العَمَل الأكاديمي.. مؤهلات وصعوبات...

حَصَلَ دُكتُور يُوسِف جَبارين، عَلى لقبِ دِكتُوراه في القَانونِ، ويَعمَلُ مُحاضِرًا في كُلية القانون في جَامِعَة حَيفَا وفي قسم التربية في كُليةِ تل حاي، واختصاصه يدمج بين القانون والتربية – قوانين التعليم. لذلك يدمج في عمله بين الرؤية القانونية الحقوقية والحق في التعليم وتسليط الضوء على حقوق الأقلياتْ ضمن الحق في التعليم وخاصة العربية. إضافة لكَونَه، رئيسًا لمركز دراساتْ- المَركِز العَرَبي لِلحقوقِ والسِياساتْ، وهو مِركِز مُختص في أبحاثٍ تَطبيقيةٍ عَنْ قَضايا تَخُص المُجتَمَع العَرَبيّ الفَلَسطِيني في إسرائيل.
وَبِالنِسبَةِ إلىَ مُؤهلاتِ المُحاضِرِ في الجَامعَةِ قالَّ: " النِظامُ في إسرائيل، يُحتمُ على المُحاضرِ أو الشخص العامل في السلك الأكاديمي، أن يكون لديه رسالة في اللقب الثالث، ودكتوراه في مجال اختصاص المحاضر في الكُلية المتواجد فيها، وبالإضافةِ إلى اللقب الثالث، يجب أن يكون لديه مجموعة من الأبحاث المنشورة في المجلات العلمية معترف بها.

بُـكرا: ما هي التحدياتْ التي تُواجه المُحاضر العربي؟

د. يوسف: " في الحقيقةِ وجهةِ ادعائي، أنّ وضعيةَ المحاضرُ العربيُ، في الجامعاتِ الإسرائيليةِ، مثل وضعية لاعب كُرة القدم العربي في فرقِ كُرة القدم اليهودية، بما معناه- من المتبع أن يقوم لاعب كرة القدم العربي في الفرق اليهودية ببذل جُهدٍ أكبر من اللاعب اليهودي حتى يضمن مكانًا له داخل الفريق، ما يُشير إلى أن عليه أن يكون مُميزًا ومتميزًا على باقي اللاعبين وبدرجة أعلى منهم حتى يبقى معهم، وكما يبدو أن هذا حالنا في الأكاديمية الإسرائيلية إذ علينا أن نبرُز ونتَميّز حتى نضمن حضورنا ودخولنا إلى الأكاديمية الإسرائيلية.

ومن ناحية التحدياتِ أعتقد أنه من الواضح أن التحدي المركزي، هي قضية اللغة، بالنسبة لنا اللغة العبرية هي ليست لُغة الأُم- بخلاف المُحاضر اليهودي، بالإضافة إلى أن الأكاديميا تتطلب النشر باللغة الانجليزية في مجلات علمية، التي هي بالنسبة لنا لُغة ثالثة اذا ما اعتبرنا العربية الفصحة لغة ثانية بعد اللهجة المحكية وتتلوها اللغة العبرية، الأمر الذي يزيد من التحدي، وقضية التمكن من اللغاتِ قضيةٍ مُهمةٍ.

وبالنسبة لعملي محاضرًا، أقوم بتدريس المواد التي لها طابع سياسي. فبالإضافة إلى موضوع الحقوق أُدرس موضوع المكانة القومية للأقلية العربية في إسرائيل، وأتحدث عن موضوع التمييز في التعليم وغيرهم، هُناك حساسية سياسية للمواضيع التي أطرحها أمام الطُلاب، وهذا ما يُشعرني أنني في تحدٍ دائم لإيصال الرسالة للطلاب، وليس فقط تمرير المادة بشكل مهني جاف، وإنما إيصال رسالة سياسية وأيدولوجية للطلاب، بشكل يجعل لبطالب يتخرج كمحامٍ وشخص يؤمن بالمساواة والعدالة الاجتماعية، وحقوق الأقلياتْ، كما وأرى تحديات على مستوى المسألة القيمية وليس فقط في الجانب المهني، وعلى مستوى النشر الأكاديمي.

بُـكرا: هل يتقبل الطالب اليهودي كُل ما تتحدث عنه بالنسبة لحقوق الأقليات والعدالة الاجتماعية؟

د. يوسف: " بشكلٍ عام هُناك تقبل ملموس من قبل الطلاب اليهود، للطروحات، لأني أضع الإطار المهني بالأساس، الذي من خلاله أضع الرسائل السياسية التي أريد أن أُسمعها للطلاب، مثلاً " عندما أتحدث عن حقوق الأقليات في إسرائيل، فأنا أتحدث بداية عن حقوق الأقليات بشكلٍ عام في العالم، وفي القانون الدولي، وهكذا يُصبح الطلاب أكثر تفهما وحساسية لحقوق الأقليات، ومن ثم أنتقل للحديث عن العرب في إسرائيل بشكلٍ خاص، وعندها أشعر أن الطالب أصبح متفهمًا أكثر، لهذه القضايا، ولكن مما لا شك فيه، أنني في كثير من الأحيان أتواجه مع طلاب من اليمين، لا يعجبهم ما يسمعون مني، وبدأت على التعود على ردّ فعلهم. إثر ذلك، يحدث نقاش مع الطلاب، لكن باحترام متبادل، وذلك بالأساس ضمن طرح الحُجج التي هي بالأساس مهنية، والأمر المريح في قضية تعليمي لهذه المواضيع هي أننـــا على حــــــق، ( قضية العرب الفلسطينيين في إسرائيل، والعدل الاجتماعي، والمساواة).

بُـكرا: هل احتياجات الطالب العربي مُشابهة لاحتياجات الطالب اليهودي؟

د. جبارين: من الواضح لدينا أن هُنالك احتياجات خاصة بالطالب العربي، أولاً بسبب اللغة، وخاصة أثناء الامتحانات إذ يتعذر على الطالب العربي معرفة أو فهم بعض الكلمات أو المصطلحات المركزية فيه، الأمر الذي يدل على أن اللغة العبرية ما زالت تُشكل حاجزًا أمام الطالب العربي، وهذا يعود كما أشرت في بداية اللقاء، إلى أن على المؤسسات الأكاديمية تطوير برنامج متعدد الثقافات، خاص بالطلاب العرب ويُدرس باللغة العربية مصطلحات أساسية ضمن الكلية/ الجامعة التي يتعلم بها الطلاب، أو توفير الترجمة إذا لزم الامتحان.

بالإضافة إلى أن الطالب العربي يُعاني من مشكلة في القيام بالأبحاث، إذ يُعاني الكثير من الطلاب العرب في كتابة الأبحاث العلمية، التي تُكتب باللغة العبرية، وبرأيي أن هذا الضُعف جاء من المدرسة، التي لا تُعلم اللغة العبرية بشكل يُساعد الطالب في الكتابة والتعبير والتفكير في البحث عن المواد والاجابة، والتي تعتمد أكثر على التعليم التلقيني! والطالب العربي يعاني من هذا عندما يصل إلى الجامعة- وهذه حلقة ضعيفة عند طلابنا. ومن خلال مركز دراسات أقمنا دورة للطلاب الجامعيين من أجل اكتساب المهارات لكتابة البحث العلمي، وشعرنا بأهمية هذه الدورة في النقص لدى الطلاب العرب، ونأمل في المستقبل أن نطور كتابا باللغة العربية يشرح للطلاب العرب كيفية كتابة البحث العلمي ومهارة البحث العلمي.

بُــكرا: كيف يُمكن أن يتخطى الطالب العربي الصعوبات التي تواجهه خلال التعليم؟

د. يوسف: من خلال عملي مع الطلاب ألمس هذه الصعوبات، والتي قسم كبير منها نابع من التمييز الموجود ضد الطلاب العرب، قسم كبير منها ينبع من الدولة والمؤسسات التعليمية التي لا توفر بيئة تربوية جامعية تُشجع الطالب العربي على التعليم، وتقوي من مهاراته، ولكن رغم كل ذلك، أنا أدعو الطالب العربي إلى الاستثمار في التعليم، والتعب وسهر الليالي، خلال الفترة الجامعية في حياته، لأنه بالنسبة لنا التعليم هام، وأداة لتطوره على المستوى الفردي، ولكنه أداة لتطورنا المجتمعي، لذلك نحن بحاجة لكل شهادة ولكل خريج، وبحاجة أيضًا إلى تفوق، ورغم صعوبات التعليم، أشد على أيادي الطلاب العرب، في التغلب على الحواجز التي تقف أمامهم، متمنيًا لهم النجاح، في مشوارهم الأكاديمي والمهني.

 


 

أحببت الخبر ؟ شارك اصحابك
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]