الكاميرا الوحيدة التي شقت طريقها عبر الجدران المهترئة من هواء البحر والملح كانت قبل عدة اشهر"هذا ما قاله احمد وهو من سكان مدينة يافا ويعمل منذ اكثر من 15 عاما كصياد في بحر يافا.

تلك المدينة التي غني لها :"اذكر يوما كنت في يافا ..." وهو ليس بيوم واحد انها ايام وسنوات، ايام السكن في يافا والتي لا يمكن نسيانها".

الصياد احمد يشتاق الى يافا يوميا وهو الذي يتواجد فيها يوميا، ولا يترك بحرها الذي تتلامس ريحه التي جاءت في الليل مع وجنات سكانها ومع وجنات وتجاعيد كل صياد من هذه المدينة البحرية التي مازالت تبحث عن اهلها وهم عنها .

وأحمد عندما يتحدث عن الكاميرا هو يقصد كاميرات الصحافة ووسائل الاعلام التي شقت طريقها عن دون عادة وبدون أي موعد، انها كانت مجرد زيارة عابرة لمحاولة ربما لا تكون عابرة الا انها منسية في الايام الاخيرة من اجل التواصل مع غزة من خلال محاولة الابحار بالمساعدات على متن سفينة تحمل المساعدات قبل عدة اشهر .

"ولكننا عدنا..." كما تقول الاغنية الا ان الحال هو ليس عدنا بل حاولنا ان نخرج، ان نبحر لكي نعود، حاولنا ان نعود الى غزة من درب الانطلاق من يافا فقد حظيت في حينه يافا بهذا الشرف بأن تبحر وتنطلق سفينة المساعدات والعون للشعب الفلسطيني القابع تحت الاحتلال من هذه المدينة التاريخية ....الا ان البحر الهائج منع ابحار هذه السفينة فالبحر نادى الا ان الاستجابة كانت مدللة ومقيدة وتم منعها من قبل السلطات الاسرائيلية، وقامت في حينه بمصادرة السفينة وما عليها وبتوقيف صاحبي السفينة.

المدينة السوداء!

عدة اشهر على هذه المحاولة ومازالت مدينة يافا سوداء كسواد دخان الاليات والمجنزرات الحربية التي اجتاحت غزة وداست كل بقعة من بقاعها الطاهرة فيافا سوداء ...لأنها يتيمة فاذا سئل أي من المسؤولين واصحاب الجاهات والقرارات في تلك المحاولة، اين هم اليوم من يافا واين هم من غزة ؟ (للتوضيح كان هناك وعود بمحاولة اخرى من اجل تمرير ونقل المحاولات ولو عن طريق الجو) الا ان المحاولات والتطبيق على ارض الواقع في ارض اخرى بعيدة قاحلة ويتيمة .

يافا حظيت بهذا الشرف الا انها بقيت وحيدة ما ان فشلت المحاولة ومازالت، كذلك فاللون الاسود يطغى على كل شيء في هذه المدينة والحديث هنا يدور عن الاحياء العربية فيها.

والصورة هنا هي صورة الميناء الذي ما زال ينتظر زيارة اعضاء الكنيست العرب اليه من جديد بعد قطيعة، ففي تلك الزيارة كانت غابة من الكاميرات، ومن سيارات البث، الا ان هذه الكاميرات وسيارات البث انصرفت من هناك، منذ عدة اشهر ولم تعد الا ان عدسة موقع بكرا عادت وستعود الى هناك لتنقل حالة اولية لما يحصل في ميناء هذه المدينة من حيث الاجحاف والاهمال الحاصل في حقهم منذ زمن طويل .

وللتذكير فقط : فإن احمد من بداية التقرير... مازال ينتظر عودة اعضاء الكنيست العرب والمسؤولين من اجل تفقد حالهم واوضاعهم فالحال كما يقوا احمد من المحال ...!!!وفقط من اجل التنويه فاننا ننشر في هذا التقرير عددا من الصور والتي يظهر من خلالها اعضاء الكنيست العرب في تلك الزيارة المذكورة اعلاه .فقط من اجل المراجعة!

"نحن هنا للزينة والصورة الجميلة فقط"

وفي السياق ذاته فإن ميناء يافا لا يظهر هذا الحزن ولا يريد ان يتحدث عنه، الا ان أشرعة السفن وماكناتها وياطر السفن هو الذي كان قد ارسى هذا الحديث وعلى قول احمد:"نحن هنا للزينة والصورة جميلة فقط ويمكن ان يلتقطها كل سائح او عدسة كل مصور صحفي وهذا هو حالنا نحن ".

90 صياداً!

وبالفعل في بحر يافا لا يوجد اسماك خاصة ان 90 صيادا يبحرون كل يوم مفعمين بروح ايجابية ومع نوع من الحالة المرحة الا ان العودة الى الميناء تكون بدون الاول والثاني، وعن هذا الموضوع تابع احمد :"في بعض الاحيان ننجح بجمع عشرات الشواقل وفي احيان اخرى لا نجمع ولا حتى شيكلا واحدا " 

فالضائقة هي ضائقة على الجميع كما يقول احمد".

اعمال ترميم في الميناء

قبل ما يقارب السنة انطلقت اعمال الترميم في ميناء يافا القديم حيث ان الصيادين الذين سيطروا على المكان دون أي منازع تلقوا مؤخرا ادارة جديدة تفرض عليهم الدفوعات السنوية من مخازن جديدة ووعود بمستقبل ابيض.

الا ان هذا الوضع اثار احمد واكثر من 90 صيادا خاصة أن التطوير والترميم لم يطل الصيادين بحيث يفتقد هؤلاء الى عدد من الامور الاساسية ومنها الرافعات ومحطة للوقود .

وعلى الرغم من كل ما حصل فإن الصيادين مازالوا بانتظار زيارة المسؤولين في البلدية وكذلك زيارة من قبل اعضاء الكنيست العرب الذي زاروا وغابوا...!!!

ميناء يافا ينتظر العودة، وانها ليست عودة يتيمة كما يدعي احمد، فهي عودة شائكة المعاني منها ما هو ملح ومنها ما هوأكثر الحاحاً، أما الأكثر إلحاحا بالنسبة للصيادين عودة افواج الاسماك الى بحر يافا عل السمك يعيد من ترك وتُرك، فمدينة يافا وبالذات الميناء ينتظرون بشغف من هو تارك ومن هو مطرود ومن هو نازح.
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]