كما يحنّ الطير لعشّه والرضيع لحليب أمّه، هكذا نحنّ ونشتاق إلى أمّنا الثّانية، الّتي احتضنتنا أعوامًا وغذّت أرواحنا ونمّت عقولنا، وحصّنتنا بسلاح العلم والثقافة منطلقين لنكمل المشوار وليأخذ كلّ منّا مكانه في مسيرة الحياة والعطاء. طال الانشغال ببناء الذّات وهموم الحياة، وطال كبت الذكريات والحنين والشّوق إلى لقاء خرّيجي عام 1960 من طلّاب قرية الجش، لتأتي المبادرة من الدكتور المفتّش ميشيل سليمان، الّذي قرّر أن يأخذ زمام الأمور، ويعمل جاهدًا على لمّ شمل أبناء صفّه الّذين افترقوا قبل 52 عامًا ليدخلوا معركة الحياة وصعابها.. المهمّة تكلّلت بالنجاح، حيث التقوا، قبل نحو أسبوعين، في مطعم "الليالي" في قرية الجش..

وأيّ لقاء كان؟! لقد كان اللقاء مليئًا بالحنين إلى أيّام المقاعد الدراسيّة، مشبعًا بذكريات الماضي الجميل، متّسمًا بدموع المحبّة والاشتياق لكلّ لحظة قضوها معًا على مقاعد الدراسة، وإلى كلّ ركن من أركان المدرسة. لقد قدم الخرّيجون من بلدات ومدن عديدة، إلّا أنّ أكثر من نصف الخرّيجين، من سكّان مدينة حيفا. هذا ووصلت رسائل من الخرّيجين المغتربين، من: الولايات المتّحدة، كندا، وفرنسا، واتّصالات هاتفيّة عدّة. وقد وصلت اللقاء، خصيصًا من الولايات المتّحدة، الخرّيجة هند فارس أيّوب.

وفي حديثنا مع المنسّق والمنظّم لهذا اللقاء المؤثّر، والّذي جمع العشرات من الخرّيجين والخرّيجات، د. ميشيل سليمان، قال: "في لقاء هو الأوّل بعد التخرّج، هذا اللقاء المؤثّر، واجه قسم منّا صعوبة في التعرّف على قسم من أبناء صفّه بدايةً، فأكثر من 52 سنة كانت كفيلة بتغيير بعض ملامحهم، ولكن بعد الانتعاش والتذّكر، كان اللقاء حميميًا وكان العناق طويلًا.. بعد 52 عامًا شرّعنا نوافذ الذاكرة وانفضنا الغبار عن قصص وأحداث أكل عليها الدهر وشرب. أسئلة وتساؤلات كثيرة تزاحمت في هذا اللقاء الاحتفاليّ، وفي أجواء مؤثّرة وقف كلّ خرّيج وخريجة ليسرد على مسامع الزملاء الخريجين موجزًا عن وضعه العلميّ والعمليّ والعائليّ، فسردوا قصصهم منذ أيّام الشّباب انتقالًا إلى مراحل الانخراط في متاعب الحياة وبناء الأسر. استعدنا سويًا الأحداث والذكريات الّتي لم تفارقنا. واللحظات الّتي قضيناها معًا. هذا اللّقاء عزّز في قلوبنا أهميّة التواصل وتوثيق العلاقات والروابط بينناأكثر وأكثر".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]