ينما تنشغل البلاد في التغييرات في جهاز القضاء التي تهدف إلى تقليص صلاحياته، بين مؤيد داعم للحكومة ومعارض مشارك أو داعم للاحتجاجات، ما زال الفلسطينيون مواطني دولة إسرائيل حتى الآن يقفون على الهامش في الاحتجاجات ضد حكومة اليمين، باستثناء مظاهرة أقيمت الخميس في النقب احتجاجًا على عمليات الهدم المكثفة التي تقوم بها الحكومة في النقب، وباستثناء بعض الوقفات الاحتجاجية على الأحداث في الضفة الغربية، خصوصًا اعتداءات المستوطنين في حوارة. لكن لا يذكر أحد حتى الآن ما ستفعله الحكومة في مسألة الميزانيات للمجتمع العربي، الخطة الخماسية التي أعلنت عنها الحكومة السابقة، والتي ووفق الميزانية الأولية التي تم تمريرها في الحكومة وستمرر في الكنيست غالبًا بعد عطلة الكنيست، على ما يبدو ستتأثر.

تقليصات في ميزانيات المواصلات والبيئة
"هنالك تقليصات ملحوظة في وزارة المواصلات ووزارة جودة البيئة بالذات" يقول أمير بشارات، مستشار اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية، ويضيف: "بالنسبة لميزانية المواصلات، في عام 2017 قررت الوزيرة آنذاك، ميري ريغف، القيام بسمح شامل لجميع المشاريع للبنية التحتية في المواصلات بالمجتمع العربي لتقليص الفجوات ووكلت نتيفي شركة أيالون على أن يكون المشروع لمدة 10 سنوات، ولكن بعدها تم حل الحكومة ونتيفي أيلون لم تبدأ بعملها، ثم جاءت حكومة التغيير ولأن المسح كان غير منتهي، قررت تخصيص مليار شيكل للعام 2022 ومليار آخر للعام 2023 وكان هنالك اتفاق ائتلافي مع القائمة الموحدة يتحدث عن خطة بـ20 مليار شيكل لمدة 10 سنوات، ثم تفككت الحكومة ووصلت الحكومة الجديدة، التي قررت أ تخصص للعام 2023 500 مليون شيكل وللعام 2024، 500 مليون، بمعنى أن الخطة المعدة بأن يتم تخصيص 20 مليار شيكل خلال 10 سنوات، ستتغير، وسيتم تخصيص 20 مليار شيكل بـ40 عامًا. وقد توجهنا للوزيرة ولرئيس الحكومة لتعديل هذا الأمر وحتى الآن لا رد.
وحول التقليص في ميزانية وزارة جودة البيئة المخصصة للمجتمع العربي، قال بشارات:" ضمن الخطة الخماسية 550 كان هنالك 550 مليون شيكل مخصصة للمجتمع العربي لـ5 سنوات لمشاريع تتعلق بجودة البيئة، وهي تأتي ضمن سياسة التفضيل المصحح التي كانت أساس الخطة الخماسية أصلًا، لكن الوزيرة عيديت سيلمان قررت تحويل 100 مليون من هذه الميزانية إلى مجتمعات ضعيفة أخرى، الحريديم وغيرهم، رغم أن هذه الميزانيات أصلًا تحصل عليها السلطات المحلية مقابل أموال تدفعها لمواقع دفن النفايات وغيرها".

نفتالي بينيت، رئيس الحكومة السابق انتقد الحكومة الحالية، وبنيامين نتنياهو بالذات وقال أن تمرير الحكومة للميزانية كشف أكاذيب بنيامين نتنياهو، حيث كتب في صفحته أن الحكومة مررت الميزانية ذاتها التي مررتها حكومة بينيت والتي تشمل 6 مليار شيكل سنويًا لمدة 5 سنوات، وانتقد ليبرمان نتنياهو على ما وصفها بكذبة "53 مليار" شيكل مؤكدًا أن المبلغ لم يصل يومًا إلى هذا الرقم.

الامتحان في التنفيذ
رئيس كُتلة قائمة الجبهة والعربية للتغيير في الكنيست، د. أحمد الطيبي أكد ما قاله بينيت "الحكومة تقول أنها أقرت نفس الميزانيات تقريبًا التي أقرتها الحكومة السابقة، وحتى بالنسبة لميزانية المواصلات، كانت هنالك اتصالات بين وزارة المواصلات ووزارة المساواة الاجتماعية وتم الاتفاق على مليار شيكل تقريبًا لهذا العام، لكن، الامتحان ليس بالميزانيات، بل التنفيذ، في فترة نتنياهو تم إقرار 15 مليار، نفذ منها حوالي 10 مليار. الحكومة السابقة تفاخرت بأرقام ولكنها نفذت جزء منها، واعتقد أن هذه الحكومة الفاشية ستنفذ جزء منها، يعني حتى هذه الحكومة الفاشية، أقرت أن هنالك احتياجات للمجتمع العربي، حيث لا يمكن تجاهل هذا الأمر".

"بعد نحو 3 شهور من بداية عمل هذه الحكومة، ما زالت الأمور صعبة، واذا لم يتم المصادقة على ميزانية الدولة بشكل رسمي فإن الخطة الخماسية حتى ستكون في خطر" يقول خالد حجيرات، رئيس المجلس المحلي في بئر المكسور :" الحكومة منشغلة في نفسها، ورغم أن معظم الميزانيات التي أقرت في الحكومة السابقة كانت تصلنا عن طريق نداءات، ورغم أننا قد حصلنا كسلطات محلية على قسم من هبات الموازنة، إلّا أن الإشكاليات داخل الحكومة تؤثر علينا بشكل واضح، قبل أن نتحدث أصلًا عن كونها حكومة يمين، نحن نتواصل مع كافة الوزارات ونعمل على تحصيل كافة حقوقنا".
وتحدث حجيرات عن الأمور التي يشعر كرئيس سلطة محلية بالتغيير فيها والأمور التي لا تحتمل التقليص:" في ميزانيات المواصلات وفي ميزانيات أخرى مثل التربية والتعليم، مثلًا في عدة بلدان هنالك طلاب يتعلمون في غرف متنقلة وأي تقليص للميزانية سيبقيهم على هذا الحال، ورغم أن شكيد كانت وزيرة صعبة خصوصًا فيما يتعلق بتوسيع الخرائط التفصيلية والحدود، إلا أن عدم وجود وزير بشكل واضح في وزارة الداخلية، يؤثر بشكل كبير على سيرورة العمل".

فوضى في وزارة الداخلية
أمير بشارات أكد أيضًا على الخلل في وزارة الداخلية بسبب وضعية الوزارة التي يشرف عليها وزير من شاس لكن بالفعل يديرها أرييه درعي على ما يبدو "على مستوى وزارة الداخلية لم نلحظ أي تغيير للأفضل، رغم أن شكيد كانت سيئة وصعبة كوزيرة وعادة درعي يكون أفضل مع السلطات المحلية العربي، لكن بسبب عدم وجود وزير ثابت ما زال الموظفون هم الذين يتحكمون بكل شيء، وحتى قسم من ميزانيات التطوير من عام 2022 لم يتم تحويلها للسلطات المحلية بعد، وهنالك خوف حقيقي مع عدم استمرار الحكومة أن لا تنفذ الخطة الحكومية 550 كما يجب".


وتطرق خالد حجيرات للخلل أصلًا في تعامل الحكومات مع المجتمع العربي:"أنا ضد فكرة الخطة الخماسية، 30 مليار لـ5 سنوات يعني 1.5% من ميزانية الدولة، وهنالك شعور أن تخصيص هذه الخطة يعفي الحكومة من التزامات كثيرة تجاه المجتمع العربي خارج الخطة، وهنالك عوائق عديدة، مثلًا يصدر نداء عن وزارة معينة بميزانية مخصصة لمشروع معين، مثل تخطي شوارع، وهنالك 100 عائق أمام استثمار هذه الميزانيات، عوائق تتعلق بالتخطيط وبتوسعة البلدات وغيرها".


حول القلق من تغييرات أخرى في الميزانية قبل تمريرها في الكنيست يقول بشارات "ضمن الاتفاقيات الائتلافية مع عوتمسا يهوديت فإن بند حصول السلطات المحلية العربية على 30% من ميزانية وزارة تطوير النقب والجليل سيُلغى، لسببين، لأن عوتسما يهوديت ترفض أن يكون هنالك تفضيل مصحح للعرب، ولأن ميزانية الوزارة ارتفعت، ولكن حتى الآن لم يتحدثوا عن تنفيذ هذا البند من الاتفاقية".

الحكومة السابقة أسقطت نفسها
الطيبي رد على سؤال حول ما اذا كان يشعر بالندم على معارضة الحكومة السابقة في أعقاب السياسات التي تنتهجها هذه الحكومة بقوله: "معارضتنا للحكومة السابقة لم تكن لتركيبة الحكومة، بل لسياساتها، فهي قتلت أكبر عدد من الفلسطينيين منذ 16 عامًا في الضفة، وفي فترتها اقتحم الأقصى 55 ألف مستوطنًا، وهدمت المنازل بوتيرة أعلى من غيرها، ودعمت الاستيطان بشكل كبير ودعمت منع لم الشمل، رغم أننا صوتنا مع الكثير من الاقتراحات التي تتماشى مع مصالح مجتمعنا وبرنامجنا السياسي. وهي في النهاية تفككت بسبب أعضاء من الائتلاف الذين قرروا الانفصال وأخص بالذكر عيديت سيلمان ونير أورباخ، وبسببهم فقدت الحكومة للأغلبية، وأريد أن أذكر أننا حينما أردنا أن نقترح قانون المتهم – الذي سيمنع نتنياهو من الوصول إلى الحكم، الذي رفض كان لبيد بحجة أن شكيد تعارض هذا القانون.

لخالد حجيرات كان لا بد من التطرق لقضية الجريمة بالمجتمع العربي، خصوصًا بعد جريمة القتل التي حصلت الأحد في كفر كنا وقُتلت فيها شابة أم لطفلين وبعد مقتل 31 مواطنًا عربيًا منذ مطلع العام: "أقول أن كل هذه المشاكل وكل هذه العوائق وكل هذه الأمور، تصبح سخيفة بجانب آفة الاجرام التي تضرب في مجتمعنا، المواطن العربي فقط الشعور نهائيًا بالأمان، وعندما يفقد الانسان الشعور بالأمان، تصبح أحلامه صغيرة، لذلك من واجبنا كقيادات عدم السكوت وعدم الاستسلام، على اللجنة القطرية التحرك والاحتجاج، الأسباب التي تدعونا كمجتمع للاحتجاج، خوفًا على حياتنا، أهم بكثير من أسباب الاحتجاجات التي تحصل في الشارع الإسرائيلي العام، رغم ذلك ما زلنا في سكوت".
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]