احتفلت امس الأراضي المقدسة بمرور أربعة أعوام على تولي غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث منصب بطريرك القدس و الأراضي المقدسة و الأردن، حيث اقيمت الصلوات الاحتفالية المركزية في كنيسة القيامة بالقدس بمشاركة الالاف من أبنائها و الضيوف المحليين و الدوليين. وتم تنظيم الاحتفال الرئيسي في كنيسة القيامة بالقدس بناءاً على رغبة غبطة البطريرك ثيوفيلوس حيث اوعز الى المطارنة و رؤوساء الرعايا الأرثوذكسية في الأراضي المقدسة و الأردن اعطاء القدس الحق الحصري في اقامة هذه الاحتفالات التي شارك فيها وفود عديدة من مدن وقرى الأراضي المقدسة و الأردن بشكل خاص و العالم أجمع بشكل عام مع مشاركة مميزة لأرثوذكسيين من اليونان و قبرص و روسيا و رومانيا و الولايات المتحدة و استراليا و ممثلين عن مؤسسات و هيئات أرثوذكسية دولية و محلية، و أعضاء السلك الدبلوماسي.

البطريرك ثيوفيلوس الثالث...

وتحدث غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث في هذه المناسبة عن دور بطريرك الاراضي المقدسة الروحي و الخدماتي و المهام الملقاة على عاتقه في الدفاع عن الكنيسة و تطوير علاقتها مع رعيتها المحلية و تمثيل جزءاً اساسياًً من التراث و التاريخ المسيحي في العالم أجمع. و القى غبطته الضوء على بعض الجوانب الشخصية لمشواره الكهنوتي حيث قال أنه ولد فقيراً و أتى الى البطريركية الأرثوذكسية في القدس وهو في الثانية عشرة من عمره ليلتحق بمدرستها الاكليركية، وبالرغم من اضطراره للسفر الى اليونان و من ثم الى بريطانيا لمتابعة دراساته العليا و اقامته لعدد من السنوات خارج القدس كممثل للبطريركية المقدسية في روسيا و قطر، الا أن القدس كانت و ستبقى عشقه المميز و موطنه الروحي الذي يعمل بكل جد على أن يقضي حياته فيه و ينهي مسيرته في احضانه فقيراً كما و لد و محافظاً على الكنيسة و خادماً للأرثوذكسية و الأرثوذكسيين. و أضاف غبطته، أنه بالرغم من أن مسؤوليات ترؤوس أم الكنائس كثيرة و كبيرة الا أنه يشعر ببركة الله عليه كل يوم وهو يقوم بواجباته الدينية و الدنيوية و يتابع شؤون كنيسته و رعيته و مؤسساتها.

الأب عيسى مصلح...

و قال الأب عيسى مصلح، الناطق باسم البطريركية الأرثوذكسية إن الظروف الاستثنائية التي تولى خلالها غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث منصبه و المتمثلة في ظروف عزل سلفه ايرينيوس الأول على خلفية تسريب عقارات أرثوذكسية في البلدة القديمة، وضع العديد من التحديات على عاتق البطريرك الجديد، حيث حاول و يحاول بعض قيادات الجهات الاستيطانية ابتزازه مستخدمين عناصر داخلية و خارجية للضغط عليه و يتآمرون مع البعض الآخر لتسويق اشاعات مغرضة ضمن حربهم على البطريرك و الكنيسة و الطائفة الأرثوذكسية و يجرون في عملهم هذا عدد من المغرر بهم من أبناء الطائفة الأرثوذكسية و عدد آخر من أصحاب المشاريع و الأجندات الشخصية، الا أن الله يقف بجانب بطريركنا و بطريركتنا، و بمشيئته تعالى استطاع غبطته أن يقف صلباً قوياً مؤمناً بالله و كنيسته مدافعاً عن ما باركه الله ليحميه و يرعاه و يطوّره و يخدمه. 

وأضاف الأب مصلح أن التحدي الأكبر الذي واجه غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث منذ توليه منصبه هو الهجمة التي تستهدف الاملاك الأرثوذكسية و الديون الموروثة التي هددت، قبل تسديد ملايين الدولارات منها، العديد من أملاك الكنيسة لا سيما في القدس. فكان انقاذ الف دونم في القدس كانت مهددة بالمصادرة من ابرز الانجازات على هذا الصعيد بالاضافة الى متابعته الشخصية اليومية لملف انقاذ عقارات باب الخليل، و التي تحارب البطريركية ادعاءات المستوطنين بملكيتها في المحاكم الاسرائيلية حيث أصدر غبطته التعليمات الصارمة لجميع العاملين في البطريركية لتكون هذه المعركة القضائية على رأس اولوياتهم و أن لا يدخروا جهداً و لا مالاً فيها و أن يدعموا المستأجرين الفلسطينيين الشرعيين فيها قدر المستطاع و يوفروا لهم المساعدة لضمان صمودهم عن طريق توفير المساعدات القانونية و المالية و التي فاقت الى هذه اللحظة مبلغ المليون دولار. 

وأشار الأب مصلح الى مشروع انقاذ اراضي البطريركية في تلبيوت من عمليات المصادرة عن طريق تطوير هذه الاراضي بمساعدة شركات مختصصة و تحويلها من أراضي صدر قرار مصادرتها الى مشروع اسكان يستفيد منه أبناء الرعية الأرثوذكسية. و رفض الأب مصلح محاولات استخدام وثاثق مصدرها متعاونين مع الحركات الاستيطانية من محامين اسرائيليين لتشويه صورة البطريرك و البطريركية فيما يتعلّق في هذا المشروع خاصة على ايدي أصحاب أجندات خاصة لا علاقة لها بالشأن الأرثوذكسي العام و يحرّفون الواقع و يسردون أنصاف الحقائق لتشويه صورة البطريرك و البطريركية و الرعية. 

و تحدّث الأب مصلح عن نهج التطوير و التحديث الذي يتبعه غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث منذ انتخابه بطريركاً للقدس و الأراضي المقدسة و الأردن بإجماع اصوات اعضاء المجمع المقدس في 22-8-2005، و ركّز غبطته على ترميم الكنائس و تشييد الجديد منها حيث تبرّع غبطته لترميم كنيستين في جفنا و ترميم مزارات دينية في القدس، و الاعمال الانشائية و الترميم في دير جبل ثابور قرب الناصرة. كما أشار الأب مصلح الى انه و منذ انتخاب غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث، تقرر توسيع اعمال البناء والاسراع فيها لتكون كنيسة دير بئر يعقوب والتي تحمل اسم القديسة فوتيني السامرية، أكبر كنيسة أرثوذكسية في الضفة الغربية وتكون رمزاً للصمود في وجه التحديات الاستيطانية المستمرة للكنيسة الارثوذكسية في الاراضي المقدسة كما تم منذ أن باركنا الله بالبطريرك ثيوفيلوس الثالث وضع حجر الأساس للكنيسة الأرثوذكسية الجديدة بالناصرة و الانتهاء من بناء المريسية في مدينة الزرقاء بالأردن و ترميم الكنيسة التاريخية في برقين، وتطوير مجمّع كنيسة القديس جورج و بناء مأوى لحماية الفسيفساء في كنيسة الشهيد في مادبا، و بناء مقبرة جديدة في بيت ساحور. بالاضافة الى وضع حجر الأساس لبناء كنيسة و مكتبة و قاعة ومقر لمدرسة الأحد و لنشاطات الشبيبة الأرثوذكسية و مناسبات اجتماعية في حي ماركا في عمان. 

و أكد الأب مصلح أن عمليات تطوير المؤسسات الكنسية الخدماتية ستظل مستمرة وفق الخطة الموضوعة للرقي بهذا الجانب من أعمال البطريركية في الأراضي المقدسة و الأردن و خاصة في المحكمة الكنسية و غيرها حيث اتخذ قبل فترة وجيزة خمسة عشر قراراً للتنقل لضمان روح التطوير و التحديث في هذه المؤسسات و ترسيخ مبدئ تداول المهمات. 

و أعرب الأب مصلح عن الاهتمام الكبير الذي يحظى به قطاع العلم و التعليم، حيث أعرب عن اهتمام غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث في تطوير المدارس الأرثوذكسية البالغ عددها ثمانية في الأراضي المقدسة و الأردن و بناء مدارس نموذجية جديدة لأن ذلك من شأنه أن يساهم في بناء مجتمع متعلّم و يساهم في الحفاظ على الوجود المسيحي في الأراضي المقدس، فوضع غبطته حجر الأساس لمدرسة بطريركية الروم الأرثوذكس في الناصرة بعد فترة وجيزة من استكمال بناء وافتتاح مدرسة بطريركية الروم الأرثوذكس في الزرقاء بالأردن، وافتتاح طابق جديد لمدرسة بطريركية الروم الأرثوذكس في مدينة رام الله، ووضع حجر الاساس لبناء مدرسة بطريركية الروم الأرثوذكس الجديدة في بيت جالا، كما تم الانتهاء من أعمال الترميم في مدرسة مار متري التابعة للبطريركية المقدسية في القدس. بالاضافة الى رعاية غبطته للعديد من النشاطات العلمية و منها مؤتمراً دولياً طبياً متخصصاً في القدس بالتعاون مع جامعات يونانية يعتبر الأول من نوعه في البلاد. 

وعلى مستوى دعم مؤسسات المجتمع المدني، أضاف الأب مصلح، فقد شهدت فترة ترؤوس غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث ل"أم الكنائس" تطور ايجابي في العلاقات حيث تم دعم عدد من النوادي الارثوذكسية و مجموعات كشفية بمبالغ مالية لمساعدتها على الحفاظ على مكانتها الريادية بين المجموعات الكشفية. كما قدمت البطريركية بقرار من غبطته مقرات جديدة لمؤسسات اجتماعية و دعماً مالياً لملاجيء و هيئات خدماتية اجتماعية نزولاً عند قناعة غبطته بأن للكنيسة واجب في دعم المؤسسات المدنية و الخدماتية لدورها الهام في بناء المجتمع. 

و اختتم الأب مصلح كلمته بالقول أن جهود الدفاع عن العقارات الأرثوذكسية و انقاذ ما يمكن انقاذه و حماية ما تبقى من التسريب و بناء المدارس و الكنائس و المراكز الاجتماعية التابعة لبطريركية الروم الأرثوذكس ستظل مستمرة و بوتيرة غير مسبوقة على أيدي غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث و أعضاء المجمع المقدّس و جميع الكهنة مدعومين من أبناء رعيتنا الأرثوذكسية و ذلك وفاءاً لرسالة الكنيسة و من سبق من القديسين و بناة الكنيسة الأوائل. 

و تلى ذلك عدة كلمات كان ابرزها للدكتور خليل اندراوس ممثلاً لأمانة سر المؤتمر الأرثوذكسي الوطني في الأراضي المقدسة و كلمة الأب الياس من الأردن و كلمة القنصل اليوناني العام و كلمة ممثل غبطة بطريرك روسيا كيريل و كلمات لعدد من الشخصيات الاعتبارية و ممثلي المؤسسات الأرثوذكسية و رؤوساء مجالس الطوائف في الأراضي المقدسة و مندوبي هيئات الأرثوذكسية في الأردن حيث أثنوا على جهود و انجازات غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث خاصة في مجال الخدمات الروحية و الدفاع عن العقارات الأرثوذكسية و تطوير مؤسسات الكنيسة و دوائر خدماتها من خلال التطوير و الاستثمار و تقديم رؤية و نهج حديث فيما يتعلّق بالتعليم و المدارس الأرثوذكسية و مشاريع البناء.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]