يشاهد الملايين الحرب على قطاع غزة من خلال عيون صنّاع المحتوى الفلسطينيين، الذين يشاركون واقعهم اليومي على وسائل التواصل الاجتماعي. وأثناء ذلك، يطور المتابعون روابط عاطفية قوية معهم، تجعلهم عائلة كبيرة وأكثر من متابعين.

في وقت مبكر من عيد الميلاد في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، غرّد معتز عزايزة بأن طائرة تحلّق على ارتفاع منخفض من منزله، وكان يخشى أن يكون على وشك استهدافه بغارة جوية إسرائيلية، خصوصاً أنه تلقّى تهديدات من قبل.

حينها، غمر المئات من الأشخاص الردود بعبارات القلق على المصور الصحافي الفلسطيني البالغ من العمر 24 عاماً، الذي بنى عائلة كبيرة عبر الإنترنت من خلال يوميات توثيق العدوان الإسرائيلي على غزة.

صنّاع المحتوى في غزة يكسبون قلوب المتابعين

كانت نور، وهي طالبة طب في كاليفورنيا، واحدة من الأشخاص الذين يشعرون بالقلق. طوال الأشهر الماضية، كانت تتابع رسائل عزايزة من غزة، التي يبثها إلى الملايين، من صور حيه الذي كان نابضاً بالحياة، قبل أن يتحول إلى أرض قاحلة رمادية، ليس فيها سوى ملامح مذبحة.
تتلقى نور إشعارات عزايزة على هاتفها في كل مرة ينشر فيها، وتشعر بالقلق عندما يمر كثير من الوقت من دون ظهوره. تقول لشبكة "سي أن أن": "بالنسبة لكثيرين منا، يبدو الأمر وكأنه أخ. إنه صديق نراه يعاني".

نور ليست فلسطينية ولم تزُر غزة قط، لكنها نشأت على خلفية حرب العراق. عندما قال عزايزة إنه يخشى أن يُقتل بسبب عمله، وجدت نور نفسها تشعر بالخوف والقلق تجاهه.

تقول نور عن صنّاع المحتوى في غزة: "صحافتهم ليست مجرد صحافة"، واصفةً منشورات فلسطينيي غزة بالمذكرات: "إنهم يظهرون لنا حياتهم. إنهم يقولون لنا: مرحباً، لم أستطع الاستحمام لمدة أسبوع. مرحباً، بالكاد تناولت بعضاً من هذا كطعام اليوم". وبعد ساعات من عدم وجود معلومات عنه، نشر عزايزة أخيراً مرة أخرى. أشارت منشوراته إلى أنه على قيد الحياة، خصوصاً بعد وقوع غارة جوية في حي قريب منه.

"عائلة بالنسبة للعالم أجمع"

تنقل "سي أن أن" عن الصحافية الرياضية في لندن، ليلى حامد، أن أول شيء تفعله عندما تستيقظ هو فتح "إنستغرام" لزيارة بروفايلات صنّاع المحتوى الفلسطينيين الذين تتابعهم وتشاهد قصصهم.

تقول: "أشعر بتعاطف كبير تجاههم، لدرجة أنني أشعر أحياناً بالخوف من فتح بروفايلاتهم، لمجرد التفكير في أن شيئاً قد حدث لهم". توضح: "لقد أصبحوا عائلة بالنسبة للعالم أجمع. إذا لم تنشر (صانعة المحتوى بيسان عودة) لمدة 12 ساعة، فهناك مئات التغريدات: أين بيسان؟ هل يعرف أحد مكان بيسان؟ هل هي بخير؟ ينشر أحياناً (عزايزة) صورة، تمكننا من القول إنه يبدو مكتئباً للغاية أو أنه فقد الوزن. هناك أشخاص سيناقشون ذلك".

وتقول أحمد إن هذه الصور والروايات من الفلسطينيين تقدم وجهة نظر فورية، ويشعر بعض الشباب بأنهم لم يحصلوا عليها من وسائل الإعلام التقليدية.

وتوضح أن "الشباب الفلسطيني مثل عزايزة، وصانعة المحتوى بيسان عودة، والصحافية المستقلة هند خضري، لم يحضروا فقط على الأرض منذ البداية، بل إنهم يرسلون تقاريرهم من منازلهم ومجتمعاتهم".

وترى الكاتبة الأميركية الفلسطينية المقيمة في بروكلين، زينة عرفات، أن رؤية الحرب مباشرة من خلال هذه القنوات تغير طريقة فهم الناس لها.

وتوضح أن "انتظام هذه الصور والطريقة التي نشاهدها بها عبر هواتفنا على انفراد يسمح بتأثير أكثر مباشرة وقوة. إنه هذا الارتباط المباشر بين الصحافي والمشاهد، وهو ما أعتقد أنه يزيد من الاستجابة".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]