تم مساء يوم أمس الخميس تنظيم فعالية "نقاشات الدائرة المستديرة"، وذلك بمبادرة مشتركة لمجلس كفر قرع المجلس وقسم الثقافة والتربية اللا منهجية، ومجلة دي- ماركر وصندوق إبراهيم، إذ تندرج الدوائر المستديرة الأربعة في كفر قرع ضمن برنامج أل 2021 دائرة نقاش مستديرة التي انطلقت في كل المدن والقرى العربية والغير عربية مساء الخميس وفي جميع أنحاء البلاد، وذلك في مناح اجتماعية مختلفة ومواضيع إنسانية، مجتمعية، اقتصادية، قضائية، أدبية وثقافية عدة.

كفر قرع وبظل الأحداث المُؤسفة والعنيفة الأخيرة وحوادث إطلاق النار في الأسبوع المنصرم ومحاولات أطراف إجرامية لتمزيق مناخ الأخوة والألفة في كفر قرع، ومن منطلق المسئولية الملقاة على المجلس المحلي ارتأت الجهات المنظمة أن يكون موضوع العنف والرغبة الفعلية في اجتثاثه هي الروح المتحركة بين الدوائر الأربعة لفكرة دوائر النقاش المستديرة في المركز الجماهيري الحوارنة في كفر قرع.

كان في استقبال المشاركين في الورشات والدوائر المستديرة الأربعة، المحامي نزيه سليمان مصاروة، رئيس المجلس المحلي في كفر قرع، والسيدة مها زحالقة مصالحة، مديرة قسم الثقافة والتربية اللا منهجية والسيد باسم كناعنة، مدير مشاريع في صندوق إبراهيم، وشارك في الدوائر الأربعة شخصيات قضائية، إدارية، أطباء، رجال تربية وتعليم، محامون، شباب، طلاب مدارس ولفيف من السادة المعنيين في تحسين الوضع والقضاء على آفة العنف المستشرية.

انطلقت الأمسية من خلال عرض فيلم التسامح، وهو من إنتاج الحركة الإسلامية في كفر قرع، والفيلم يتطرق إنسانياً إلى عواقب ظاهرة إطلاق الرصاص والقتل، ويعالج الموضوع من المنظور الديني بطريقة إنسانية مؤثرة. ومن ثم حيى رئيس المجلس المحلي جمهور الحضور داعيا إياهم للانضمام كل إلى الحلقة التي تعني ميوله.

تميزت الورشات بالحضور النوعي الراغب بصدق بتغيير الوضع الحالي والمنظر العنيف الذي يحاول السيطرة على خُضرة ربيع كفر قرع الإنساني، جاهدين كل في ورشته لتحسين الوضع ووضع الإصبع على محك نقاط تدهور الوضع الاجتماعي والتفكك الأسري والبلدي الذي ربما يؤدي إلى ازدياد عدد حالات العنف في القرية، وهو السبب الرئيس في تدهور الوضع إلى ما إلنا إليه اليوم من عدم الاستقرار وعدم الإحساس بالأمان.

وقد تمحورت الدوائر المستديرة الأربعة في مواضيع واتجاهات فكرية مختلقة لتحديد النقاط والأسباب للوضع الاجتماعي الحالي المسبب للعنف وإطلاق الرصاص، إذ توزع المشاركون بين أربعة دوائر، كانت الأولى بينها الدائرة المستديرة تحت عنوان "قضايا الشبيبة..واقع رؤيا وتطلعات"، بتوجيه المحامي نزيه سليمان رئيس المجلس المحلي، رئيس مجلس كفر قرع المحلي، وقد برز بين المشاركين في هذه الدائرة، تمثيل من الحراك الشبابي القرعاوي وتمثيل من طلاب المدارس الابتدائية والدكتور احمد كبها والسيد عبد الهادي أبو عطا، الذين وصلوا للتباحث مع رئيس المجلس المحلي في قضايا الشبيبة، ووضع الإصبع على نقاط أسباب الوضع الحالي لحالات العنف، وقد استمع الحضور إلى اقتراحات عينية وفعلية لتحسين الوضع والإجابة على مطالب الشبيبة. كما واتفق على عقد جلسة قريبة يشارك بها مندوبون عن لجان أولياء الأمور ومجالس الطلاب ومستشاري المدارس، بالإضافة للسادة المشاركين الحاليين، من اجل وضع خطة فعلية للنهوض بطلبات الشبيبة القرعاوية.

*موضوع "الأجواء الأسرية الآمنة"، كان الموضوع الرئيسي للنقاش الحر والصادق والبناء الذي وجهته الأخصائية الاجتماعية، السيدة سميرة غاوي، وهي مديرة مركز الوفاق الأسري في قسم الرفاه الاجتماعي في مجلس كفر قرع المحلي، إذ تميزت الحلقة بحضور نسائي متميز بالآراء وتحديد أسباب التفكك الأسري والفتور القاتل في العلاقات بين الآباء والأبناء. كما وتطرقت السيدة غاوي وبشكل مهني وملفت للإصغاء إلى ظاهرة الايفون وآفة الايفون كما أسمتها، في تعزيز البعد الاجتماعي بين أبناء البيت الواحد، وصداقة الجهاز بدل الأهل. وقد برز بين المشاركات الأخصائية الاجتماعية جمالات مدلج، عضوة المجلس النسائي ليلى غاوي، السيدة آمنة أبو عطا والسيد رجاء أبو فنة. كما وتطرقت المشاركات إلى ظاهرة فقدان الحوار وعدم التواصل والحوار البناء داخل الأسرة، بين الأب والأم والأبناء، والمشاركة الفعالة داخل الأسرة، وانعكاسها على الأجواء الأسرية الآمنة في نطاق ضيق، وبالتالي على المجتمع، في خلق عنف كلامي سرعان ما يتطور إلى عنف جسدي.

في القاعة الرئيسية في المركز الجماهيري الحوارنة، شارك حضور نوعي من المشاركين في نقاشات دينية علمانية مميزة سعيا وراء تحديد الأسباب التي أدت إلى تدهور المجتمع المسلم المسالم، إلى مجتمع عنيف، وذلك تحت عنوان "الأمن في الإيمان"، إذ أبدع السيخ سامي مصري ، رئيس الحركة الإسلامية في كفر قرع وكعادته في الاستدلال بالآيات القرآنية الحكيمة والسيرة النبوية العطرة لتعزيز الفكرة أن انعدام الإيمان في قلوب بعض البشر في القرية، يؤدي إلى تضعضع الأمن، إذ أوضح العلاقة الجدلية بين الأمن والإيمان، وقد شهدت المجموعة نقاشاً شيقاً، تحرك بين العلمانية والتدين بشكل ايجابي مبني على النقاش الحر والبناء. برز بين الحضور رئيس قسم الرفاه الاجتماعي السيد عصام مصاروة، السيد اوس مدلج عضو المجلس المحلي، المحامي محمد يحيى، السيد عبد الرؤوف أبو فنة وعدد من الحضور.

أما في الغرفة الرابعة، فقد أدار نقاش الدائرة المستديرة العامل الاجتماعي والمختص بموضوع العنف والإجرام، السيد سامر عثامنة، وذلك تحت عنوان "العنف في الشارع القرعاوي... إلى أين والى متى؟!"، وقد شارك في هذه الحلقة المثيرة للجدل والمهمة في ذات الآن تمثيل من الحراك الشبابي ورجالات الفكر والقانون والعلم والمهتمين بإجتثاث ظاهرة العنف في كفر قرع، وقد حاول المشاركون وضع إصبع الاتهام على المؤسسات المقصرة والجهات التي لا تقوم بواجبها كما يجب، حتى يؤول الوضع الاجتماعي إلى ما هو عليه الآن من تفحيط وإزعاج وإطلاق رصاص، وتمزيق الجو الأسري القرعاوي الدافئ. وقد أبدع السيد سامر عثامنة بالياته المهنية في تحريك محور النقاش البناء داخل المجموعة بشكل ناجع وهادف نحو توصيات خرجت كورقة عمل تلخيصية للقاء.ل وقد برز بين المشاركين المحامي عبد القادر أبو فنة، السيد محمود زحالقة، تمثيل عن الحراك الشبابي الفعال، الدكتور جبر مصالحة وغيرهم من الحضور.

وفي حديث لمراسلنا مع المحامي نزيه سليمان مصاروة، رئيس مجلس كفر قرع المحلي، فقد لخص لنا لقاء "من محادثة وحوار إلى تأثير نحو القرار"، نقاشات الدائرة المستديرة، على انه كان ناجعا وعينيا، وأكد على استمرار الحلقات المستقبلية، على الأقل في الدائرة المستديرة التي تولى إدارتها، مشيرا إلى أهمية العمل المكثف والمشبك من كل الجهات المسؤولة في هذا النطاق لخلق ثقافة الحوار والاستماع إلى الغير، وهذا أمر جديد وغير معهود على الجمهور العربي ككل، وفي هذه الأمسية على الجمهور القرعاوي. وفي سؤال لنا له حول تقييمه للتجربة الأولى في كفر قرع لموضوع الدائرة المستديرة، فقد عبر عن رضاه الفائق بنجاح الفكرة، مؤكدا تكرارها كتدعيم لخلق ثقافة الحوار والنقاش الحر والبناء. وقد أكد السد مصاروة على نيته تفعيل وتنشيط كل السبل الممكنة لتكثيف العمل المضاد لكل ظواهر العنف والتصدي الفعلي لها بالفكرة والعمل.

من جهتها، شكرت السيدة مها زحالقة مصالحة، مديرة قسم الثقافة والتربية اللا منهجية الجمهور النوعي المشارك، وأكدت بدورها على ضرورة الاستمرار بتنظيم حلقات نقاش الدوائر المستديرة في المستقبل القريب، من اجل تنجيع الهدف المرجو من هذه اللقاءات، مؤكدة أن لقاءات اليوم بُوبت تحت عنوان "كفر قرع تتكلم.... كفى للعنف الأسري...كفى للعنف بين أروقة البيوت....كفى لانتهاك حرمات البيوت وقدسيتها.......كفى وكفى........ أنت وببوصلتك تنير لنا... ونحن نتبع الطريق.. واياك ومعك نبني الطريق"، واستطردت زحالقة مصالحة بالقول :"لطالما استقبلنا رواد الثقافة والأدب والنقد في فعاليات كانوا بها هم المتلقي وكان المسرح والفن هو المُتحدث!! وهذا المساء وبشكل مغاير ومنهجي، نحن المتلقي والمواطن، والمواطنة هم من يناقش، يلوم، يعاتب، ويضع الإصبع على الألم ويصرخ "هذه بلدي الحبيبة كفر قرع، لن اسمح بتمزيق نسيج الألفة الاجتماعي فيها، كل ذلك بغية الوصول إلى ورقات توصيات عينية نخرج بها الى حقل التنفيذ المدروس لأجل تغيير الوضع".

كما ووجهت مديرة قسم الثقافة والتربية اللا منهجية شكرها العميق لرئيس المجلس المحلي السيد نزيه مصاروة على دعمه لمشروع الدائرة المستديرة، ووجهت شكرها أيضا للجهات المنظمة في مجلة دي ماركر وصندوق ابراهيم ، متمثلا بابن كفر قرع باسم كناعنة صاحب المبادرة لإشراك كفر قرع في هذا المشروع الضخم، كما وأكدت أن قسم الثقافة يحضر في الأيام القريبة أجندة اكاديمية للقاء نقاشات مشابه في موضوع الجندر والعلاقات الأسرية وخروج المرأة لسوق العمل، الزواج المبكر وأمور أخرى في عالم الجندر الواسع والمثير للجدل، إذ أن لقاء هذا المساء هو بمثابة انطلاقة فكرة نقاش الدائرة المستديرة، ونحن سوف نتبناها بالطريقة العملية المرجوة لتحسين الوضع في كفر قرع على حد تعبيرها.

اختتمت منظمة اللقاء تعقيبها بالقول :"إن الحديث يدور عن خلق ثقافة الحوار والإصغاء وتوجيه النقاشات مع احترام آراء الآخرين وان كانت مستفزة لأرائك، لطالما قلت أن كل النجاحات تشق طريقها في الصخر، ونحن في كفر قرع بأمس الحاجة إلى خلق ثقافة الإصغاء واحترام الآخر، وهذه هي الروح الأساسية التي ميزت النقاشات في الدوائر المستديرة الأربعة لتعزيز النسيج القرعاوي الإنساني لخضرة كفر قرع الاجتماعي.

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]