إلى حوالي 700 درهم (نحو 70 دولارا)، رغم حاجتهم البسيطة لتأكيد الإصابة بفيروس كورونا أو نفيها.

رضوخ غير عقلاني

"فوجئ الصيادلة بقرار وزارة الصحة وقف بيع اختبارات كشف (كوفيد 19) من الصيدليات من دون إعطاء أي مبرر"، حسبما يقول رئيس اتحاد نقابات صيادلة المغرب محمد لحبابي.

واعتبر النقابي البارز في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن قرار وزارة الصحة السريع "رضوخ للوبيات الإحيائيين" وفقا لتعبيره.

وتابع لحبابي: "إنه قرار غير عقلاني باعتبار منظمة الصحة العالمية توصي بتكثيف كشوفات (كوفيد 19) لاحتواء الوباء"، مؤكدا أن "الاختبارات السريعة كانت ستجنب الاكتظاظ في مختبرات الكشف الخاصة والمراكز الصحية العمومية".

وأوضح أن "هناك مناطق في المغرب لا تتوفر بها مختبرات ومراكز للكشف، في حين أن الصيدليات تنتشر بكل مناطق المملكة بما في ذلك النائية، مما يجعلها قادرة على توسيع الاختبارات على جميع السكان".

وأضاف لحبابي أنه "بعد سحب الكشوفات من الصيدليات، انتشر بيعها على مواقع التواصل الاجتماعي وفي السوق السوداء".

وتساءل النقابي حول ما إذا كانت "وزارة الصحة تشجع على السوق السوداء من جهة، وعلى الكشف بدون تبليغ الحالات الحاملة للفيروس من جهة أخرى".

"غير دقيق"

وفي المقابل، يعتبر متخصصون أن الاختبارات السريعة لا تتمتع بنفس دقة اختبار "PCR"، الذي يظل الاختبار الأكثر نجاعة لتشخيص "كوفيد 19".

وشدد مجلس الصيادلة الإحيائيين في بيان، على أن "اختبار عينات اللعاب (السريع) اختبار تشخيصي في المختبر وليس جهازا طبيا ينبغي أن يتم استيراده أو تسجيله، وكذا تخزينه أو توزيعه وفقا للقانون".

لكن الطبيب مراد أبركان يختلف مع الرأي القائل إن الاختبارات السريعة لها نسبة خطأ كبيرة مقارنة بالاختبارات الأخرى، التي تجرى على مستوى المختبرات.

وفي اتصال بموقع "سكاي نيوز عربية"، قال أبركان إن "الاختبار السريع سيمكن من كشف عدد واسع من الحاملين لفيروس كورونا".

وأعطى مثالا بالدول الأوروبية، التي أطلقت على مستوى واسع الاختبارات السريعة، رغم إمكاناتها الكبيرة.

ودعا إلى مراعاة ظروف طبقة واسعة في المغرب "لا تستطيع إجراء فحصوات وكشف في المختبرات التي تظل باهظة الثمن وليست في متناول الجميع".

تعسف بحق المستهلك

وفي السياق ذاته، اعتبر الكثير من المواطنين أن سحب الاختبارات السريعة "تعسفا" على قدرتهم الشرائية، مشيرين أن "صحتهم ليست سلعة ولا تخضع للمزايدات وحسابات الربح وهوامش الخسارة التجارية".

ويرى وديع مديح، الكاتب العام للجامعة الوطنية لجمعيات حماية المستهلك (غير حكومية)، أن "وزارة الصحة ملزمة بإيجاد حلول بديلة لتخفيف مصاريف المستهلك للتصدي لهذا الوباء، وحماية لحقوقه الاقتصادية والمحافظة على توازنه المالي الأسري، بدلا من تبني مواقف مهنية يستغل فيها المهنيون هذا الوباء للتربح على حساب فئات لا حول لها ولا قوة".

وتساءل مديح في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، عن "الهدف الحقيقي وراء قرار وزارة الصحة بسحب الاختبارات، ومدى اهتمامها بالقدرة الشرائية للمستهلكين".

واعتبر أن القرار "يحرم المستهلك المغربي من اختبار قد يكون ثمنه في متناوله، ويساهم ذلك لا محالة في ضرب القدرة الشرائية له، ويحرمه أيضا من إجراء اختبار كورونا خصوصا إذا كان يعيل أسرة تتكون من عدد كبير من الأفراد".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]