على الرغم من تخصيص ميزانية لترحيل آلاف البدو من منطقة البحيرة، من اجل أنشاء مطار نبطيم العسكري والذي بني بدعم أمريكي بسبب نقل معسكرات الجيش الإسرائيلي إبان عقد اتفاقية السلام مع مصر، من سيناء إلى داخل إسرائيل، حيث حظي هذا المطار بدعم أمريكي، وتم تعويض السكان الأصلين من البدو الذين يسكنون في المنطقة البالغ عددهم الآلاف عن أراضيهم ومنازلهم، وبعضهم رفض التعويض عن الأرض واخرج عنوة، إلا إن الميزانية المخصصة لترحيل البدو الى قرى ثابتة من منطقة المطار تم إرجاع أكثر من ثلثيها لخزينة الدولة بسبب إنهاء عملية ترحيل العرب من منطقة البحيرة، بأقل مما كان متوقع من حيث الميزانيات. 

ولذكر المفارقات فقد تم تعويض سكان مستوطنة ياميت التي أخليت من سيناء بملايين الشواكل في حينه، إلا أن تعويضات البدو الذين رحلوا في نفس الفترة من منطقة البحيرة لم تصل إلى جزء بسيط مما كلف ترحيل عدة مئات من سكان ياميت.

فقد تم ترحيل سكان البحيرة إلى عدة جهات، منها إلى قرى جديدة، مثل كسيفة وعرعرة النقب، وشقيب السلام، وغيرها من المناطق.

المهم ترحيل العرب

وفي فترة وجيزة تم تخطيط قرى النقب التي أقامتها الدولة لتركيز السكان في قرى ثابتة، حيث لم يتم العمل على البنية التحتية فيها، وكان الهم الأكبر هو إخلاء الأرض من سكانها لإنشاء مطار نبطيم العسكري، وهكذا دخل البدو لقرى غير مهيئة لاستقبال السكان، وهناك من القرى التي تم الاعتراف بها منذ عام 1979 لم تتم فيها تهيئة المجاري حتى اليوم، وما زال عدد كبير من السكان يعاني.
 
ونظرا لعدم فحص الأرض وإمكانية البناء عليها من قبل السلطات المختصة، فقد سكنت عائلة أبو جامع في حارة 4 في عرعرة النقب، وما أن أقامت لها بيوت ثابتة، إلا والمشكلة التي لم تكن متوقعة بدأت تظهر وتسب الإزعاج للابناء العائلة، حيث أن البيوت التي بنيت حديثا بدأت تتصدع جدرانها، وتزداد الشقوق اتساعا شيئا فشيئا، مما اجبر السكان على التوجه إلى مختصين لمعرفة الأسباب، وما أن صدر التقرير الأول إلا والأسباب قد بدأت تظهر، وهي أن الأرض في المكان بحاجة إلى مواصفات بناء غير المواصفات التي كانت متبعة، حيث تبين أن التربة جزء منها رملية وجزء كرتونية، وبدأ السكان بالتوجه للمؤسسات ذات الصلة من اجل أن يتم تعويضهم وبدأ المماطلات، والتوجه الى المحاكم، وما زال المهندسين يحذرون عائلات من أبو جامع بضرورة إخلاء منازلهم لتصدعات الشديدة في الجدران، حيث يحذر المهندسون من إمكانية سقوط هذه البيوت على سكانها، وقد تم هدم 4 منازل في الحارة في السنوات الأخيرة، وهناك أكثر من 32 بيتا تزداد هوة تشققها.

الشيخ صالح أبو جامع تم ترحيلنا من أرضنا إلا إننا رفضنا التنازل عنها

وفي حديثنا مع أحد سكان الحي، صالح أبو جامع قال: تم ترحيلنا إبان الثمانينات من أرضنا إلا إننا رفضنا أن نتفاوض عليها، أو أن نتنازل عنها رغم إنهم رحلونا عنها، وقبل عام تقريبا قدموا دعوى مضادة لإثبات الملكية، وعرضوا علي أن أبيع كل دونم من أرضنا التي نستعملها حتى اليوم بحوالي 3900 شيكل، ورفضت المساومة عليها بأي ثمن، نحن نعيش في الأرض من قبل قيام الدولة، واتت الدولة ونحن نعيش على أراضنا، وفي عام 1973 عملنا تسوية، وقبل عام يطالبوننا بإثبات ملكيتنا، بهدف أن يسلبوننا أرضنا من خلال المحكمة، وقد قلت لأحد المسؤولين في دائرة أراضي إسرائيل أين كنتم منذ إقامة الدولة عن "أرضكم" التي تدعونها، قال لا اعلم. 

وأضاف أبو جامع: كان المهم لدى السلطات ترحيلنا عن أرضنا فقط للسيطرة عليها، وإخراجنا منها، فقانون التقادم يسري على جميع القضايا، إلا موضوع الأراضي ليس فيه تقادم، فأين كانت دائرة أراضي إسرائيل التي تدعي أن الأرض لها، علما اننا نسكن الأرض وهي ملكنا وفق العادات والتقاليد من قبل قيام دولة إسرائيل. 

وأكمل: الظلم بخصوص الأراضي يولد الحقد بين الشعبين ولا يخدم حسن الجوار، فعلى الدولة أن تعترف بحقوق الناس على أراضيهم، وان لا تجعل نقل الناس للقرى مجرد فخ للسيطرة على الأراضي.

التصدعات في جدران 32 بيتا هدم منها 4 بيوت حتى اليوم

وأضاف الشيخ صالح أبو جامع، شيخ عشيرة أبو جامع:" في التسعينات بعد حوالي اقل من 10 سنوات من دخولنا عرعرة النقب التي أقيمت لمهجري ومرحلي البحيرة، بدأت تصدعات في جدران البيوت التي بنيناها حديثا في تلك الفترة، حيث أعلن مباشرة من قبل المهندسين ان ثلاثة بيوت غير صالحة للسكان وخطر انهيارها وارد، وقد تم هدمها بالإضافة لبيت آخر. 

وأكمل: ومباشرة توجهنا إلى المجلس الإقليمي "مشاش" في حينه وعرضنا المشكلة وفي جلسة للمجلس بمبادرة الرئيس المعين في حينه ايلان ساغي، وتقرر أن لا ادفع عن بيتي الذي يتهدده خطر الانهيار ضريبة الارنونا، وبدأنا بالتوجه للسلطات المختصة من اجل تعويضنا على إهمالهم في عدم إصدار أي تعليمات للسكان حول طريقة البناء، وأسلوب البناء، وذلك لعدم فحص الأرض من قبلهم قبل أن نقدم على البناء فيها. 

وقال ابو جامع في وصف معاناته: والمؤسف أن من جاء بعد ابلان ساغي رفض طلبي أن يقوموا بإحضار غرفة متنقلة من اجل أن أعيش فيها وأصبحت مشردا لا أعيش في بيتي، علما أن القرار من قبل المختصين بخصوص بيتي أن أقوم بعمل سور حول البيت واترك البيت لخطر انهياره، وكان ذلك. إلا انني قبل عامين توجهت لرئيس المجلس في حينه نايف أبو عرار وقلت له من خلال رسالة انه إذ لم يتم حل مشكلة بيتي سأرجع على مسؤولية المجلس وسأسكن في البيت، وبالفعل رجعت وسكنت في البيت حوالي 6 شهور رغم الخطر لأنني مشرد ولا املك بيت ولا احد يعمل من اجل حل مشكلتي. وفي عهد الرئيس المعين الحالي ايتسيك شالوم توجهت له بان يعافيني من دفع الارنونا إلا انه رفض، علما أن لدي قرار سابق من مجلس مشاش الإقليمي في حينه بإعفاء كامل من ضريبة الارنونا لوضع البيت، إلا أن الحل الأخير كان لدي بأن اهدم البيت وقمت بهدم بيتي بنفسي. رؤساء المجالس المتعاقبين بعد "مشاش" لم يقدموا أي مساعدة من اجل حل مشكلتنا، والكل يعمل لمصلحته لا غير.

المحكمة المركزية والعليا ترد دعوتنا بحجة "قانون التقادم"

ويضيف الشيخ صالح:" توجهنا للمحكمة المركزية بدعوى ضد السلطات ذات الصلة إلا أنها ردت دعوتنا بحجة "قانون التقادم"، واستأنفنا العليا وكذلك ردت دعوتنا بحجة قانون التقادم بخصوص الاتفاقيات مع دائرة التعويض التي أنشأت في الثمانينات من اجل العمل على إقامة قرى للبدو في حينه. وقد توصلنا من خلال جلسات متتالية مع لجنة التنفيذ من خلال محام على تعويض لـ 32 بيتا متضررة في الحارة على 1.950 مليون، وهو مبلغ لإصلاح البيوت وليس لإعادة بنائها، الأمر الذي يعني أن هذا تعويض لا يفي بالحاجة من اجل هدم البيوت وإعادة بنائها.

النصح للأهل في اللقرى غير المعترف بها بعدم دخول القرى المعترف بها

وأمل أبو جامع: بعد المضايقات، وعدم الوفاء بالاتفاقيات المبرمة مع دائرة أراضي إسرائيل والتي جزء منها " دائرة التعويض" في السابق لم يوفوا بوعودهم اتجاه الناس، أدخلنا للقرى والآن تخلوا عن الاتفاقيات المبرمة معنا. لان جميع الدوائر المختصة في الأرض والإسكان هدفها فقط السيطرة على الأراضي العربية.

وما زالت المشكلة قائمة في البيوت التي تم تأسيسها إبان الثمانينات

وخلص الى القول: المشكلة قائمة حتى هذا اليوم، فغير ألـ 32 بيتا المتضررة هناك تصدعات تظهر في بيوت جديدة في الحارة، وأصبح السكان يعانون في غياب تدخل السلطات من المتطلبات الجديدة في الحارة عند بناء بيت جديد. وقد وجد الكثير من الناس عند حفر الغروز "الأساسات" مياه على مسافات بسيطة في تلك الحارة، كون التربة كرتونية ولا تسمح بتغلغل المياه في الأرض، الأمر الذي يعقد الأمور عند بناء البيوت الجديدة في الحارة المذكورة. فأصبح سكان الحارة يشعرون بأنهم غرروا من قبل السلطات بترحيلهم لهذه المنطقة من أرضهم التي يملكونها غارب عن غارب، فهم يشعرون بأنهم من السعة الى الضيق، والى معسكر تركيز ليس إلا.

وما زال الشيخ صالح ابو جامع يبني بيتا جديد مكان البيت القديم بمواصفات جديدة، وبمراقبة مهندس مختص، وسط تكاليف بناء باهضة.

يشار الى أننا حاولنا أخذ تعقيب مجلس عرعرة النقب الا أنه تعذر ذلك وسنقوم بنشره حال توفره.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]