شيّع الآلاف من أبناء شعبنا الفلسطيني بطول البلاد وعرضها جثمان المرحوم جمال طربيه عن عمر ناهز ال 76 عاما من مدينة سخنين بعد أن أصيب بسكتة قلبية حادّة يوم أمس حيث تم نقله للمستشفى لتلقّي العلاج وما كان أمام الأطباء إلا الاعلان عن وفاته فجر هذا اليوم. وشارك في تششييع جثمانه عدد من قيادات الجماهير العربية من أعضاء كنيست عرب، رؤساء السلطات المحلية الحالية والسابقة، الشخصيات الوطنية والاجتماعية والناشطة بين أبناء الجماهير العربية، مركبات لجنة المتابعة وعلى رأسها محمد زيدان، رجال الدين من العرب الاسلام المسيحيين والدروز وغيرهم.

وسبق الجنازة وإقامة الشعائر الدينية على روحه حفل تأبيني تولى عرافته المربّي محمد حيادري، فيما أبن عدد من رؤساء السلطات المحليّة من بينهم الرؤساء السابقين لبلدية سخنين ومنهم مصطفى أبو ريّا، محمد بشير، محمد غنايم، بالاضافة لرئيس البلدية الحالي مازن غنايم، وايضا الرئيس الأسبق لمجلس عرابة المحلّي محمد عبري، عضو الكنيست محمد بركة، ومؤسس كلية سخنين أحمد بدارنة.

غنايم: إعلان الحداد بسخنين!

وقال مازن غنايم أن المرحوم هو أحد صنّاع يوم الارض الخالد الذي وقف أمام سياسات مصادرة الاراضي، فربط اسمه باسم يوم الارض، وبلدية سخنين لن تنس فضله وستخلد اسمه ورسمه على مؤسسات هذا البلد الطيب، ان المرحوم وإن مات فإن روحه ستبقى ترافق الأيام النضالية التي شهدتها سخنين وازدهار المدينة وتطور مؤسساتها. وأعلنت بلدية سخنين الحداد لمدة ثلاثة أيام لوفاة المرحوم جمال طربيه – رئيس مجلس سخنين في يوم الأرض الخالد عام 1976.

بركة: لم يتزحزح عن المبدأ، وهو من مؤسسي الجبهة

محمد بركة قال:الجماهير تقف اليوم بقلوب يعتصرها الألم وتثقلها الدموع، وعقل يرفض ان يصدّق لكن هذا القضاء. أبو الأدهم كان أخ أكبر وصديق مسيرة، أذكر يوم 25/3/1976 عندما حاولت السلطة الحاكمة باسرائيل عبر أعوانها ان تتخذ قرارا بإلغاء الإضراب التاريخي المفصل الاساسي بحياة الشعب الفلسطيني الباقي في وطنه، واعتقدوا يومها أنهم بأغلبة مصطنعة يستطيعون كسر إرادة الناس فوقف بمواجهتهم عدد من الرؤساء الذين أصرّوا وقبضوا على قرار الاضراب كالقابضين على جمرة وكان من بينهم طيب الذكر الرفيق القائد توفيق زيّاد الذي رحل في مثل هذا اليوم الذي رحل به المرحوم طربيه والذي كان من بين الذين وقفوا وقفة مشرّفة وتصدّوا لمحاولات الغاء الإضراب. أذكر ذلك اليوم الذي انتهى الاجتماع ليضطر المتعاونون مع السلطة الخروج من الباب الخلفي، والرؤساء ال 11 ومن بينهم المرحوم طربيه خرجوا من الباب الأمامي محمولين على الأكتاف مكللين بغار العزّةة ليصنعوا يوم الأرض، وأبو الادهم نرى بصماته بكل مفترق للدفاع عن الأراضي والمصادرة، وهذه المدينة التي قدمت ثلاثة من ابنائها شهداء أحب أبو الأدهم تسميتي بأنها درّة يوم الأرض، بوركت سخنين التي أنجبت أبا الأدهم، وبورك أبو الأدهم، أحببتك من كل قلبي وستبقى هذه المحبّة محفوظة ليوم الدين، وخاصة ان أبا الأدهم كان من الصف الأول من مؤسسي الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ونحن مدينون له لمثابرته ووقوفه على العهد والمبدأ الذي لم يتزحزح عنه قيد أنملة.

عبري: تصدّى لدق أسافين السلطة!

محمد عبري رئيس مجلس عرابة الأسبق تحدّث عن علاقته مع أبي الادهم منذ بداية سنوات ال 60 وصولا لرئاسة المجلس المحلي وخاصة يوم الارض حيث كان له موقفا متميّزا رغم ان الطرف الآخر بنى عليه بأنه موظف هستدروت ولا يقف المواقف الوطنية، لكن طربيه اختار الوقوف لجانب شعبه في يوم الارض، ووقف مع شعبه وله تاريخ وطنيّ مشرّف، وحتى انه تصدّى دق ألأسافين من قبل السلطة بإثارة الفتنة في انتخابات مجلس سخنين. أحب الناس وأحب مبدائه وقضايا وهموم شعبه ويحب الاصلاح والارض والاهل.

أبو ريّا: شرّفت سخنين بموقفك الوطني!

مصطفى ابو ريا – رئيس بلدية سخنين الأسبق: يا حضرة المعلم الرئيس القائد والأخ، كنت من أول المتعلمين وكنت ثوريا فرفضت الظلم وتمردت عليه، بدأت شابا يافعا بالعمل الشعبي وعملت بشكل مخلص لإيصال المياه والكهرباء لسخنين، كنت معلما نمّيت شخصية الطالب لتصبح رئيسا للمجلس واصبحت نموذجا للرؤساء، وفي يوم الارض كنت صادقا بموقفك ولم تتراجع بموقفك البطولي، حتّى شرّفت سخنين بوقفتك مع الاضراب، ووضعت سخنين على رأس البلدات العربية الوطنية، كنت من مؤسسي الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة خاصة في سخنين، لتساهم في صياغة سياستها حتى يومها الأخير، أخي عرفتك رئيسا ونائبا وقائما بالاعمال وسادت فيها مصلحة البلد وحملت هموم وقضاياها بكل شجاعة ومسؤولية. كما وتخلل حفل التأبين كلمات أخرى قدّمها رئيس البلدية السابق محمد بشير ورئيس كلية سخنين احمد بدارنة.

المرحوم جمال طربيه، يرحل بذكرة وفاة زيّاد

ويرحل المرحوم تاركا وراءه تاريخا مشرّفا شارك في صياغته، خاصة في يوم الأرض الخالد الذي يعتبر يوما مفصليا بحياة الجماهير العربية حيث نقلها من نفسية النكسة والنكبة والمجازر الى نفسية الكيف يلاطم المخرز، ويرحل اليوم تزامنا مع ذكرى وفاة القائد الشيوعي توفيق زيّاد الذي يحل اليوم الذكرى الثامنة عشرة لوفاته.

المرحوم جمال طربيه قاد معركة تحرير الاراضي المصادرة عام 1976 في سخنين خاصة وبين الجماهير العربية عامة حيث هبّ من منطلق مسؤوليته الوطنية ومن حرقته وألمه لمصادرة منطقة رقم 9، حتى بدأ نشاطه الى جانب زملائه في مثلث يوم الارض الخالد، فاحتضن عددا من الاجتماعات واللقاءات للتصدي لهذه السياسة في سخنين، أطلق صرخته الى جانب الرؤساء الوطنيين باجتماع شفاعمرو بتاريخ 25/3/1976 وضم صوته لزيّاد عندما قال "القرار للشعب والشعب قرّر الإضراب"، وكان المرحوم قد اعتبر أحداث يوم الأرض أنّها علمت الجماهير بالحفاظ على الأرض والوطن وتقدير الشهداء والجرحى والمعتقلين، ويقول أنهم نجحوا بإخراج كافة المعتقلين في يوم الأرض فكانت أجواء ثورية بكل معنى الكلمة، ونجحت الجماهير بتخليد يوم الأرض الخالد عندما رفضت إن تكون جنازة عادية للشهداء، وهتفوا بالروح بالدم نفديك يا شهيد، وذلك في مقابلة خاصة أجراها مراسلنا مع المرحوم بوقت سابق.

الشرطة لاحقته لفكرة بناء النصب التذكاري

بدأ طربيه بفكرة بناء النصب التذكاري وعندما شرع بناؤه في المقبرة قامت الشرطة باعتقاله وفي التحقيق قالت الشرطة له: "أنت تبني من دون ترخيص"، فكان رده باستهزاء، لا حاجة لرخصة للبناء بالمقبرة وكان المستشار القضائي أكد انه لا حاجة لرخصة في المقبرة.

المرحوم طربيه أيضا عمل في سلك التعليم قبل ترشحه لرئاسة المجلي بتلك الفترة، كما وعمل على إدخال الماء والكهرباء لسخنين في بداية سنوات ال 60، يعتبر شخصية اجتماعية سياسية كبيرة، يرحل تاركا وراءه خمسة أبناء منهم نجم نيو ستار سعيد طربيه وثلاث بنات يكمّلون دربه الوطني ويسيرون على خطاه. مراسلن يتقدّم لعائلته بأحر التعازي وخاصة للصديق العزيز والرفيق النجم سعيد طربيه داعين لوالده بالمغفرة وله ولأفراد العائلة الصبر.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]