مع الاحتفال باليوم العالمي للصحة، يدق خبراء في الصحة والبيئة بالمغرب ناقوس الخطر، بشأن تدهور المنظومة الصحية والبيئية، ويدعون الجهات المختصة في المجال بالنهوض بالقطاع الصحي.

وفي هذا الصدد، دعت الشبكة المغربية من أجل الحق في الصحة والحق في الحياة صناع القرار السياسي الحكومي جعل حماية البيئة والرعاية الصحية، أولوية في كل البرامج والمخططات الاقتصادية والاجتماعية، مؤكدة أن نجاح مشروع تعميم التامين الإجباري الأساسي عن المرض رهين بإصلاح شامل للمنظومة الصحية الوطنية وتأسيس مجلس أعلى للصحة والحماية الاجتماعية. لوضع أسس ميثاق وطني والتقييم والمتابعة.

ناقوس الخطر

في خضم تخفيف أثار ومخلفات جائحة كوفيد - 19، تطفو على السطح من جديد إشكالية صحية كبرى تتعلق بآثار التغييرات المناخية وتلوث البيئة على صحة الإنسان ومصدر تزايد عدد من الأمراض والاوبئة والكوارث القاتلة كأمراض السرطان والسكري والقلب ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد والربو والتهاب الكبد.

وحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية يموت حاليا أكثر من 13 مليون شخص سنوياً نتيجة لتعرضهم لتلوث الهواء ولأسباب بيئية أخرى يمكن تجنبها، ويوجد أكثر من 90% من الناس يتنفسون هواء غير صحي بسبب حرق الوقود الأحفوري بأنواعه.

وفي هذا الإطار، يقول رئيس الشبكة المغربية للحق في الصحة والحق في الحياة، علي لطفي في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، إن المغرب حقق نجاحات جيدة على مستوى مواجهة جائحة كورونا وتجنب إزهاق أرواح كثيرة، بفضل قرارات ملكية استباقية بدء بتمويل استثنائي لتغطية الحاجيات والمتطلبات.

ويضيف لطفي "ظاهرة انتشار وتفشي الأمراض المزمنة والأوبئة الفتاكة الناتجة عن تلوت البيئة والهواء وتلوت البيئة والمياه وضعف شبكة إصلاح المياه والنظام الغذائي باتت مقلقة جدا، وهي مسؤولية مشتركة بين جميع القطاعات والمؤسسات والمجتمع المدني والإفراد والأسر".

تلوث الهواء يقتل 15 شخصا يوميا

وكشف رئيس الشبكة، أن تلوث الهواء يسبب أكثر من خمسة آلاف حالة وفاة في المغرب، أي بمعدل 15 وفاة في اليوم، ويُكبّد الدولة ما يناهز 11 مليار درهم سنوياً وفق تقرير لمنظمة السلام الأخضر "غرينبيس" حول المغرب الذي يعتبر من بين الدول الأعلى من حيث عدد الوفيات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك بسبب اعتماده على الفحم الحجري لإنتاج الكهرباء مما يضع صحة المواطنين في خطر.

وزاد المتحدث قائلا: "تشكّل أمراض القلب والشرايين أهم أسباب الوفيات بالمغرب، بنسبة 39.02%، ونسبة 12.23% بالنسبة للوفيات بسبب السرطان وأنواعه كما يتسبب تلوت الهواء في 43% من الانسداد الرئوي المزمن ووفيات المرضى به في غياب العلاج ومسؤول عن 29% من حالات سرطان الرئة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية ويتسبب في حوالي 21% من الوفيات بالسكتة الدماغية و24% من وفيات مرضى قصور الشريان التاجي.

جهة الدار البيضاء أكثر تلوثا

وفي هذا السياق، أبرز الفاعل الجمعوي أن سكان جهة الدار البيضاء سطات (أكبر جهة في المغرب) التي تمثل 50% من النشاط الصناعي بالمغرب، معرضون أكثر من غيرهم للإصابة بالأمراض التنفسية، نتيجة لتلوث الهواء، إذ تضم هذه المدينة نحو20% من المصابين بتلك الأمراض و52.7% من المرضى بحساسية الأنف و16% من المصابين بالربو وضيق التنفس وسرطان الرئة وأمراض الأنف والحساسية، ويعود ذلك أساسا لارتفاع التلوث في مدينة الدار البيضاء التي لم تجد بعد حل نهائيا لمطارح النفايات رغم خطورتها على صحة الإنسان والحيوان.

أما على مستوى تلوث المياه فإن 28% من مصادر المياه بالمغرب مهددة بالتلوث وتشكل النفايات الصلبة والمبيدات والأسمدة الكيماوية والمواد الكيماوية التي تصب في الأدوية أكبر تهديد مباشر لمصادر المياه الجوفية المغربية ولصحة السكان.

وكشف التقرير للبنك الدولي أن المغرب من بين أكبر الدول التي يرتفع فيها معدل تلوث المياه، لأسباب متعددة متعلقة أساسا باستعمال الأسمدة الزراعية ومشكل الصرف الصحي، وعوامل البكتيريا والكيماويات والمواد البلاستيكية وتحول المياه إلى مادة سامة للبشر وللمنظومة البيئية.

حماية البيئة أولوية

وبالمقابل يرى لطفي أن صناع القرار السياسي الحكومي ملزمون اليوم قبل أي وقت مضى جعل حماية البيئة كأولوية مندمجة وانتقائية ضمن كل البرامج والمخططات الاقتصادية والاجتماعية، وبناء نظام صحي عادل ومنصف وبيئة سليمة وتحسين المؤشرات والتأثير على المحددات الاجتماعية للصحة باعتبار أن نجاح مشروع تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض رهين بإصلاح شامل للمنظومة الصحية الوطنية وتحقيق التغطية الصحية الشاملة يحصل من خلالها جميع الأفراد والأسر والمجتمع على الخدمات الصحية التي يحتاجون إليها دون التعرض لضائقة مالية جراء ذلك.

يشار إلى أن الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة سبق أن دقت ناقوس الخطر بخصوص عدد من العوامل المؤثرة في صحة المواطن المغربي، وتتمثل في المحددات الاجتماعية للصحية ومنها تلوت البيئة والنظام الغذائي والماء الصالح للشرب ووقفت على مواطن ضعف المؤشرات الاجتماعية والبيئية المؤدية لتفشي الأمراض في المجتمع بسبب عوامل الفقر والهشاشة والعطالة والأمية، وغياب العدالة الاجتماعية وتوزيع غير منصف للدخل والثروة. فأعدادا كبيرة جدا من الناس يعيشون في كنف الفقر والمرض وانعدام الاستقرار والسكن غير اللائق وسوء التغذية وفقدان الماء الصالح للشرب وضعف الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية الشاملة.

ويؤكد تقرير الشبة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، الذي حصل موقع "سكاي نيوز عربية" بنسخة منه أن تمويل القطاع الصحي بالمغرب متواضع جدا لا يرقى إلى الانتظار ومتطلبات المتغيرات والعوامل الديمغرافية والوبائية والاجتماعية حيث ظلت ميزانية تقشفية لا تتجاوز 6% من الميزانية العامة للدولة ولا زالت ترتكز أساسا مساهمات الأسر والتي جزءا كبيرا من النفقات الإجمالية للصحة بنسبة 54% مصدرها جيوب الأفراد والأسر.

ويدعو التقرير نفسه إلى تعبئة الموارد المالية من أجل الإنفاق على القطاع الصحي الوقائي والاستشفائي وتوفير التمويل الكافي لبرامج الوقاية ودرء الاخطار وتدبيرها وتمويل المستشفيات العمومية وخلق وظائف كافية للمهنيين في القطاع الصحة بما تستدعيه خطة تعميم التغطية الصحية واستخدام التكنولوجيا الطبية والبيوطبية الحديثة والرقمنة مما سيؤدي إلى إنقاذ ملايين الأرواح، والحد من مخاطر المرض، وهي الرسالة الإنسانية لقطاع الصحة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]