بين الفينة والأخرى وبهدف إذكاء الخلافات بين الدول العربيّة تقوم ودلة الاحتلال الإسرائيليّ عبر إعلامها المُتطوِّع لصالح الأجندة الصهيونيّة بافتعال خلافاتٍ بين الأردن والسعوديّة حول الوصاية على الأماكن المقدسة الإسلاميّة في القدس المُحتلّة، وعلى نحوٍ خاصٍّ في المسجد الأقصى، وفي الوقت الذي توسعت فيه المحافل الإسرائيلية بالحديث عن المطالب السعودية المتركزة في الحصول على برنامج نووي وأسلحة نوعية مقابل إبرام اتفاق تطبيع مع الاحتلال، فقد بدأت أوساط إعلامية، مدعومة من حكومة بنيامين نتنياهو ، تتساءل عن احتمالات تقديم الرياض طلبًا جديدًا، يتعلق بالرغبة بالحصول على مزيد من النفوذ السياسيّ والدينيّ في المسجد الأقصى.

ووفقًا لتحليلات لكتاب إسرائيليين فإنّ هذا الطلب، لو حصل فعلاً، فإنّه سيطرح أمام الاحتلال معضلة جديدة، لأنّه سيضطر لفتح اتفاقية السلام مع الأردن، ويؤدي إلى أزمةٍ خطيرةٍ في العلاقات معه.

وفي هذا السياق، ربط المحلل العسكريّ في إذاعة جيش الاحتلال، أمير بار شالوم، هذا الأمر مع “إلغاء السفير السعوديّ لدى السلطة الفلسطينية نايف السديري، زيارته المتوقعة إلى المسجد الأقصى، ورغم أنّ الإعلان جاء لأنّ القرار متعلق بأمور الجدولة الزمنية، فإنّ السبب الرئيسيّ، على ما يبدو، هو خوفه من غضب واحتجاج فلسطينيّ قد يتوجّه للسفير، ويؤدّي لإحراج العائلة المالكة السعودية التي لا تريد هذه المشاهد، خاصّةً في مثل هذا الوقت الحساس، وهنا يأتي موضوع آخر، في غاية الحساسية والانفجار“، وفق ما نقله عن مصادره العسكريّة والأمنيّة في تل أبيب.

وتابع في تحليلٍ أنّ “أيّ مسؤولٍ إسرائيليٍّ تحدثنا معه لم يوافق على تفصيل ما إذا كانت هناك أيّ مطالب سعودية فيما يتعلق بالسيطرة الفعلية على المسجد الأقصى”.

ومضى قائلاً: “ليس سرًا أنّ السعوديين يرغبون في هذه السيطرة، وبالتالي ترسيخ مكانتهم المهيمنة كقادة للوطن العربيّ والعالم الإسلاميّ، إذ أنّ المملكة، إذا حققت هذا الأمر، فستصبح مسيطرة على أقدس الأماكن الثلاثة للإسلام: مكة والمدينة والأقصى“.

وكشف بار شالوم النقاب عن أنّ “مسألة السيطرة على الأوقاف الإسلامية في المسجد الأقصى لا تتم مناقشتها أبدًا في السياق السعوديّ الإسرائيليّ، لكنها وفقًا للكثيرين ضرورية لولي العهد“.

وشدّدّ المُحلِّل على أنّ “السعودية تدرك أنّ هناك فراغًا بسبب تراجع دور الأوقاف الأردنية، وبالتالي فإنّ مسألة زيادة نفوذها في الأقصى يأتي في مرتبة أعلى في قائمة مطالبهم، أكثر بكثير مما ينعكس في وسائل الإعلام، والسؤال هو: ماذا ستفعل إسرائيل إذا اعتبر السعوديون هذا المطلب ضروريًا؟ فهل ستكون مطالبة بإعادة فتح اتفاقية السلام مع الأردن التي تحدد فيها العائلة الهاشمية مسؤولية الأوقاف الإسلامية التابعة لها عن القدس“.

وزعم أنّ “الآونة الأخيرة شهدت توترات بين عمان والرياض بشأن هذا الأمر، حيث يدرك الملك الأردني الخطر جيدًا، وقد يكون هذا بداية أزمة خطيرة في علاقات إسرائيل معه، لأنّه سيخسر رافعة نفوذ مهمة للغاية: على الفلسطينيين، وعلى إسرائيل، وعلى الوطن العربيّ“.

وتتزامن هذه المزاعم الخبيثة مع تحريضٍ إسرائيليٍّ على دور الأردن في إدارة الأوقاف الإسلامية في الأقصى، وتوقع بأنْ تشهد العلاقات الإسرائيليّة الأردنيّة صراعًا قادمًا نظرًا لجملة من الأسباب، أهمها التوترات في المسجد الأقصى، عقب الموقف الأردنيّ المتصاعد ضد الانتهاكات الإسرائيليّة في المسجد الأقصى، ما دفع أوساط الاحتلال إلى إعلان المطالبة بإعادة النظر في الوصاية الهاشمية على القدس.

أمّا أوري بارزيل، الخبير في صنع القرار والسياسة الخارجية والاستراتيجية، فقد ذكر في مقاله بموقع (زمن إسرائيل)، الإخباريّ-العبريّ، “أنّ أحداث المسجد الأقصى في الأيام الأخيرة ألقت بظلال سلبية على العلاقات الإسرائيليّة الأردنيّة، وقد تتسبب بتسخين الأوضاع داخل المملكة، وتحولها إلى ألسنة اللهب، ما جعلها تعيش بين المطرقة والسندان، مع أنّ الملك الأردني عبد الله الثاني أوعز لحكومته بالتصرف مع أحداث الأقصى خشية التأثيرات المتوقعة على الصعيد الأردنيّ الداخليّ“.

وأضاف أنّ “الأردن آخر ما يريد فعله هو عزل نفسه عن التطورات الجارية في المنطقة، فالملك يدرك أهمية علاقاته مع الفلسطينيين، وتجنّب تصور تخلّيه عن القضية الفلسطينية، وفي القلب منها المسجد الأقصى، ما يرجعه جزئيًا للتحديات المتزايدة داخل المملكة”.

وخلُص الخبير الإسرائيليّ إلى القول: ” أكّدت أحداث الأقصى الأخيرة أنّه لا يوجد جديد تحت الشمس على صعيد الموقف الأردنيّ من القضية الفلسطينية، ففي كثير من الأحيان فإنّه في الماضي وقف بجانبها، حتى لو كلّفه ذلك التفريط بإنجازات أخرى محتملة، ولذلك فقد سارع لإدانة سلوك إسرائيل في المسجد الأقصى”، طبقًا لأقواله.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]