أوشك رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف بنيامين نتنياهو على استكمال تشكيل حكومته، لكن ما زال يتعين عليه تخطي عقبات ليتمكن من عرضها على الكنيست لنيل الثقة.

وبانتظار عرضها على البرلمان، وهو أمر مرجح في الأيام القادمة، فإن اتفاقات مبدئية أبرمها زعيم حزب "الليكود" (يمين) مع الأحزاب الشريكة باتت تكشف معالم الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.

وفضلا عن كونها الأكثر يمينية، فإنها تكاد تكون الأكثر تعقيدا، أخذا بعين الاعتبار اضطرار نتنياهو لإرضاء حلفائه من اليمين المتشدد بمنحهم صلاحيات لم يحصل عليها سلفهم في كل الحكومات السابقة.
ومن المتوقع ، أن الحكومة ستتشكل مبدئيا من 6 أحزاب هي "الليكود"، "الصهيونية الدينية"، "القوة اليهودية"، "نوعام"، "شاس" و"يهودوت هتوراه".

ولهذه الأحزاب 64 مقعدا من أصل 120 في الكنيست، ويحتم القانون الحصول على أصوات 61 نائبا على الأقل لنيل ثقة البرلمان.

وسيكون لـ"الليكود"، باعتباره الأكبر في الكنيست، نصيب الأسد من الحقائب الوزارية في الحكومة قيد التشكيل

"الليكود"

لم يتفق نتنياهو مع أقطاب حزبه "الليكود" بشأن توزيع الحقائب الوزارية عليهم حتى إعداد هذا التقرير.

وعامة، يحصل "الليكود" على الحقائب الوزارية الأهم وهي الدفاع، الخارجية، العدل، بينما يخسر حقيبة المالية التي سيتناوب عليها زعيم "الصهيونية الدينية" اليميني المتشدد بتسلئيل سموتريتش لمدة عامين ثم لفترة مماثلة زعيم حزب "شاس" اليميني الديني أرييه درعي.

وطبقا لورقة تقدير موقف صدرت عن نتنياهو، فإن الوزارات التي سيحصل عليها "الليكود" هي: الدفاع، الشؤون الخارجية، التعليم، النقل، الطاقة، السياحة، الاقتصاد، حماية البيئة، الاستخبارات، الاتصالات، التعاون الإقليمي، المساواة بين الجنسين، الثقافة والرياضة، الشتات، العلوم والتكنولوجيا والابتكار.

"عوتسما يهوديت"

لكن الوزارات والصلاحيات التي يحصل عليها حزب "عوتسما يهوديت" اليميني المتشدد بزعامة إيتمار بن غفير هي الأكثر إثارة للجدل والمخاوف داخل وخارج إسرائيل.
فلأول مرة سيحصل الحزب على حقائب وزارية في حكومة إسرائيلية، وأيضا للمرة الأولى يتم استحداث وزارة باسم "الأمن القومي" يتولاها بن غفير نفسه.

ووزارة "الأمن القومي" هي ما كان تُعرف بوزارة الأمن الداخلي لكن مع صلاحيات أوسع على الشرطة التي كانت تُعتبر مستقلة في قراراتها، إضافة إلى صلاحية على شرطة حرس الحدود بالضفة الغربية المحتلة، مع مسؤولية عن قسم إنفاذ القانون العقاري.

وسيكون للحزب أيضا وزارة تطوير النقب والجليل التي سيتولاها إسحاق فاسرلاف وحقيبة التراث التي سيتولاها عميخاي إلياهو.

"الصهيونية الدينية"

كذلك فإن الصلاحيات التي يحصل عليها حزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتشدد برئاسة بتسلئيل سموتريتش تثير مخاوف الكثيرين.

فسموتريتش سيحصل على حقيبة المالية لمدة عامين من يوم تشكيل الحكومة، ولأن سموتريتش هو أصلا مستوطن بالضفة الغربية، ويدعم الاستيطان وحتى ضم أجزاء من الضفة الغربية، فإن مخاوف شديدة قد برزت لدى الفلسطينيين والمعارضين الإسرائيليين للاستيطان.

ومع انتهاء مدة العامين سيتولى سموتريتش حقيبة الداخلية لمدة مماثلة.

كما يحصل "الصهيونية الدينية" على وزارة الهجرة والاستيعاب ووزارة جديدة تُسمى المهمات الوطنية، إضافة الى منصب وزير في وزارة الجيش لكن بصلاحيات غير مسبوقة تشمل المسؤولية عن مهام منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية وهي حتى الآن ضمن مسؤوليات وزارة الجيش، (مفصولة عن مسؤوليات قطاع غزة التي ستبقى بيد وزير الجيش في أول تقسيم منذ 1967)، وسيكون مسؤولا عن الشؤون الفلسطينية والاستيطان في الضفة الغربية.

ووزارة المهمات الوطنية هي ما كانت تُعرف بوزارة الاستيطان يضاف إليها وحدة "الثقافة اليهودية"، التي ستُنقل إليها من وزارة التربية والتعليم ووحدة "الهوية اليهودية" وستُنقل إليها من وزارة الأديان.

"شاس"
الاتفاق بين "الليكود" و"شاس" اليميني الديني ينص على إسناد وزارتي الداخلية والصحة إلى رئيس الحزب أرييه درعي خلال النصف الأول من ولاية الحكومة، على أن يتولى وزارة المالية في النصف الثاني.
ويتولى "شاس" أيضا حقيبتي الخدمات الدينية والرفاه والأمن الاجتماعي.

"يهودوت هتوراه"

يحصل حزب "يهودوت هتوراه" اليميني الديني على وزارتين هما البناء والإسكان، بما في ذلك سلطة الأراضي، ووزارة القدس والتراث.

كما يحصل على رئاسة 3 لجان في الكنيست هي المالية والداخلية وحماية البيئة.

"نوعام"

لدى حزب "نوعام" اليميني المتشدد مقعدا واحدا في الكنيست، لكن رئيس الحزب آفي ماعوز سيحصل على منصب نائب وزير ومسؤول عن إدارة هيئة الهوية اليهودية بوزارة التعليم.
وماعوز يميني متشدد معادٍ للفلسطينيين، ويدعو إلى التطبيق الصارم للتعاليم اليهودية في إسرائيل، ويعارض عمل المرأة ومناهض للمثليين جنسيا.

ماذا يقول نتنياهو؟

رئيس الوزراء المكلف نتنياهو يرفض اتهامات المعارضة لحكومته المرتقبة.

وفي ورقة تقدير الموقف قال نتنياهو: "تتضمن سياسة الحكومة المنتخبة إصلاحات ومبادرات مهمة مثل استعادة الأمن الشخصي لمواطني إسرائيل، وتعزيز إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية وتعزيز الحكم وتقوية المستوطنات في يهودا والسامرة (التسمية التوراتية للضفة الغربية)".

وشدد على أن هذه السياسية "لا تتضمن أي ضرر لحقوق المثليين أو الجمهور العلماني أو أي مواطن في إسرائيل".وبالنسبة لدوره هو شخصيا فقال، إنه "الشخص الذي سيقود الحكومة

بمسؤولية بكلتا يديه على عجلة القيادة، مع الحفاظ بشكل كامل على حقوق جميع المواطنين اليهود وغير اليهود المتدينين والعلمانيين المثليين والأقليات".

ورفض نتنياهو اتهامات بأن ماعوز سيتولى وزارة التربية والتعليم، وقال إن الوزارة "ستواصل تحديد المناهج الدراسية. سيتعامل آفي ماعوز فقط مع الالتزامات الخارجية لوزارة التربية والتعليم، والتي تشكل حوالي 2 بالمئة من ميزانية التعليم".

وأردف: "سيعمل ماعوز تحت قيادة رئيس الوزراء نتنياهو، حيث يشغل منصب نائب وزير في مكتبه".

لكنه لم ينف نقل صلاحيات الإدارة المدنية، ذراع وزارة الجيش في الأراضي الفلسطينية، إلى مسؤولية سموترتيش وقال إن "الإدارة المدنية ستبقى في وزارة الجيش".

ومضى قائلا إن "قرارات وزير الصهيونية الدينية الذي سيعمل في وزارة الجيش ستُتخذ بالتنسيق مع رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الجيش".

وماذا يقول لابيد؟

رئيس الوزراء المنتهية ولايته، زعيم حزب "هناك مستقبل" الوسطي، يائير لابيد وصف الحكومة قيد التشكيل بأنها "الأكثر تطرفا وجنونا في تاريخ إسرائيل".

وفي كلمة له أمام الكنيست مساء الإثنين، قال لابيد: "هذه ليست حكومة حزب الليكود، هي بالتأكيد ليست حكومة نتنياهو".

ومهاجما رئيس الوزراء المكلف، اعتبر لابيد أن "نتنياهو (73 عاما) ضعيف ومرعوب من محاكمته.. لقد سيطر عليه متطرفون أكثر شبابا وإصرارا منه.. (بتسلئيل) سموتريتش و(ارييه) درعي يتحكمان بهذه الحكومة. ونتنياهو هو شريك أقل شأنا منهما".

وتابع: "هم يعلمون أن ما يشكلونها ليست حكومة عاقلة. سنناضل ضدها ولن نتنازل لهم عن الدولة التي نحب. هذه هي الحياة السياسية. مرة أنت في الأعلى ومرة أخرى في الأسفل، ولكن ولا مرة يمكن أن تتنازل".

مدة تشكيل الحكومة..

طبقا للقانون فإن لدى رئيس الوزراء المكلف مهلة 28 يوما لتشكيل الحكومة يمكنه تمديدها لمدة 14 يوما إضافية بموافقة الرئيس الإسرائيلي.

وما زال أمام نتنياهو حتى 21 ديسمبر/ كانون الأول الجاري لتشكيل حكومة بعد حصوله على تمديد لـ10 أيام، لكن يمكنه أيضا طلب تمديد لمدة 4 أيام أخرى مرهونة بموافقة الرئيس إسحاق هرتسوغ.

وفي حال طلب نتنياهو المهلة الإضافية وحصل عليها فإنه يكون قد استنفد الـ42 يوما لتشكيل الحكومة.

وإذا فشل فمن حق هرتسوغ أن يكلف نائبا آخر بتشكيل الحكومة خلال 28 يوما.

وفي حال فشل المرشح الثاني، يعيد هرتسوغ الأمر إلى الكنيست الذي يكون أمام خيارين، فإما أن يجد من بين نوابه من يشكل حكومة تحظى بثقة ما لا يقل عن 61 نائبا أو يتم حل الكنيست والتوجه إلى انتخابات مبكرة.

وفي هذا الصدد قال نتنياهو في ورقة تقدير الموقف: "استغرق تشكيل الحكومة المنتهية ولايتها 38 يوما، وهو الوقت المتوقع تقريبا لتشكيل الحكومة اليمينية".

وتوقعت إذاعة الجيش الإسرائيلي عرض الحكومة على الكنيست لنيل الثقة في 27 ديسمبر الجاري، بالرغم من استمرار محاكمة نتنياهو بتهم الرشوة والاحتيال وإساءة الائتمان.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]