مشروع تطوير تقني في واد الجوز في مدينة القدس، أبراج وبنايات ضخمة حدائق وفنادق ومراكز تجارية وشوارع حديثة، ما هي الا وجه آخر من محاولة تغيير الطابع العربي للحي، وفرض الأمر الواقع للاحتلال، وتحته تهجير لعشرات المقدسيين من أصحاب العقارات والمحلات التجارية، وقطع أرزاق عشرات العائلات.

المئات من أصحاب المصالح الصناعية والعمال يعملون كخلية النحل في "المنطقة الصناعية" في حي وادي الجوز، فهي المنطقة الصناعية العربية الوحيدة في القدس الشرقية، والتي اعتاد الفلسطيني القدوم اليها منذ عشرات السنين لتصليح مركباتهم في مرائبها، وشراء ما تحتاجه المركبة أو الدراجة النارية أو الشاحنة، فهذه المنطقة هي عنوان الفلسطيني ووجهته الأولى عند أي عطل أو خراب في مركبته.

أصحاب المنشآت الصناعية والمقدسيين لا يتخيلون المنطقة بعد عام من الآن "فحسب المخطط بلدية القدس سيتم العمل في مشروع "وادي السيليكون" شهر حزيران العام القادم، وعلى أرض الواقع تقوم البلدية بين الحين والآخر بتوزيع وتعليق إنذارات لهدم المنشآت القائمة.

مشروع "وادي السيليكون" هو جزء من مبادرة حكومية مدتها خمس سنوات بقيمة 2.1 مليار شيكل، أعلنت بلدية القدس عنها شهر حزيران 2020 عن مخطط لبناء "حديقة تكنولوجية مستوحاة من وادي السيليكون في الولايات المتحدة، ويفرض مشروع "وادي السيليكون" كوجه مشرق، ليحل محل المنطقة الصناعية، وفي ذات العام وافقت لجنة التخطيط والبناء المحلية على المخطط، وفي نهاية العام بدأت البلدية بتوزيع الإنذارات والإخطارت على أصحاب المنشآت.

الأضخم؟

حكومة اسرائيل تدعي أن مشروع وادي السيليكون "الهايتك" -ذو التقنية العالية" هو الأضخم في القدس، يهدف لتقليل الفجوات وتحسين الوضع الاقتصادي للمقدسيين، لكنه فهو المقابل وجه مظلم يهدد بهدم عشرات المحلات الصناعية والتجارية التاريخية في المكان، وحسب المشروع سيتم تخصيص 200,000 متر مربع لشركات الهايتك، و50,000 للفنادق، و50,000 أخرى للمساحات التجارية، وسيتم زيادة المساحات الخضراء في المكان، ووسائل النقل العام، وإنشاء كلية تقنية جديدة خاصة بالتكنولوجيا المتقدمة.

وفي جولة ميدانية للمنطقة الصناعية في القدس، وجدنا أصحاب المرائب والمصالح الصناعية المختلفة يعملون دون كلل وبثبات، رغم الضغوطات عليهم لتنفيذ المخططات على أنقاض محلاتهم، متسائلين: نحن هنا قبل اسرائيل، وهذه المحلات والمهن متوارثة.

إنذارات متكررة لتهجيرنا من المكان

نايف الكسواني – صاحب محل لمواد البناء- أوضح أن البلدية عادت من جديد وعلقت إخطارات وانذارات الهدم على عشرات المنشآت في المنطقة الصناعية في الحي، بحجة البناء دون ترخيص، موضحا أن المنطقة الصناعية بأكملها قائمة وموجودة قبل الاحتلال، وبعد احتلال المدينة التزم أصحابها بدفع الضرائب المختلفة لكافة الدوائر الإٍسرائيلية.

وأوضح الكسواني أنها المرة الثالثة التي توزع فيها الاخطارات على أصحاب المنشآت منذ عام 2020، مضيفا :"تكرار التوزيع والاقتحام هو لتخويفينا بإنذارات متتالية وصولا الى محاكم ثم عمليات هدم".

وقال الكسواني :"سيتم تنفيذ مشروع وادي السيلكون على أنقاض هذه المنطقة الصناعية، يريدون هدم محلي التجاري القائم على أرضنا البالغة مساحتها أكثر من دونمين، سيتم توسيع الشارع العام وتخصيص مسارات للحافلات "بالوسط"، ومسارات للمركبات، أما الأبنية فهي للهايتك والفنادق والمجمعات التجارية فقط، والسكن بشكل محدود للغاية".

وقال الكسواني :"أنا كصاحب أرض في المكان، أبلغتني البلدية بأنه مقابل هدم محلي التجاري، سيتم إصدار رخصة بناء "بناية من 10 طوابق فوق الأرض، إضافة الى طوابق سفلية"، وعلي أن ادفع للرخصة وللبناء بشكل كامل، أما المخطط فهو محدد من البلدية ولا يمكن تغييره من قبل أصحاب الأراضي، وهو بناء فنادق في المكان أو بناية تضم مجمع تجاري ومكاتب وطابقين للسكن فقط."

وعلق الكسواني على المخطط :"من في القدس يمتلك المبالغ المالية لإستصدار رخصة بناء؟، ومن منا يمكن أن يبني الفنادق والبنايات الضخمة؟ هي مخططات لتهجيرنا من القدس."

وقال الكسواني :"تتحدث البلدية عن مشروع ضخم وسط القدس، ولكن ما هو البديل لأصحاب المنشآت التجارية وللمستأجرين، أين سيتم نقلهم، المناطق الصناعية في "عطروت أو الخان الأحمر" ذات أيجارات مرتفعة ومسافات بعيدة".

180 منشأة مهددة ولا بديل لنا

محمود الكرد صاحب مرأب لتصليح كهرباء السيارات في حي وادي الجوز، أوضح أن 180 منشأة صناعية وتجارية مهددة بالهدم في حي وادي الجوز لصالح مشاريع مختلفة، نسمع عنها عبر وسائل الاعلام الإسرائيلية فقط، لا معرفة كاملة لنا بهذه المخططات.

وقال :"أصغر منشأة في المنطقة الصناعية يعمل فيها 3 أشخاص على الأقل، وهذا يعني أن 3 عائلات على الأقل يعتاشون من كل ورشة أو محل، ماهو الحل لمئات العائلات التي سيقطع مصدر رزقها، وماهو البديل لها."

وأوضح الكرد أن المنطقة الصناعية في وادي الجوز هي الوحيدة في مدينة القدس، مساحات كبيرة وعشرات المحلات عليها هل يوجد منطقة في المدينة تستوعب هذا العدد من المحلات، وما هو البديل لهم؟.

ورفض الكرد كغيره من أصحاب المنشآت حجة سلطات اسرائيل مؤكدا أن المنطقة قائمة قبل الاحتلال وبلديته.

ولا يتهدد حي وادي الجوز مشروع وادي السيلكون فقط، بل تخطط البلدية لتنفيذ مشروع آخر عليها "مركز مدينة القدس الشرقية" وهو لا يقل خطورة على المنطقة والمقدسيين بشكل عام.

المصدر: معا

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]