مرض الباركينسون، والذي اكتشف في سنة 1817، بدأ يثير قلق أهالي مدينة باقة الغربية، خصوصا بعد أن أثبتت الأبحاث أن نسبة هذه المرض في كفر قرع تفوق المعدل، بل أنها تصل إلى ضعف النسبة في أم الفحم. وأشارت نتائج الأبحاث التي قادها الدكتور رفيق مصالحة إلى وجود نسبة أعلى من معدلات الإصابة مرض الباركينسون في باقة الغربية حتى بين أبناء الأجيال الواقعة تحت السن المتوسطة للإصابة.

على ضوء ذلك قام مراسل موقع بكرا بإجراء هذه المقابلة مع الدكتور رفيق مصالحة من كفر قرع:

بكرا: ما هو مرض الباركينسون؟

مصالحة: "مرض الباركينسون هو مرض يصيب الجهاز العصبي المركزي في الدماغ، وينتج تحديدا عن موت الخلايا المسئولة عن إفراز مادة الـ Dopamine في الدماغ، وهي مادة وظيفتها تنظيم الحركة وليونتها. كما أنها تؤثر على الذاكرة والتركيز والدماغ بشكل عام. وعادة ما يكون لدى مرضى الباركينسون نقص حاد في هذه المادة, وبسبب هذا النقص تكون هناك إصابة على مستوى العضلات والحركة، الأمر الذي يؤدي إلى بطئ في الحركة وصعوبة في المشي, ومن المحتمل أن يختل توازن المصاب بالمرض ويكون عنده نوع من التشنج في العضلات. بسبب كل هذه الأمور نسمي من يعاني من هذا المرض "إنسانا معاقا" من الناحية الحركية. كما أن 40% من المصابين بهذا المرض يعانون من ضرر في الجهاز العصبي ويتضرر عندهم الذكاء، ويدخلون لنوع من فقدان الذاكرة".

بكرا: وهل يمكن إعطاء مادة الـ Dopamine كمستحضر بديل يسد النقص الذي يحدث بسبب موت الخلايا التي تفرزه؟

مصالحة: "إن كل الأدوية التي تعطى لمرضى الباركينسون مبنية على أساس مادة الـ Dopamine. كما توجد بعض الأدوية التي تعطى وتدخل إلى الدم ومن ثم إلى الدماغ، لكن هذه الأدوية تساعد لفترة محدودة فقط، أقصاها خمس سنين، بعدها يتوقف الجسم عن التجاوب مع هذه الأدوية، وذلك لأن المواد التي تقوم باستقبال هذه الأدوية تنفذ من الجسم، الأمر الذي قد يؤدي إلى حصول مضاعفات لدى المريض، كأن يقوم المريض بحركات لا إرادية. ومن الممكن أيضا أن تصبح عند المريض حالات من التخيلات. لا يوجد حاليا أي دواء يقوم بعلاج المرض، والأدوية الموجودة حاليا مخصصة لإبطاء المرض. وتتفاوت نسبة شدة الإصابة بالمرض بين مريض وآخر، لكن المؤكد أنه لا يوجد شفاء نهائي منه".

بكرا: هل يعاني مرضى الباركينسون من آلام وأوجاع؟

مصالحة: "من المعروف أن مرضى الباركينسون يعانون من آلام في العضلات، وذلك نتيجة للتشنج والآلام في الظهر. كما يعانون من الاكتئاب. ولكن يجب الانتباه، فنحن عندما نقول (العضلات) فإننا نقصد عضلات الهيكل العظمي وليس العضلات الداخلية مثل القلب والأمعاء."

بكرا: كيف قمتم بإجراء البحث، وعلى ماذا اعتمدتم؟

مصالحة: "لقد قمنا بالوصول إلى مرضى الباركينسون عن طريق حصر الأدوية التي تستعمل في علاجهم، وقد استقينا هذه المعلومات من الصيدلية المركزية لصندوق المرضى، وبذلك قمنا بمعرفة كل من هو مصاب بالباركينسون. أما المفاجأة، فقد كانت أن نسبة المرض في وادي عاره بشكل عام هي اقل منها في العديد من المستوطنات والمدن اليهودية والدول الغربية، ولكنها تشابه نسبة انتشار المرض في الدول العربية. وقد أجريت ثلاث أبحاث بالدول العربية (في السعودية,ليبيا وتونس) فكانت نتائجها مشابهة للنتائج في وادي عاره، وهي (في وادي عارة) 43 مريضا لكل 100 ألف مواطن، بينما في الدول العربية كانت النتائج ما يقارب الـ 32 مريضا لكل 100 ألف. أما في المستوطنات، فقد وصلت النسبة إلى 160 مريضا لكل 100 ألف مواطن. ومن بين الذي اكتشفناه أن هناك اختلاف بين القرى والمدن في وادي عاره، حيث وجدنا أن النسبة في باقة مضاعفة عن أم الفحم، وهنا كان السؤال عن سبب هذا الاختلاف المحير والذي زاد الأمر تعقيدا، وهو أن العادات والتقاليد في كل مدن وقرى في وادي عاره متشابهة، حيث هناك تشابه كبير بأنواع الطعام التي يتناولها السكان، الأمر الذي جعلنا نعتقد أن هناك احتمال بأن يكون سبب المشكلة بيئيا، مثل تسرب نسبة عالية من المبيدات إلى المياه والآبار التي كانوا يشربون مياهها في السابق. من هذه الآبار بئر أغلقت قبل عشر سنين وقد كانت تحوي كمية مبيدات زراعية بمعدلات عالية جدا. أما السبب الثاني المحتمل، فهو العمل بالزراعة، حيث يقوم المزارعون في باقة الغربية وضواحيها باستخدام الأسمدة والمبيدات بشكل مبالغ فيه، خاصة عن طريق الجو وهذا ما تم إثباته في بحوث أجريت في الغرب ".

بكرا: لماذا ظهر هذا المرض فجأة مع انه اكتشف في سنة 1817 ولم نسمع عنه مثل الآن؟

"إن سبب عدم المعرفة بعدد الإصابات التي كانت موجودة في السابق هو انه لم تجر أية إحصائيات,أي أن من الممكن أن يكون المرض موجودا، لكن دون معرفة نسبة الإصابة به، وهناك احتمال أن سبب انتشار المرض بهذا الكم هو الثورة الصناعية التي حصلت في أوروبا والتي بموجبها حدث تطور في الزراعة من ناحية المبيدات الزراعية والأسمدة".

بكرا: ما هو معدل الأعمار للإصابة بهذا المرض؟

مصالحة: "عادة ما ينتشر الباركينسون في الأجيال المتقدمة، ويصيب الأعمار فوق جيل الـ 60، لكن بدأنا مؤخرا باكتشاف إصابات بهذا المرض لدى أبناء الـ 40 والـ 45. هذا ما وجدناه في باقة، حيث اكتشفنا إصابات بهذا المرض تحت المعدل العام للسن، كما نعرف أيضا عن وجود عائلتين من باقة الغربية ينتشر بهما مرض الباركينسون بشكل وراثي. هذه الشريحة من الإصابات لم ندخلها إلى البحث الذي قمنا بإجرائه. وقد صدر مؤخرا بحث جديد في أمريكا (خلال شهر 6/2009) أثبت انه إذا التقى أشخاص لديهم ميل وراثي للإصابة بالمرض مع المبيدات يظهر هذا المرض عندهم فورا. لهذا من الممكن أن يكون سبب الإصابات المرتفعة نسبيا في باقة هو وجود جينات تتأثر بالمبيدات والتي تطور المرض، وإذا لم تكن هناك، لا يظهر المرض عندهم. "

بكرا: ما هي الخطوات التي ستتخذ من أجل تقليل النسبة العالية لعدد المصابين في باقة الغربية؟

مصالحة: "قمنا بعقد اجتماع في الكنيست شاركت به أنا شخصيا، كما وتواجد به رئيس بلدية باقة الغربية المعين، وذلك من أجل القيام ببحث يفحص إن كانت هذه الأسباب المحتملة هي المسببات الحقيقية للمرض. وكان هناك اتفاق أن يبحث الموضوع بشكل أعمق سواء على مستوى المياه أو المبيدات وحتى على المستوى الوراثي"

وفي الختام قام الدكتور رفيق مصالحة بالتأكيد على أن مثل هذا المرض يمكنه أن يؤدي إلى إعاقة دائمة وحتى إلى الموت بعد فترة معينة، وذلك نتيجة لمضاعفاتهץ وأضاف: " نحن لا نتكلم عن الرشح أو عن التهاب في الرئة، لذلك من المهم جدا أن نبحث عن مسببات هذا المرض بشكل أعمق، وان نقوم بمعالجته بشكل صحيح. كما وانصح كل شخص يشعر بأعراض مرض الباركينسون مثل الرجفة أو البطء في الحركة بالتوجه بشكل فوري لتلقي العلاج بالشكل السليم، كما ويمكن إعطاؤه بعض الأدوية التي تمنع موت الخلايا المسئولة عن إفراز مادة الـ Dopamine
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]