"آسف، تأخّرت عن الموعد"، يحمل بعض الناس هذه الجملة دائما في حقيبتهم، فيقدّمها جاهزة في أي اجتماع عمل أو لقاء مع أصدقاء أو حتى موعد طبي، ويتكرّر الأمر في سائر المواعيد والمناسبات حتى يصبح عادةً أو أسلوب حياة.


يُطلق على هذه الحالة اسم "عمى الوقت"، وهو التحلّل الدائم من الالتزام بالمواعيد، أو -بعبارة أخرى- عدم القدرة على الشعور بمرور الوقت. ولا ينجم ذلك دائما عن سلوك طائش، بل له أيضا عوامل أخرى، مما يجعله أشبه بمشكلة حسيّة، وليس تجاهلا متعمّدا للزمن.

ضعف إدارة النشاطات والوقت
ويرى مدرب إدارة الأعمال والتطوير الشخصي والمهني، محمد تملي، أن هناك سببين رئيسين للتأخر الدائم: أولا ضعف إدارة النشاطات والوقت، وعدم القدرة على تقدير الزمن لكل نشاط تقوم به. وهذه نقاط ضعف في الشخص الذي يوصف بعدم التزامه بمواعيده ووقته، فتجده كثير الاعتذار بسبب التأخر، والقاعدة تقول "إذا أردت أن تعرف نقاط ضعفك، انظر إلى اعتذاراتك المتكررة".



وتابع أن "لمعالجة الأمر، لا بد أن يكتسب الفرد مهارات وضع الأهداف المحددة وإدارة الأولويات والتعامل مع الوقت والابتعاد عن التسويف"، معتبرا أن إنجاز المهمات بجودة عالية فقط لا تكفي كمعيار للإنجاز، بل أن تنجزها في الوقت المحدد أيضا حتى لا تتراكم المهمات وتتداخل الأولويات وتفقد السيطرة على الأمور. وقد يصل بك الحال إلى أن تصبح شخصا مشغولا، لكنك غير منجز ولا تتقدّم في حياتك.

نصائح لتعديل السلوك
يقدم المدرّب تملي النصائح التالية لتعديل سلوك الفرد في تأخره الدائم عن المواعيد:

إن كنت تقيس النجاح بعدد الساعات التي تمضيها في العمل، فأنت مخطئ؛ لأن النجاح هو أداء العمل الموكل إليك في الوقت المحدد.
لا تركّز على النتائج، ركّز على الأفعال المؤدية إلى النتائج، وأهم فعل هو أن تتعلم إدارة وقتك.
لا تبدأ يوم عملك من دون جدول أعمال واضح، ولا تنهي يوم عملك من دون أن تكون راجعت ما أنجزت في هذا الجدول.

ألزم نفسك بإنجاز جدول أعمال اليوم الذي قمت بوضعه، ولا تسمح للمقاطعات، حتى لا تكون جزءا من خطة الآخرين، وكن حازما في قول "لا يوجد لدي متسع في جدول أعمالي لليوم". وجميل أن يراه الشخص الآخر حتى يرى مدى مهنيّتك العالية.
استخدم أداة "التقويم" (Calendar) لتثبيت الاجتماعات والمواعيد أولا بأول، وعند وضع خطة الأسبوع قم بمراجعته.
ركّز على مشروع واحد وأنجزه ثم انتقل إلى الآخر. وكذلك الحال عند إنجاز المهمات.
تعلم قول "لا" للمقاطعات، ليس من باب الكسل، ولكن من أجل التركيز والذكاء.
تذكر أنك لا تملك سوى 24 ساعة في اليوم و168 ساعة في الأسبوع.


حدد المشتّتات وأوقفها في أثناء إنجاز المهمات، خصوصا إشعارات وسائل التواصل الاجتماعي.
قسّم جدول الأعمال اليومي إلى فترات، ولا تجدول كل دقيقة.
حدد وقتا لإنجاز كل عمل.
قدّم ساعتك 5 دقائق.

التأجيل والفشل
بدوره، يقول المتخصص في الطب النفسي الدكتور مازن مقابلة إن المماطلة أو التأجيل (Procrastination) من أكثر العوامل المسببة للتقصير أو الفشل في مختلف مجالات الحياة، وكثيرا ما يصعب على الأشخاص تجاوزها أو حلّها، للأسباب التالية:

أسباب غير مَرضية:
1-الاضطرابات النفسية أو العقلية أو العصبية، مثل: اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، والفصام العقلي، واضطراب المزاج ثنائي القطب، والاكتئاب، واضطرابات القلق، والوسواس القهري، والصرع، وتدنّي القدرات العقلية.

2-الأمراض الجسدية: مثل خمول الغدة الدرقية، والرشح، والمغص المعوي، والمغص الكلوي، ونقص السوائل والفيتامينات "دي" (D) "بي 12" (B12) والأملاح وغيرها.


طرق لتحسين مهارات إدارة الوقت
ليس كل من يتأخر بشكل مزمن يعاني حالة صحية عقلية، مثل القلق الاجتماعي والكآبة والوسواس القهري والنرجسية واضطرابات تعاطي المخدرات وانفصام الشخصية، إذ نشأ بعض الأفراد في عائلات أو ثقافات كان التأخر فيها أمرا شائعا.

وحسب موقع "سايك سنترال" (Psychcentral)، هناك طرق عدة لتحسين مهاراتك في إدارة الوقت، منها:



اطلب الدعم المهني: إذا لاحظت أن التأخر المزمن يتداخل مع حياتك اليومية، ففكر في التحدث مع متخصص لتحديد إذا ما كنت تعاني حالة صحية عقلية أساسية. يمكن أن يساعدك اختصاصي الصحة العقلية -أيضا- في اكتشاف خيارات العلاج وإستراتيجيات التأقلم التي يمكن أن تساعدك على تحسين إدراكك للوقت.

اضبط منبّها: ربما يكون هذا هو الشيء الأكثر فائدة بشكل مباشر، ضع في اعتبارك تعيين عداد الوقت، عندما تحتاج إلى البدء في الاستعداد.

طوّر روتينا: يمكن أن يساعد الروتين المنتظم في حل مشكلات إدراك الوقت، بحيث ستكون قادرا على تتبع المدة التي تستغرقها مهماتك اليومية، إذ أكدت البحوث أن اتباع روتين يومي يسهم في نمط حياة صحي.

كن منظما: يساعدك التنظيم بشكل كبير إذا كنت دائما لا تستطيع العثور على أي شيء، وضع في اعتبارك تخصيص منطقة يمكنك وضع مفاتيحك ومحفظتك وحذائك وهاتفك فيها.

استخدم تقويما ورقيا/ دفتر ملاحظات: الهواتف وأجهزة الكمبيوتر رائعة لحفظ الملاحظات والتقويمات، لكننا لا ننظر إليها دائما. ضع في اعتبارك الاحتفاظ بتقويم ورقي أو دفتر ملاحظات على مكتبك أو منضدة أو مكان ما تراه دائما. وحاول تطوير عادة التحقق من ذلك كثيرا.

استعد في الليلة السابقة: إذا كان عليك المغادرة في الصباح الباكر، فقم باستعداداتك الليلة السابقة، على سبيل المثال، رتب ملابسك واحصل على فطور سهل التحضير.(الجزيرة)

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]