تقريباً واحد من بين كل رجلين في المجتمع العربي في البلاد هو مدخن، تقريباً الضعف مقارنة بالرجال في المجتمع اليهودي.

المعطيات الصعبة تثير القلق. هناك محاولات منذ سنوات للتعامل مع الظاهرة في المجتمع العربي دون تحقيق نجاح وربما حان الوقت لإعادة الحسابات؟

انطلق موسم الأعراس بكل ما يحمل من مشاركة الناس بالاحتفالات والفرحة الكبيرة. إلى جانب ذلك، أشار تقرير وزارة الصحة الذي نُشر عام 2023 [1] أن 38.2% من الرجال في المجتمع العربي مدخنين مقابل 22.6% من الرجال في المجتمع اليهودي. ويبلغ عدد الرجال العرب المدخنين نحو ضعف عدد الرجال اليهود. كما تشير المعطيات إلى أن عدد المدخنين في المجتمع العام في البلاد لا ينخفض عاماً بعد عام. بل على العكس، آخذ في الارتفاع. وبحسب نفس تقرير التدخين الصادر عن وزارة الصحة، فإن نسبة المدخنين في البلاد تبلغ نحو 20% من المجتمع، منذ سنوات طويلة. وهذا يعني أن عدد المدخنين في ارتفاع، نظراً لازدياد عدد السكان.

ويعي المجتمع العربي ظاهرة التدخين ونطاقها، وقد حاول في الماضي، وما زال يحاول مكافحتها من خلال برامج الفطام والإرشاد والحملات الإعلانية. هذه المحاولات، سواء من قبل الأهل والمربين، وأيضاً من قبل المجتمع العربي ومؤسساته لم تتمكن من التعامل مع ظاهرة التدخين وتقليل نسبة المدخنين، التي تتعزز بشكل كبير خلال موسم الأعراس.

لكن لما العجب؟

يسير المجتمع العربي وفق النهج السائد في البلاد، والذي يحاول خفض نسبة المدخنين من خلال طريقة "كل شيء أو لا شيء". ممنوع التدخين، هذه هي القاعدة. إما أن تدخن أو تقلع عن التدخين. يتم تنفيذ هذا النهج من خلال فرض محظورات وقيود على التدخين، في شكل تشريع صارم هدفه حمل الناس على الإقلاع عن التدخين. لكن من الناحية العملية ، فإن نجاح هذه الطريقة مشكوك فيه.


الخيار الأفضل هو عدم التدخين، لكن ربما آن الأوان للاعتراف بأنه على الرغم من الجهود الكثيرة المبذولة بهدف تقليل عدد المدخنين، سواء من قبل الدولة أو من قبل جهات تُعنى بالصحة ومن قبل جمعيات، فإن النتائج تشير إلى فشل كبير. نهج "كل شيء أو لا شيء" لا يعزز بالضرورة تحقيق الهدف، لا في هذا المجال ولا في مجالات أخرى.


إذاً لماذا نفشل في إسرائيل؟
الجواب بسيط، أولاً، التدخين ظاهرة اجتماعية. من الصعب جدًا التعامل معها فقط من خلال المحظورات. أي إذا كانت الدولة تريد خفض نسبة المدخنين، فلا يكفي أن تخبر المدخنين أنه لا ينبغي عليهم التدخين، ولكن من المستحسن أن تقدّم لهم (في حال أنهم لا يتوقفون عن التدخين) بديلاً. لأنه بخلاف ذلك، سيستمر جزء منهم في التدخين.

من ناحية أخرى، يجب على الدولة تطبيق عشرات القوانين التي سنتها بنفسها، على سبيل المثال، على الرغم من أن القانون يحظر بيع منتجات التدخين للقاصرين، ويتطلب أيضًا وضع لافتة بارزة تشير إلى ذلك، فإنهم يشترون منتجات التدخين بمعدلات أعلى من أي وقت مضى[2]. يجب زيادة الرقابة والتأكد من عرض بطاقة الهوية للتحقق من عمر المشتري.

ويبدو أن عدم وجود سياسة محدّثة، إلى جانب عدم تطبيقها، يعطي إشارات في المجتمع العربي أيضًا. بشكل عام، ظاهرة التدخين بين السكان العرب منتشرة بشكل كبير، بما في ذلك التدخين في الأماكن العامة حيث يمنع التدخين، مثل التجمّعات وحفلات الزفاف في قاعات الأفراح.

دول أخرى تحقق نجاحات
يتضح أن دولًا أخرى في العالم تمكنت بالفعل من تقليل عدد المدخنين3، بعضها بشكل كبير. إنها تقوم بتحديث سياستها إلى سياسة تدعم من ناحية، المدخنين الكبار الذين يستمرون في التدخين، من خلال توفير بدائل لتدخين السجائر، ومن ناحية أخرى تشدد الإجراءات المخصصة لمنع البدء بالتدخين والتأكد من أن منتجات التدخين لا تصل إلى القاصرين وأبناء الشبيبة.

في بريطانيا، نجحت السياسة المعتمدة في خفض معدلات التدخين من 30% في المتوسط إلى 13.5%، والهدف هو الوصول إلى 5% أو أقل بحلول نهاية العقد الحالي. لقد فعلت ذلك بعدة طرق، من بينها دعم الإقلاع عن التدخين، مع توفير بدائل للتدخين، والتي، وفقًا للسلطات الصحية، تساعد حوالي 20 ألف شخص سنويًا على الإقلاع عن تدخين السجائر، في حين لم يتم العثور على دليل بأنها تزيد نطاق التدخين بين الشباب. هناك أيضًا خطة لإتاحة بدائل كمنتج علاجي للشرائح الضعيفة، من خلال وصفة طبية من الطبيب. في الآونة الأخيرة، أعلنت الدولة عن خطوة غير مسبوقة: توزيع بدائل للتدخين ممولة من الدولة على نحو مليون مدخن، بهدف التخلي عن السجائر. وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن الدولة تشجّع استخدام بدائل

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]