لماذا يغيب الاكاديميون عن مشهد الحراك الاجتماعي؟ بل اذا حضروا يحضرون كزعماء عائلات في الانتخابات المحلية، أي من باب تكريس التخلف الاجتماعي، عوضا عن دفع عجلة التغيير. من المسؤول عن تغييب هذه الطبقة اذا جاز التعبير، عن ممارسة الدور الذي يفترض ان تمارسه في الوضع الطبيعي؟ هل هي مستنكفة ام محيدة عن ساحة الفعل السياسي والاجتماعي .

د. يوسف جبارين مدير مركز دراسات –المركز العربي للحقوق والدراسات واستاذ الحقوق في جامعة حيفا وكلية تل حاي ، يقول ان هناك حلقة مفقودة –الاكاديميون غير متداخلين في الحياة العامة، علما ان مواضيع ابحاثهم العلمية تدور حول الجماهير العربية في اسرائيل . الاشكالية ان السياسيين لا يتواصلون مع الاكاديميين ومن ناحية ثانية اسهل للاكاديمي ان يبقى في برجه العاجي.

حول هذا الموضوع ومواضيع اخرى تشغل بال مجتمعنا التقينا د.يوسف جبارين وساءلناه عن دور مركز "دراسات" في توظيف دور الاكاديميين في خدمة قضايا مجتمعنا ؟

د. جبارين : دراسات هي محاولة للملمة مجموعة من الاكاديميين من الوان مختلفة ،وهذا ما هو حاصل فعلا،وبعد ثلاث سنوات استطيع القول ان عددا اكبر من الاكاديميين يتقربون من العمل العمل الاهلي والعمل المجتمعي مثل ابحاث بروفيسور محمد حاج يحيى في مجال العنف وغيرها .
جزء من دورنا هو ان نشكل حلقة بين الاكاديمي في الجامعة والاستفادة من خبرته لمواجهة ظواهر مجتمعية .نحن بحاجة للاكاديميين لمواجهة ظواهر مجتمعية ولوضع تصورات لرسم العلاقة بيننا وبين الدولة .

بكرا : كيف تطبقون ذلك عمليا في دراسات وماهي القضايا التي تبحثون فيها ؟

د. جبارين: نحن نعرف ان امكانيات التغيير في السياسات الاسرائيلية تجاهنا محدودة ولذلك نعمل على قضايا عينية مثل قضية البسيخومتري ،قضية الارنونا ونتابعها بشكل متواصل فالتجربة اثبتت اننا بحاجة لبناء استراتيجيات حول كيفية وماهية اليات التغيير طالما اننا متفقون على التغيير .

بكرا : دعنا نستفيد من مجال تخصصك الحقوقي في فهم التطورات الاخيرة في مجال الاعتداء على الحقوق والتي توجت مؤخرا في تشكيل لجنة تحقيق برلمانية مع مؤسسات حقوق الانسان؟

د. جبارين: تحليلي للتطورات السياسية في اسرائيل يعيدنا الى فترة حكومة رابين التي شكلت فيها الاحزاب العربية جسما مانعا .
كانت فترة نادرة بالرغم من تاثيرنا المحدود على السياسة الاسرائيلية في حينه ،رافقها تطور في المفاوضات مع الفلسطينيين وتغيير ايجابي في السياسات تجاه الجماهير العربية تزامن مع تطور دستوري باتجاه اكثر لبرالية توج بقوانين اساس حرية الانسان وكرامته وقانون اساس حرية العمل .

بكرا : ولكنها كانت فترة قصيرة ومحدودة جدا ؟

اليمين رأى هذا المشهد وبدأ يضع خطة مواجهة ترجمت لاحقا وما زالت بمحاولات نزع الشرعية عن المشاركة السياسية للفلسطينيين في اسرائيل ،لقد رأى اليمين الخيط الرابط بين تأثير الصوت العربي وتطور المفاوضات مع الفلسطينيين وعمل ونجح الى حد بعيد في نزع الشرعية عن الصوت العربي فقد صعد نتنياهو الى الحكم عام 96 تحت شعار نتنياهو جيد لليهود وعندما عاد حزب العمل للسلطة بزعامة براك عام 99 لم يكلف خاطره حتى عناء دعوة الاحزاب العربية للمشاورات الائتلافية. 

بكرا : براك سار على درب نتنياهو وليس على درب رابين كما يقولون ؟

كان واضحا ان براك انسان يميني وقد ترجم ذلك بالرد الدموي على فشل مفاوضات كامب ديفيد الذي اشعل انتفاضة الاقصى وبتحالفه مع شارون، حيث كانت فترة حكمه متجاتسة مع سلفه –نتنياهو وخلفه –شارون وتحت وطأة تصاعد وتيرة المد اليميني نمت اللبرمانية بما حملته من افكار عنصرية اكثر فظاظة وعداء للعرب .

بكرا : اللبرمانية نشأت تحت مظلة اليمين وفي ظل قصور اليسار؟

د. جبارين : نعم سكوت اليسار ورجال القضاء والقانون من حقوقيين وقضاة محكمة عليا ومحاضري جامعات مكن افكار ليبرمان العنصرية من التسلل الى الاجماع الاسرائيلي واعطاها الشرعية، فهؤلاء كما نعرف هم الذين نزعوا الشرعية عن الكهانية وحولوها الى شتيمة في الشارع الاسرائيلي وفي ذات الوقت سكتوا عن افكار لبرمان الاكثر خطورة وبذلك مكنوها من تصدر الاجماع الاسرائيلي وذلك بانجرارهم وراء الاجواء السائدة .

بكرا : الذين سكتوا عن قانون الولاء ،النكبة ،السكن وغيرها هبوا عندما وصلتهم النار كما يقولو ن باقتراح تشكيل لجنة تحقيق برلمانية لملاحقة مصادر تمويل مؤسسات حقوق الانسان ؟

د. جبارين : نجاح اليمين بنزع الشرعية عن العرب جعل كل مايستدفهم مشروعا واليسار تواطأ بالسكوت على هذه التشريعات الى ان وصلته النار كما قلت .

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]