لا تزال التحذيرات والانذارات والمناكفات السياسية بين الأحزاب المتطرفة للائتلاف الحكومي القادم من جهة وأحزاب المعارضة والأحزاب العربية من جهة أخرى حديث الساعة في البلاد، وخصوصا بعد دزينة القرارات والقوانين التي تم سنّها على مقاس قادة الأحزاب المتطرفة.

وبطبيعة الأمر، وتباعا لتطلعات وفكر الأحزاب التي ستشكل الحكومة، ففي الفترة القادمة، ستزداد وتيرة التضييق وترهيب الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، وأيضا في حالتنا كمجتمع عربي في الداخل، من المؤكد أنه سيكون لنا حصة كبيرة من التضييق ومحاولات الترهيب والقمع، في حياتنا الاجتماعية وعملنا وتعليمنا ونشاطاتنا الميدانية والشعبية.

وفعلا بدأت سياسات الحكومة القادمة تجاه الفلسطينيين في الداخل تطفو على السطح مؤخرا، حيث تم اعتقال 3 نشطاء بحجة رفع العلم الفلسطيني خلال وقفة احتجاجية دعى لها "حراك حيفا" لدعم ومساندة أهالي معتقلي هبة الكرامة يوم السبت الموافق 17/12، الأمر الذي يعتبر سابقة خطيرة من نوعها بمنع الشرطة رفع العلم الفلسطيني في المرافق العامة واعتقال من يرفعه بالرغم من عدم وجود قانون يمنع رفع العلم.

وفي حديثها لـ”بُكرا”، وعن سابقة اعتقال رافعي العلم الفلسطيني، قالت العضو في “حراك حيفا” سمية فلاح: “ شعرنا أن قيادة الشرطة في حيفا تسعى إلى تغيير قوانين اللعبة، ونحن نؤكد أن رفع العلم الفلسطيني في المظاهرات الوطنية هو عمل عادي ومنذ سنوات طويلة توقفت الشرطة عن ملاحقة رافعي العلم، وقد أظهر عزم قائد شرطة حيفا على منع رفع العلم الفلسطيني هذه المرة على استعداده لاستقبال وزير الشرطة الجديد العنصري بامتياز، ومحاولاته لتحسين وتعزيز صورته القمعية عند أسياده الجدد”.

وعن قمع الشرطة للمظاهرات الفلسطينية، قالت فلاح: “ قمع الشرطة لمظاهرات وطنية في حيفا ليس أمرًا جديد، فقد قُمعت بالعنف المبرح مظاهرات الحراك التي انطلقت تلاحمًا مع مسيرات العودة في قطاع غزة في أيار 2018 ودعمًا لصمود أهلنا في الشيخ جراح في أيار 2021، وقبلها المظاهرة المناهضة لمشروع برافر لتهجير عرب النقب عام 2013 ومظاهرة الغضب ضد العدوان على غزة عام 2014 وغيرها”.

وعن مدى تخوفهم كحراك من زيادة حدة ووتيرة قمع النشاطات الشعبية الفلسطينية في ظل الحكومة القادمة، قالت فلاح: “ من حيث المبدأ لا يجد فرقًا بين حكومات إسرائيل المختلفة، وكلها تحمل نفس المشروع العنصري الاستعماري وتسعي إلى اقتلاعنا، ولكن هذا لا يعني أنه لا توجد اختلافات بالأساليب وفي حدية المواجهة. وقد رأينا كيف اجتهدت الحكومة الصهيونية الأخيرة بزعامة بينيت ولبيد لتتفوق على سابقاتها من خلال خطواتها القمعية كهدم البيوت والاعتقالات الإدارية والقتل اليومي برصاص الشرطة والجيش، وذلك بالرغم من ارتكازها على الدعم المباشر والغير مباشر من بعض الأحزاب العربية”.

وأكملت: “ ونرى أنه المشروع الصهيوني يميل دائمًا إلى زيادة العنف والتطرف والعنجهية، وهذا ما يقارب احتمال انهيار هذا المشروع، ولكن علينا ألا نتهاون مع المخاطر ولا نقلل من إمكانية هذا النظام أن يرتكب أبشع الجرائم”.

وفي ذات السياق، وعن التخوفات من المرحلة القادمة وزيادة حدة ووتيرة القمع تجاه النشاطات الوطنية، قال سكرتير جفرا - التجمع الطلابي في جامعة تل ابيب، أحمد جبارين: “ على مستوى الممارسة، من الممكن أن نشهد تصاعدًا في حدّة الملاحقة لكل تحرك سياسي، وللحركات الطلابية بشكل خاص، ستُترجم هذه الملاحقة في التعامل الشديد مع قضية رفع العلم الفلسطيني وإبراز الهوية الفلسطينية”.

وعن كيفية مواجهة هذه السياسات العنصرية، قالت الحقوقية والناشطة الاجتماعية مرح أمارة: “ يصعب علينا كنشطاء وحقوقيين تخيل هذا الواقع وتقبله، هذه السياسة والتعامل معها واضحة لا تحتاج امرًا غير التكافل والتنظيم المجتمعي لأيام احتجاج واضرابات لاثبات قوتنا وفعاليتنا واحتياجهم لنا والزامهم على احترامنا وفرض معادلة جديدة لنثبت اننا اصحاب الارض الاصلانيين ولا احد يصنع لنا معروفًا بابقاءنا في هذه البلاد”.

وفي ذات سياق مواجهة السياسات العنصرية، قال سكرتير جفرا - التجمع الطلابي في جامعة تل ابيب، أحمد جبارين: “ لن تزيدنا أي ملاحقة سوى إصرارًا على طريقنا، وتمسكًا بهويتنا وبانتمائنا لشعبنا ولقضاياه اليومية والقومية، هكذا قررنا أن نتعامل دائمًا مع الملاحقات التي شنّتها ضدّنا المؤسسة الاسرائيلية على اختلاف اذرعها، وهكذا سنتعامل مع أي ملاحقة مستقبلية مهما بلغت حدّتها”.

واختتمت العضو في “حراك حيفا” سمية فلاح حديثها قائلة: “ لا بد أن تولّد هذه الملاحقات المزيد من النضالات، وعلينا جميعا أن نترفع لمستوى التحديات وأن نلتحم مع جميع قطعات شعبنا بالرغم من كل المؤامرات الصهيونية لتقسيمنا كشعب ولتفتيتنا كمجتمع، وعلينا أن لا نجمل الوجه البشع للكيان الصهيوني الذي قد ينكشف أمام العالم وأن نرفع صوتنا عاليًا أمام الجماهير العربية ومن على المنابر الدولية لكي يتعون الجميع لوقف جرائم هذا النظام”.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]