سعاد ريحاوي: "لا يمكن وصف معاناة من هو بحاجة الى زراعة كلية والخطر والخوف الذي يرافق العائلة والأولاد، معاناة يرافقها شعور بالعجز وعدم ممارسة الحياة الطبيعية مثل كل عائلة عادية. الوضع الصحي لزوجي ازداد سوءا الى ان تم اجراء العملية لزراعة الكلية. خلال سنوات الانتظار لوصول كلية من متبرع، ازدادت المسؤولية على اكتافي وشعوري بان اولادي يكبرون ولا يعيشون طفولتهم الطبيعية مع الاب"
بعد انتظار دام أكثر من عشر سنوات، حصل وافي ريحاوي (45 عاما) وأب لثلاثة أولاد على كلية من زوجته سعاد. عشر سنوات من اجراء غسل الكلى 4 أيام أسبوعيا رافقته زوجته خلال أكثر من 2000 جلسة لغسل الكلى في مستشفى نهاريا ومعاناة لا يعرفها الا من مر بهذه التجربة.

في بداية اكتشاف الفشل الكلوي لدى وافي، بادر اباه وأمه الى التبرع بكلية لكن وبسبب وجود صعوبات طبية لديهم تعذّر الامر وحاولت أيضا زوجته سعاد التبرع بكلية وأيضا تعذر ذلك. خلال هذه السنوات ازدادت حالة وافي الصحية سوءا وشكلت خطرا حقيقيا على حياته، اضطر بعدها الى دخول العناية المكثفة. وهنا قررت سعاد ان تنقذ حياة زوجها بأي ثمن وأجرت التحاليل الطبية ثانية واستشارت العديد من المختصين حول عدد من التقنيات الطبية التي قد تفشل هذه المبادرة وقررت الاتكال على الله في جزء منها والتبرع بكليتها رغم التعقيدات الطبية المتوقعة وبحمد الله تكللت العملية بنجاح ومنذ العام 2018 يعيش الزوجين مع أولادهما بصحة جيدة.


وعن هذه التجربة قالت سعاد ريحاوي: "لا يمكن وصف معاناة من هو بحاجة الى زراعة عضو والخطر والخوف الذي يرافق العائلة والأولاد. حتى ان ابنائنا ينتظرون الوصول الى جيل 18 عاما لكي يسمح لهما التبرع بالأعضاء من أجل إنقاذ حياة والدهما ، شعور قاسي بالعجز وحرمان الأطفال من طفولتهم والعيش،بحياة طبيعية بسبب وجودنا باكثر اوقاتنا بالمستشفى لتلقي العلاج ، وأكثر ما ازعجني اني احسست أن طفلتي الصغيرة لم تعش حنان الاب بسبب وضعة الصحي الذي ازداد سوءا قبيل اجراء زراعة الكلية" وأضافت سعاد : "اليوم انا بصحة ممتازة وقد منحتني هذه التجربة سعادة لا يمكن وصفها، تعرفت من خلالها على أسمى القيم الانسانية التي يصعب وصفها وهي العطاء من اجل هدف واحد وهو العطاء ومن اجل منح الحياة وايقاف المعاناة والم الانسان والم القريبين منه. يجب علينا ان ننمي قيم العطاء والانسانية وان نشجع التبرع بالأعضاء في مجتمعنا. بسبب هذه التجربة تناولت الموضوع وكيفية تطرق ديننا الحنيف الى تشجيع التبرع بالاعضاء من خلال كتابتي أثناء دراسة الشريعة الإسلامية"


وفي حديث مع وافي ريحاني قال: " الحمد لله اجريت لي العملية في مستشفى "برامبام " بنجاح، في البداية رفضت قطعيا فكرة تبرع زوجتي بكليتها خوفا على صحتها وخوفا على الأولاد وفضلت أن تعتني بالاولاد وأن تكون بصحة جيدة من بعدي لكن بعد إصرارها وكونها انسانة مؤمنة تعتبر التبرع بالأعضاء صدقة جارية، قررت ان اوافق على رغبتها، وفعلا اجرينا التحاليل المطلوبة مرة أخرى وتكللت العملية بنجاح وأنا وهي بخير والحمد لله" وأضاف وافي: . خلال اجراء غسل الكلى وعلى مدار عشر سنوات من المعاناة، تعرفت على اشخاص وسمعت قصص مثيرة وسجلت اسمى في قائمة التبرع بالأعضاء وكل سنة كان علي اعادة الفحوصات حتى يدرج اسمي بالقائمة ووقعت على "كرت ادي" الذي يمنح من ينتظر زراعة اعضاء افضلية في قائمة الانتظار. شعرت مدى أهمية هذا الموضوع خاصة وانك يمكن ان توقف معاناة وانقاذ حياة الاخرين. لم نصل الى مرحلة كما في دول عديدة في العالم ان نتبرع بكلية لشخص لا نعرفه، لكن علينا كمجتمع ان نتقبل ونناقش هذا الموضوع. رسالتي واضحة، علينا كمجتمع ان نقدس قيمة العطاء ونشجّع التكافل الاجتماعي، وأن نوقف معاناة الاخرين الذين يمكثون في اقسام غسل الكلى حيث من الصعب ان يعرف ما يعصف بهم سوى مر بتجربتهم، التبرع بكلية داخل العائلة آمن بفضل تطوّر الطب وواجب علينا جميعا"

يفيد المركز الوطني لزراعة الأعضاء الى ان كل شخص معني بالتبرع بكلية يخضع لفحوصات تقييم طبية ونفسية شاملة لضمان صحته. تهدف الفحوصات الى التأكد من أن المتبرع لديه الأهلية للتبرع ولا تنطوي حالته الطبية والنفسية على خشية تعريض صحته إلى الخطر أو المس بآدائه الوظيفي والتأكد أن موافقته على التبرع أعطيت بصفاء ذهن وعن طيب خاطر بدون أي ضغط أو إكراه، ودون تلقي مقابل أو أية منفعة. القرار بأن يكون الشخص متبرعاً هو قرار حساس ولذلك يمكن للمتبرع أن يتراجع عن موافقته في أي مرحلة قبل دخوله إلى غرفة الجراحة. يمكن ان يتم التبرع داخل العائلة كما هو محدد في قانون زراعة الأعضاء. الشرائع السماوية وغالبية المجامع الفقهية تشجع على التبرع بكلية بين الاحياء وتقدس انقاذ الحياة ووقف المعاناة والرحمة. بفضل تطور الطبّ زراعة الكلى أصبحت آمنة بدرجة كبيرة وعادة ما يتم تسريح المتبرع من المستشفى بعد يومين أو ثلاثة وخلال شهر تقريبا يعود الى مزاولة حياته الطبيعية بشكل كامل. كما أن المركز الوطني لزراعة الأعضاء وجد حلا للمعنيين بالتبرع بكلية داخل العائلة ولا توجد ملاءمة طبية وذلك من خلال برنامج التقاطعات أو برنامج تبادل الأعضاء حيث يتم تبديل الأعضاء بين المتبرعين وبين المرشحين للزراعة بين زوجين أو أكثر، من البلاد أو من خارج البلاد من أجل زيادة احتمالات إيجاد كلية ملائمة طبيا. كما وأن معدل البقاء على قيد الحياة على المدى الطويل بعد عملية التبرع بالكلى هو المعدل نفسه تقريبًا بالنسبة للذين لم يتبرعوا بالكلى ويتمتعون بصحة عامة جيدة.

في الصورة سعاد ووافي ريحاوي
تصوير: نجمة ريحاوي 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]