منذ بداية شهر رمضان المبارك شهد النقب تغيرا جذريا في حركة التسوق هذا العام، حيث انه من المعتاد ان تتجه انظار المتسوقين العرب الى بئر السبع بحثا عن الاسعار الاقل والجودة الاعلى، غير ابهين بالحملات التنافسية القوية التي تشهدها بلداتهم.

لكن في رمضان هذا العام ومع ارتفاع وتيرة التحريض ضد المواطنين العرب بشكل عام وفي النقب بشكل خاص، خاصة بعد عملية الدهس والطعن التي وقعت في بئر السبع على يد محمد ابو القيعان، شهدت المدينة عزوفا غير مسبق وشبه تام عن التوجه للتسوق من المحال التجارية الضخمة فيها، رغم الاعلانات والحملات والاسعار المغرية، بينما اتجه المشتري العربي الى المحال التجاري في بلداته العربية، ليكتشف مؤخرا انه تأخر في ذلك كثيرا، حيث ان الجودة العالية ذاتها والاسعار المنخفضة نتيجة التنافس الشديد بين التجار، موجودة بقوة في البلدات العربية، بل واصبح المواطن اكثر وعيا فيما يتعلق بموضوع الشراء، خيث اصبح يطلع على كافة العروضات ويقارن بينها ويختار الانسب له، موفرا على نفسه عناء التوجه الى بئر السبع واضافة سعر البنزين المرتفع الى فاتورة مشترياته المشروطة مسبقا بمبلغ محدد للاستفادة من التخفيضات على سعلة او سلعتين.

وبعد العزوف الشديد من المتسوقين العرب عن التوجه الى المدينة الاكبر في الجنوب بئر السبع، الى ان تحولت الاسواق فيها الى شبه فارغة من المتسوقين العرب الذين يدخلون سنويا اليها ملايين الشواقل، قام رئيس بلدية بئر السبع روبيك دانيلوفيتش بجولة تفقدية على المحال التجارية في المدينة وعلى رأسها تلك التي تعود لتجار عرب، باعتبار انها جولة الهدف منها الاطلاع على سيرورة العمل وتشجيع التجار لكن كان واضحا انها جولة استجداء ومحاولة استرجاع للمتسوق العربي من جديد، احد اصحاب المحال التجارية في المدينة هو بلال العمور الذي عقب على الزيارة بالقول:" من الطبيعي جدا بعد كل موجة احداث او عمليات او تحريض ونتحدث عن كل البلاد وليس بئر السبع تحديدا فمن الطبيعي ان تقل الحركة التجارية على المستوى المحلي او القطري لانه وبكل بساطة العربي يبقى عربي في اعينهم سواء في النقب او الجليل او المثلث، لكن النقب كان على مدار سنوات هادئا بعض الشيء والشعبين اليهودي والعربي في الجنوب غير معتادين على احداث كهذه، لانه بعيد عن نقطة التماس واقصد هنا القدس والاقصى، ثانيا بالنسبة لرئيس بلدية بئر السبع فهذا تصرف طبيعي من جهته كرئيس وهو لا يعتبر نفسه محرضا اصلا، لانه منتخب من قبل مواطني بئر السبع ومن حقهم عليه ان يؤمن لهم كامل حقوقهم، ومن ضمن ذلك الامن والامان، واريد ان اوضح نقطة انا لست من مؤيديه لا ابرؤه ولا اذمه في نفس الوقت من الجانب الاخر لطريقة كلامه التي تغيرت في الاونة الاخيرة بعد كل الاحداث لان ما يحصل في بئر السبع من بعض الشباب العرب لا يرضي الله ولا العبد فبطبيعة الحال لو كان اي رئيس بمكان روبيك لتكلم وتصرف بنفس التصرف، فهو في النهاية يدافع عن شعبه، مع انه كان قبل كل هذه الموجة ينادي بالتعايش والسلام الا ان المواقف بعض الاحيان تظهر غير ذلك، وانا لا اتقبل الانتقادات من بعض العرب على انه عنصري او محرض والخ، صحيح انه ليس نبي ولكنه بنفس الوقت بنى امبراطورية في بئر السبع سواء على المستوى المعيشي او الترفيهي او التعليمي، فبعنصريته جلب كبرى الشركات العالمية من هايتيك والسايبر ووضع بئر السبع على الخريطة في البلاد بعمله وانجازاته وياليت لدينا عنصري مثله لبلداتنا العربية!" .
علاء ابو فواز من الشباب العرب في النقب الذين كان لهم رأيهم الخاص في زيارة روبيك ايضا حيث قال :" بداية رمضان مبارك، انا افسر ان زيارة رئيس بلدية بئر السبع روبيك بانها اولا زيارة تفقدية للمحلات التجارية في المجمعات التجارية في بئر السبع، وثانيا من باب تقوية ودعم اصحاب المحلات في ظل الازمة التي تمر فيها البلاد وهذا يدعمهم ولو معنويا، وممكن ان تكون ايضا كرسالة ان تعود الامور كما كانت عليه من قبل ويعود المجتمع العربي للتسوق من بئر السبع ويزورها وان تعود الامور الى طبيعتها".
من بئر السبع الى رهط كبلدة عربية على سبيل المثال وليس الحصر، نجد ان الاقبال هذا العام في رمضان على محلات الخضار والفاكهة واللحوم والمواد الغذائية كبير جدا، لدرجة ان المدينة تشهد يوميا اختناقات مرورية في ساعات ما بعد الظهر لكثرة المتسوقين فيها، وفي داخل المحلات التجارية قد لا تجد احيانا عربة فارغة للتسوق بشهادة عدد من المتسوقات والمتسوقين هناك، بينما يبدو الاقبال ضعيفا على محلات الملابس والتي من المتوقع ان تشهد ازمة حقيقية قبيل العيد.
رئيس غرفة تجارة رهط الشيد خالد ابو الطيف قال معقبا :" بداية رمضان كريم وكل عام وانتم بخير جميعا، بالنسبة لوضع الاسوق في رهط وفي جميع القرى العربية في الجنوب فهو افضل حالا مما كان عليه، لا اريد ان اقول ان هذا نتيجة مقاطعة المواطنين لمدينة بئر السبع، وانما هو نتيجة للوعي لدى الناس بضرورة التسوق في بلداتهم، ومن هنا انا استغل الفرصة واتوجه لجميع التجار فردا فردا واقول لهم استغلوا هذه الفرصة وان الزبائن بدؤوا يعودون اليكم وحاولوا ان يكون مبدؤكم الربح القليل والبيع الكثير، افضل من البيع القليل والربح الكثير، استغلوا فرصة عودة الزبائن الى بلدانهم واسواقهم المحلية وعودتهم اليكم، فلتكن حملاتنا حقيقية وليست وهمية وان تكون اسعارنا في اطار المعقول فهذه فرصة للجميع، الحركة الشرائية نشطة حاليا للمواد الغذائية وحتى اول اسبوعين من الشهر الفضيل وفي الاسبوع الثالث ستكون حركة نشطة على محلات الملابس للتجهيز للعيد وسيكون وضعها افضل ان شاء الله حسب توقعي".
يذكر ان رهط تستقبل كل ثلاثاء سوقا شعبيا يحتوي كافة المستلزمات، الا انه كان شبه فارغ في الاسبوع الاول من الشهر الفضيل كون الغالبية من الزبائن استعدت بالمشتريات مسبقا، الا ان المتوقع ان تكون حركة نشطة في السوق خلال الاسابيع القادمة.
وعلى ذكر المواد الغذائية يقول احد اصحاب المحال التجارية الكبرى في رهط السيد عبد سكيك وهو صاحب سوبر ماركت :" تقييمي للاوضاع بالنسبة للسوق العربي البدوي في بئر السبع هو اننا مررنا بظروف ليست سهلة من حيث تعامل الشرطة والجهات الامنية في بئر السبع وبالتالي الاحظ اقبالا متزايدا على المحلات التجارية العربية بعد احداث بئر السبع واذا اردت تقييمها بنسبة مئوية فهي بمعدل زيادة اكثر من 20% عن المعتاد، وهذا تقييمي كصاحب محل تجاري، وكل صاحب محل يبحث عن نسبة مبيعات اعلى، ومن حق الناس الحفاظ على حياتهم والحذر ولا يخفى على احد تصرفات الامن في بئر السبع، انا شخصيا في الفترة الاخيرة ان اردت التوجه الى بئر السبع اتوجع لامر طاريء جدا جدا كادارة حسابات او الوصول الى البنك، لاننا لا نريد ان نتعرض لاي نوع من الاحتكاك ومن ثم تتعرض للتوقيف والاهانة ، لانه في غالب الاحيان الشرطة والجهات الامنية تتعامل معنا كعدو، والناس يتخوفون ايضا من الوقوع في فخ اعتداءات الجهات اليمينية المتطرفة وهذا شهدناه مرارا في الفترة الاخيرة، حسب رأيي الحمد لله نحن في شهر فضيل والاقبال من المجتمع العربي على المحلات العربية ممتاز الحمد لله وهكذا يجب ان يكون وعلى المجتمع العربي ان ينتبه لنفسه ويعطي الاولية لتقوية السوق العربي لانه ضروري جدا، لان الوسط العربي اذا اصبح لديه تقوية وتطور في كافة المجالات الاقتصادية التجارية والصناعية سيكون وضعه افضل ، ومن المعروف ان كافة الايدي العاملة هي من الوسط العربي وبالتالي اصحاب البلد اولى من محلات ومدن اخرى خاصة بعد الاحداث الاخيرة".
ومن جانب اخر تتزايد الدعوات من قبل رؤساء السلطات المحلية العرب لاصحاب المحال التجارية بضرورة الحفاظ على الزبائن العرب ومراعاة ظروفهم الاقتصادية في هذه الايام، حيث ان المجتمع العربي في الجنوب يحتوي نسبة غير قليلة من الاسر محدودة الدخل، وبالتالي كانت هنالك مطالبات عديدة بتخفيض الاسعار وتقديم عروضات مناسبة لكل بيت، من باب التخفيف على الزبائن وبنفس الوقت الحفاظ على حركة تجارية نشطة .

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]