علق المختص الاقتصادي والناشط الاجتماعي والسياسي خالد حسن على عدم قلق المجتمع العربي من تولي بن غفير لوزارة الأمن الداخلي (القومي) قائلًا: اعتاد بعض الساسة العرب في كل حملة انتخابية تعليق فزّاعة معينة فوق رؤوس الناخبين من المجتمع العربي لانتخابات البرلمان الإسرائيلي، وذلك أملاً منهم برفع نسبة التصويت من ناحية ولحصد أكبر عدد ممكن من الأصوات لكي يضمنوا دخولهم أعتاب الكنيست.

وتابع:

طبعاً لكل مرحلة انتخابية هنالك الفزاعة الموسمية الخاصة بها والتي تتوالد حسب مصالح ضيقة وخاصة، والتي تسعى هي الأخرى بتحقيق أهدافها على حساب فئات وشرائح من المجتمع الإسرائيلي الشامل وبضمنه المجتمع العربي والذي فقه أخيراً ومتأخراً بأنه سيكون في كل حملة انتخابية بمثابة الفيل الأبيض، أو لربما البطة السوداء أو غالباً العربي "النغش".

الناخبين في المجتمع العربي يذكرون جيداً فزاعاتهم بجميع المعارك الانتخابية الماضية خلال الثلاثون سنة الماضية، وبالمقابل يذكرون جيداً من حاول إفزاعهم من تلك الفزاعات وكيف! فجميعنا يذكر بأننا كنا على يقين بأن البلدوزر شارون كان سيرمي بنا إلى الهاوية من هول ما سمعناه من بعض ساساتنا وهذا لم يحصل بالرغم من تسببه بأحداث الأقصى وهبة أكتوبر، وبعده نتنياهو الذي لم يبخل بأي تصريح ضد المجتمع العرب محاولاً بذلك تعزيز قوته ونفوذه بالساحة السياسية الإسرائيلية، أيضاً استُغِلّت تصريحاته جيداً لكي نخاف ونُصَوّت لهذا الحزب العربي أو لتلك القائمة ولكننا ههنا باقون، وليبرمان لطالما تعلم ما يقوم به معلمه الأول نتنياهو وحاول السباحة مع التيار لكي يكسب أصوات مسمومة لصالحه ومَصَبِه كان إبرام إئتلاف مع حزبٍ عربي كان دوماً يهاجمه،، وغيرهم من الفزاعات الكبرى والصغرى.


أما اليوم، فلا يخفى على أحدٍ منا أي فزاعة كان من المفروض أن ترعبنا رعباً غير مسبوق ولكنها سرعان ما ولدت فأراً، بل كانت بمثابة أضغاث أحلام لبعض الساسة من مجتمعنا وسرعان ما تبددت تلك الأحلام، أو لربما كانت بمثابة سيناريو فاشل لكاتبٍ أفشل، إنها فزاعة بن غفير. لم يخافه أبناء مجتمعنا رغم تهويل بعض الساسة ورغم تصريحاته العنصرية ورغم تصرفاته الخبيثة والغبية، ورغم محاولات اعتداءاته المتكررة والمتعاقبة على مقدساتنا وعلى أهلنا وشعبنا.


لماذا؟ بكلمة واحدة: الوعي، دائماً ما كنت أراهن على وعي أبناء مجتمعنا، ودائماً أعمل واطالب القادة بالقيام ببرامج لرفع الوعي والادراك بين أفراد مجتمعنا العربي.
فالكثيرون من أبناء مجتمعنا أدركوا بأن أمثال بن غفير هم كثر، وبنفس الوقت هم ظاهره غير ثابته، ولا يُكتب لها الاستمرارية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى مجتمعنا العربي أصبح يدرك تماما حِيَل وألاعيب أمثال بن غفير للوصول إلى دكة الحكم.
ولكن هل تعلمون بأن نسبة الوعي لأبناء مجتمعنا علت وارتفعت إلى مكانة تؤهله بكيفية تقدير وتقييم عمل ساساتنا وقياداتنا بقدرتهم عل صد أمثال بن غفير ومنعه من مضاعفة قوته ومنعه من الجلوس على مقعد متخذي القرار؟ أنا على أمل أن يفقه ساساتنا بأنه لا يكفي تخويف أبناء مجتمعنا من هذا أو ذاك أو هؤلاء، بل لا ينبغي تخويف فردٍ واحدٍ من أبناء مجتمعنا، إنما عليهم رفع منسوب الوعي عندهم أنفسهم كسياسيين وعند كل فردٍ في مجتمعنا ومن ثم التعامل معه كناخب واعي يفقه لغة الأرقام، يتداول المعلومات

ويحللها، يشاهد ويستمع ما يدور حوله في جميع الميادين وينتظر برامج مدروسة وبعيدة المدى للحفاظ وتطوير مجتمعنا العربي.

والدليل الواضح على ما ذكرت هو الحملة الانتخابية الأخيرة للكنيست الخامسة والعشرون، فقد شاهدنا جميعاً فشل تكتيك التخويف من بن غفير لحصد الأصوات من قبل الأحزاب العربية والتحول إلى تكتيك الاستجداء لِلَمْلَمَة الأصوات.
هذا لم يحصل فقط في مجتمعنا العربي، إنما هذا ما وقعت به الأحزاب اليسارية كميرتس وحزب العمل اللذان اعتمدا سياسة الترهيب من بن غفير

الأمر الذي أدى إلى نتيجة عكسية وانقلاب السحر على الساحر.

الشعور بالخوف يرتفع منسوبه عند وجود اللا معلوم أو تسود الضبابية، والوعي يأتي ليبدد كل ذلك، ويحل تداول المعلومات وتحليلها والتعامل معها بدل تناقل الأقاويل والاشاعات والتخويف والترهيب. المجتمع العربي قرر أن لا يخاف بعد اليوم وأن لا يتقبل التخويف والترهيب وأن لا يتقبل المخوفين السلبيين. المجتمع العربي قال كلمته: بن غفير هو ظاهرة ويجب التعامل معها بعقلانية، بحكمة واستراتيجية بعيدة المدى لكي لا يتكاثر أو يأتي أحدٌ مكانه، فقد شغل قبله أردان وزيراً للأمن الداخلي والذي لم يكن أقل خطورة من بن غفير كوزيراً لنفس الوزارة وأيضاً المجتمع العربي أدرك أهمية الانتقال بقضيته الصادقة من الساحة المحلية إلى الساحة العالمية التي من شأنها تهميش بن غفير وأمثاله. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]