هزت البلاد في الآونة الأخيرة قضية، هي من أصعب القضايا وأعقدها، ومن أصعب مظاهر العنف المستفحل والمنتشر في المجتمع ككل في البلاد.

ففي خلال اقل من شهر سجلت البلاد ما 13 جريمة قتل، معظمها مع سبق الإصرار والترصد، وهkاك مخططون، وهناك منفذون، وطبعا هذا ما يعرف بالجريمة المنظمة.

ومن بين هذه الحالات، طالت عددا من الضحايا العرب، في المكر( ضحيتان)، وفي باقة( ضحية)، وفي جلجولية( ضحية)، وفي اشكلون( ضحية)، وفي بقعاثا( ضحية واحدة)، واخيراً وقعت ضحية جديدة هي السابعة، تعود لشاب من الطيرة.

ومن أصعب القضايا التي تواجه الشعوب والمجتمعات، هي قضية استشراء الجريمة المنظمة، لأن هناك من يعمل من وراء الجريمة المنظمة وفق نظم وقيم خاصة بهم، ليس هذا فحسب، بل يستميتون للدفاع عن هذه القوانين والقيم.

وللوقوف على حيثيات هذه الظاهرة الجد خطيرة، والمقلقة لكل نظم الحياة، والمقلقة لكل شرائح المجتمع، والمقلقة للحكم والمحكوم، التقى مراسل موقع" بكرا"، خالد بشير، الدكتور المحامي صالح نجيدات المختص بعلم الجريمة.

انتشار المخدرات والمشروبات الكحولية

قال نجيدات:" العنف هو كل عمل فيزيائي أو كلامي فيه إيذاء للجسد أو النفس ومخالف لقانون العقوبات، وعن أهم الأسباب التي تؤدي إلى الجريمة بأنواعها وخاصة القتل، قال نجيدات، ضعف الوازع الديني والأخلاقي والعادات الحميدة الموروثة وخصوصا عند مرتكبي جرائم القتل، وكذلك ضعف سلطة الأب وضعف الضوابط الاجتماعية بغياب تأثير الحمولة، انتشار المخدرات والمشروبات الكحولية بين الشباب بشكل كبير ومقلق، وهذا يؤدي بالطبيعة الحال إلى العنف والجريمة.

وأضاف نجيدات:" هناك ما يسمى بثقافة الصورة، التي تبثها الفضائيات وبعض المواقع الإلكترونية التي هي مشحونة بالعنف والرذيلة، ضعف مكانة المعلم والمدرسة في المجتمع، المعلم والمدرسة يلعبان دورا مهما جدا في تربية الأجيال، لكن اليوم نرى تحولا كبيرا في دور المعلم والمدرسة، فالمعلم أصبح يعلم ولا يربي، وهذا له دوره المهم في تربية الأجيال وتأثيره المباشر على بلورة شخصية الطالب وتصرفاته وبغياب التربية هناك انفلات وابتعاد عن القيم".

عوامل اليأس والتوتر

وأكد نجيدات، أن العامل السياسي يلعب دورا رئيسا في تفاقم جريمة القتل في البلاد، فالصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، الحرب في العراق والصومال وفي العالم بشكل عام، هذه الصراعات بما فيها من عنف وقتل تتصدر نشرات الأخبار وهذا يؤثر على نفسية الكثير من شرائح المجتمع وخاصة الشباب.

وقال نجديدات، الظروف الاقتصادية الخانقة تؤدي إلى الانحراف والسرقة والصراع على لقمة العيش ومن ثم إلى الجريمة.

نجيدات: عدم تفعيل قوانين العقوبات بشكل رادع وحازم

وعزا نجيدات، تفاقم الجريمة في البلاد إلى العوامل الاجتماعية التي يعيشها المواطن، مثل البطالة المتفشية والفراغ الكبير لدى شريحة الشباب الذين هم محور الجريمة، وهذه الظروف تؤدي إلى اليأس والتوتر الأمر الذي يؤدي بالنهاية إلى تفاقم العنف بغياب البرامج والخطط والعمل لإشغال شريحة الشباب.

قال نجيدات، هناك عدة خطوات ووسائل للحد من ظاهرة الجريمة، منها، التربية الصحيحة وتهذيب النفس في البيت والمدرسة والمجتمع، لا بد من التوعية والمحاضرات والبرامج الهادفة، تفعيل قانون العقوبات بشكل رادع، تفعيل دور الأهل والمدرسة والمجتمع بشكل حازم وصارم لمنع الجريمة، ومنح تلك الجهات الكثير من الصلاحيات التنفيذية والحماية القانونية لاستغلال هذه الصلاحيات بدون تردد أو خوف.

ابو يونس: الاحتلال من أهم عوامل تفشي الجريمة

فتحي أبو يونس عامل اجتماعي، قال، عندما نتحدث عن العنف نحن نتحدث عن صفة ونتحدث عن تصرف، فالعنف هو ليس موروثا بل هو صفة مكتسبة، يكتسبها الإنسان نتيجة الظروف الاقتصادية والاجتماعية الشخصية والسياسية التي يعيشها.

الوضع السياسي في العالم يؤدي إلى ترخيص، بمعنى أنه لا قيمة لحياة الإنسان في العالم، الحروب التي يقترفها كبار الدول في العالم التي تحصد أرواح عشرات الآلاف الأشخاص من المدنيين، استبداد الشعوب واحتلال الشعوب بعضها البعض، شعب يحتل شعب لا يمكن أن يكون حرا.

فالشعب الذي يحتل شعبا آخرا يتولد بداخله العنف، عندما يذهب الشاب إلى الضفة ويقوم بالقتل، فيقتل الشاب والطفل والشيخ والصغير والكبير، فعندما يعود إلى إسرائيل، يعود وهو محمل بأبشع صور الجرائم التي ارتكبها، لا يفرق بين الشيخ الإسرائيلي والشيخ الفلسطيني، ولا يفرق بين الطفل الإسرائيلي والطفل الفلسطيني، فالمجتمع الإسرائيلي يقطف اليوم ثمار السياسة والعسكرة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وفي الآونة الأخيرة وقعت ثلاثة عشر حالات قتل، فعندما نتحدث عن القتل، القتل هو تجلي العنف، وهو كارثة العنف.

الوزارات لا تستثمر الكثير للحد من ظاهرة الجريمة 

واضاف أبو يونس:" وزارة الرفاه الاجتماعي والتربية والتعليم لا يستثمرون الكثير في طمس وعلاج ظاهرة العنف لا في المدارس ولا في المجتمع، ولم يكن هناك استثمار كاف وجدي، ولم تجند الكثير ولم تستثمر الكثير من الموارد البشرية والمادية لصالح محاربة ظواهر العنف المتفشية في المدارس والمجتمع، فوزارة التربية تكتفي للحديث عن ظواهر العنف للحد منها بحصة دراسية بين الفترة والأخرى، ولم تكن هناك مشاريع وبرامج جدية تعمم على المدارس خلال السنة الدراسية".

وتابع:" وزارة الرفاه الاجتماعي، كذلك استثمارها ضئيل، فالمجتمع بحاجة إلى كم هائل من المختصين بكل المجالات، وبحاجة إلى برامج على مدار السنة، برامج توعية وتثقيف، مراكز تأهيل، ويبقى السؤال، كيف ننظر إلى حياة الإنسان في هذا الزمان".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]