يقولون إن الأزمات هي فرص للنمو. قد يبدو لكم هذا مجرد كلام آخر يقوله الناس في الأزمات، لكن خلال أزمة كورونا، مثلا، وهي اكبر الازمات التي رافقت العالم، قامت العديد من العائلات بتغيير أسلوبها في التدبير المالي نحو الأفضل وغيّرت ثقافة الاستهلاك العائلية، مما يستدعي تسليط الضوء على الموضوع، خاصةً في ظل الحديث عن موجة الغلاء وارتفاع الفائدة البنكيّة، والتي باتت تقلق الجميع.

وللتوضيح، تشهد البلاد مؤخرًا موجة غلاء وارتفاع للفائدة البنكيّة، الموجة التي حوّلت معظم الحاجيات الأساسيّة للمواطن أكثر كلفةً، سواءً تلك التي تتعلق بالبنى التحتية أو تلك المتعلق بالحاجيات الغذائيّة الأساسيّة، مما يطرح تساؤلا عما اذا كان هنالك إمكانيات للتعامل معها؟

للجواب على السؤال، نذّكر قليلا بعامين مضيا- فترة الكورونا، في حينه كان الجميع ينتظر عودة الحياة إلى مسارها المعتاد والطبيعي وكأن ما مررنا كان حلمًا، في السياق، ترى المحامية رنين مرضي، مديرة النمو المالي والمجتمع العربي في بنك "هبوعليم" أنّ هنالك عادات وتدابير تم تبنيها في تلك الفترة، صوّبت الإستهلاك الماليّ للفرد، وحوّلت الإستهلاك إلى أكثر عقلانيّة ومدروسًا، الأمر الذي يستدعي أنّ نتعلم من تلك العادات ونواظب عليها، حاليًا ومستقبلا ايضًا، مع أزمات وبدون أزمات!

وحول الموضوع، تقول لموقع "بكرا"، في حديثٍ خاص: خلال فترة الكورونا، لمسنا عدد من السلوكيات الماليّة التي تشير إلى تصرف مالي صحيح، وإدارة ماليّة سليمة، وهنالك أهمية كبيرة في الحفاظ على هذا النهج وتبنيه.

وأوضحت: اليوم، وفي ظل الحديث المتكرر والمقلق عن ظاهرة ارتفاع الأسعار والفائدة البنكيّة، هنالك عدد من النصائح نقدمها بناءً على دراسة لتلك الفترة، وهي نصائح قد تبدو بسيطة نسبيًا إلا أنها تحمل اثرًا ملموسًا وفعالا.

مراقبة النفقات

وقالت: من خلال دراسة يتضح أنه في فترة الكورونا، أدى انخفاض الدخل إلى قيام العديد من العائلات بمراقبة النفقات عن كثب، كما وتخطيط الميزانية العائليّة.

وعن كيفية تتبع النفقات بطريقة مفيدة، قالت: من المُحبذ إدارة سجل لجميع النفقات (بما في ذلك النفقات ببطاقات الائتمان والشيكات والمال النقدي) بشكل أسبوعي. بالإضافة إلى ذلك، ننصح بتخصيص نصف ساعة في الأسبوع للتحقق مما إذا كانت هناك نفقات غير ضرورية أو مرتفعة للغاية يمكن التنازل عنها. القدرة على رؤية الوضع الاقتصادي الحقيقي، تساعد على تخطيط ميزانية عائلية واقعية ومتوازنة وتجنب النفقات غير الضرورية. لذلك كما يقولون على وسائل التواصل الاجتماعي، لا "تحذفوا المتابع" من وضعكم المالي.

تخطيط الميزانية العائلية

وقدمت تصورًا عن تخطيط الميزانية العائلية، مشيرةً: اولًا، نفهم ما هو صافي دخل العائلة بالكامل. بعد ذلك، نجمع جميع الأوراق المالية ونحدد النفقات الثابتة (مثل ضرائب الممتلكات "ارنونا" والتأمين والاتصالات) والمصروفات المتغيرة (مثل الوقود والسفري والهدايا). وحين تكتمل أمامنا الصورة الواضحة للدخل والنفقات، فيمكننا عندها تحديد إطار واقعي للميزانية يتماشى مع طبيعة العائلة وطبيعة الأحوال في تلك الفترة.

نشتري بالأساس ما نحتاجه

وأكملت مشيرةً إلى ثقافة "الشراء بذكاءٍ"، وقالت موضحةً: تحقيق هذه الثقافة يتم بخطوات معينة وبسيطة، فيها نقوم بإعداد قائمة مشتريات بناءً على الاستهلاك الأسبوعي للعائلة ولا نقوم بإدخال منتجات غير مستخدمة، فقط "لكي تكون لدينا". يجب أن يتم التسوق حسب القائمة بشكل مركّز مرة في الأسبوع، وتجنب إكمال مشتريات خلال الأسبوع. بالإضافة إلى ذلك، يُجدر بنا أن نأخذ بعين الاعتبار أن التسوق عبر الإنترنت يوفر الوقت وتكاليف الوقود، ويساعد على الالتزام بقائمة المشتريات وتجنب الإغراءات. هناك طريقة أخرى لتجنب المشتريات غير الضرورية وهي الحفاظ على المنتجات طازجة بشكل أفضل في الثلاجة.

نُشرك الأولاد ايضًا في الإدارة المالية الذكية

وأكدت المحامية مرضي أنّ الإدارة المالية الصحيحة لا تتعلق بالأهل فقط، إنما هنالك حاجة لرفع وتعزيز وعي الأطفال لذلك، وتنمية سلوكيات مالية سليمة لديهم منذ الصغر، الأمر الذي يرافقهم ايضًا مع الكبر، مثلا في أيام الجامعة.

وشددت: يجب كشف الأطفال وفقًا لأعمارهم، لقضايا بسيطة مثل التسوق في السوبر ماركت ومراجعة الحسابات التي يتشاركون الأطفال فيها، مثل فاتورة الهاتف المحمول أو فاتورة الكهرباء.

كيف نقوم بذلك: دعوا الأطفال يديرون ميزانيتهم الخاصة الصغيرة

وأشارت إلى انّ المهمة ليست بالمستحيلة، مُفّصلة: نقوم بإعداد حصّالة توفير. نعطي الأطفال المبالغ الصغيرة المسترجعة من الدفع عند التسوق لكي يوفروا تلك المبالغ الصغيرة. بالإضافة إلى ذلك، إذا سمحت ميزانية الأسرة بذلك، يتم وضع ميزانية لهم لتغطية النفقات الشخصية التي يمكنهم من خلالها شراء ما يختارونه أثناء التسوق الأسبوعي في السوبر ماركت. هذه طريقة جيدة لممارسة اتخاذ القرارات ضمن ميزانية معينة. أثناء التسوق، يمكن تشجيع الأطفال على مقارنة الأسعار وكسب الفرق الذي يتم توفيره عند شراء منتج آخر. هل يمتلك الأطفال هاتفًا خلويًا؟ هذه فرصة رائعة لتعلم قراءة الحسابات. كل شهر، يمكن مراجعة فاتورة الهاتف المحمول معًا، ومعرفة ما إذا كان هناك خروج عن حجم التصفح وكيف تم دفع الفاتورة ومتى.

وختمت المحامية مرضي وقالت: نمر في مرحلةٍ غير مستقرة ماليًا، ومتابعة أنماط وسلوكيات الصرف وبناء تخطيط للميزانية، حاليّ ومستقبليّ، يساعد على تجاوز هذه الفترة، في حال كان هنالك صعوبة في القيام بذلك بشكل فرديّ، ممكن التوجه إلى مختصين في المجال.

• للتنويه: المذكور أعلاه مادة توضيحيّة عامة، إلا أنها لا تُشكل بديلا للحصول على استشارة خاصةً تأخذ بعين الإعتبار إحتياجات الفرد المُتوجه. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]