في مثل هذا اليوم من عام 1188 ،كانت هزيمة الصليبيين في معركة حطين هزيمة كارثية ، حيث فقدوا فيها زهرة فرسانهم ، و قتل فيها أعداد كبيرة من جنودهم و أسر فيها أعداد كبيرة أيضاً. و أصبح بيت المقدس في متناول صلاح الدين ، و كان من بين الأسرى ملك بيت المقدس و معه مائة و خمسون من الفرسان و معهم أرناط (رينالد دوشاتيون) صاحب حصن الكرك و غيره من كبار قادة الصليبيين ، فأحسن صلاح الدين استقبالهم ، و أمر لهم بالماء المثلج ، و لم يعط أرناط (رينالد دوشاتيون) ، فلما شرب ملك بيت المقدس أعطى ما تبقى إلى أرناط (رينالد دوشاتيون) ، فغضب صلاح الدين وقال: "إن هذا الملعون لم يشرب الماء بإذني فينال أماني"، ثم كلمه وذكّره بجرائمه وقرّعه بذنوبه، ثم قام إليه فضرب عنقه، وقال: "كنت نذرت مرتين أن أقتله إن ظفرت به: إحداهما لما أراد المسير إلى مكة والمدينة، والأخرى لما نهب القافلة واستولى عليها غدرًا".فكان أن برّ صلاح الدين بيمينه و ضرب عنق أرناط .

أحببت الخبر ؟ شارك اصحابك

وبعد المعركة، سرعان ما احتلت قوات صلاح الدين وأخوه الملك العادل المدن الساحلية كلها تقريبا جنوبي طرابلس: عكا، بيروت، صيدا، يافا، قيسارية، عسقلان. وقطع اتصالات مملكة القدس اللاتينية مع أوروربا، كذلك استولى على أهم قلاع الصليبيين جنوبي طبرية، ما عدا الكرك وكراك دي مونريال. وفي النصف الثاني من سبتمبر 1187 حاصرت قوات صلاح الدين القدس، ولم يكن بمقدور حاميتها الصغيرة أن تحميها من ضغط 60 ألف رجل. فاستسلمت بعد ستة ايام، وفي 2 أكتوبر 1187 م فتحت الأبواب وخفقت راية السلطان صلاح الدين الصفراء فوق القدس. في نوفمبر 1188 م استسلمت حامية الكرك ، وفي أبريل - مايو 1189 استسلمت حامية كراك دي مونريال، وكان حصن بلفور آخر حصن يسقط، ومنذ ذلك الحين صار ما كان يعرف بمملكة القدس اللاتينية بمعظمها في يد صلاح الدين، ولم يبق للصليبيين سوى مدينتي صور وطرابلس، وبضعة استحكامات وحصن كراك دي شيفاليه(قلعة الحصن)في شرق طرطوس.

عامل صلاح الدين القدس وسكانها معاملة أرق وأخف بكثير مما عاملهم الغزاة الصليبيون ، قبل ذلك بمئة عام تقريبا حيث قتل الصليبيون انداك كل اهالي القدس من رجال و كهول ونساء واطفال و 70000 تم قتلهم في ساحة المسجد الاقصى ، فلم تقع من صلاح الدين قساوة لا معنى لها ولا تدمير ، ولكنه سمح بمغادرة القدس في غضون 40 يوما بعد دفع فدية مقدارها 10 دنانير ذهبية عن كل رجل، 5 دنانير ذهبية عن كل امرأة، ودينار واحد عن كل طفل، ولم يستطع زهاء 20 ألف فقير جمع نقود الفدية، فكان الخوف من الاستياء والغضب أجبر الفرسان الرهبان الهيكليون والاسبيتاليون الذين يملكون المال بوفرة بدفع فدية 7 آلاف فقير، وبقي 15 ألف شخص لم يستطيعو ان يفتدوا بأنفسهم فبيعوا عبيدا....مراسل بكرا استذكر مع بعض رجال الدين والقادة هذه الذكرى....

الامة تشرذمت واصابها الذل والهوان

الدكتور الشيخ احمد اسدي – محاضر في كلية سخنين قال :صلاح الدين كان رمزا وعلما من اعلام هذه الامة ،والاصل ان لا نبكي على امجاد العظماء من اسلافنا وان نرقى الى مستوى القناعة بضرورة ووجوب ايجاد عظماء من هذا العصر من اجل ان يتجرؤوا على واقع الذل والهوان من خلال سلوكهم نفس المسالك واتباع نفس النهج الذي اتبعه هؤلاء العظماء الذين غيروا وجه التاريخ كصلاح الدين ،صلاد الدين لم يكن ظاهرة او طفرة او نتاج عصا سحرية لكنه جاء بعد مرحلة تربوية جيلانية لجيل كامل ،اقتنع قناعة تامة من اجل ان تقهر عدوك عليك اولا قهر نفسك وتصلح ما بينك وبين الله لان البلاء لا ينزل الا بقدر ربنا ،لذلك حين ننظر الى المشهد في هذه الايام فالمشهد يعكس حال امة تشرذمت وانتابها الذل والهوان .

ستستيقظ الامة نحو التحرير

بدوره فقد قال النائب الشيخ مسعود غنايم:في مثل هذا اليوم ،نشعر بالفرق الكبير التي وصل اليها حال الامة في هذه المرحلة ،لكن لست يائسا ونحن نعلم ان الله قادر على تبديل الحال وتبديل هذه الاوضاع باحسن منها ،وأن الامتين العربية والاسلامية فيهما من القدرات والطاقات ما هو كفيل بتغيير هذه الاوضاع وتحرير المسجد الاقصى ودعم الشعب الفلسطيني ،عندما نستذكر التاريخ قبل صلاح الدين فان حال الامتين العربية والاسلامية لم يكن افضل بكثير من هذه المرحلة فقد كانت خلافات وفرقة ونزاعات وبعد ذلك ظهر ال زنكي وصلاح الدين من بعد ،لذلك انا متفائل واتوقع ولا اقول ان يظهر صلاح الدين جديد لكن اتوقع ان تستيقظ الامة من سباتها نحو التحرير وما ذلك على الله بكثير.


بين عبد الناصر وصلاح الدين ...هاوية سحيقة

أما الكاتب والاديب نمر نمر فقال:احد الشعراء قال:"يا امة ضحكت من جهلها الامم " ،يؤسفنا جدا ان الملوك والاباطرة العرب منجرون ومنساقون على العمى خلف الاستعمار الامريكي والاسرائيلي ،ويتسابقون قطعانا وافرادا خلف الجريمة والاعتداء على شعوبهم ،الملوك العرب في واد وشعوبهم في واد اخر ،قبل ايام كانت الذكرى 42 لوفاة خالد الذكر الزعيم عبد الناصر ،وبين ناصر وصلاح الدين هاوية سحيقة ،اليوم ننظر ونفتقر الى من يقود هذه الامة،لكن كما يقول المثل الشعبي "ان خليت بليت"،كلنا امل وثقة ان هذه الامة ستنجب من رحمها ابطالا صناديد كي يقوموا بجمع الشمل وتوحيد الكلمة ،واذا عدنا للمرحوم صلاح الدين وسيرته العطرة وبطل حطين وغيرها ،فحين مات هذا البطل لم يكن لدية بيت يسكنه وكتب التاريخ ان كل ارثه كان عبارة عن 25 درهما ،بالمقابل قادة الخليج تضع مليارات الدولارات من عائدات النفط في البنوك الاوروبية والامريكية لتستثمر ضد امتنا .

قادرون على استعادة المجد

أما الشيخ سمير عاصي امام وخطيب مسجد الجزار في عكا فقال :هو شعور ممزوج بالامل والحزن ،ففي مثل هذا اليوم نستذكر قائد وبطل الامة صلاح الدين ونشعر بالنشوة تسري في دمائنا ،لكن من جهة اخرى حين ننظر الى حال الامة والمسجد الاقصى فيصيبنا الحزن ،في هذه المرحلة امتنا في سبات ولا تستطيع النهوض على مستوى التحدي ،لكن دوام الحال من المحال ،وما تعيشه الامة هي حالة استثنائية ولا بد لها من النهوض مجددا ،ونشعر بالنهضة تظهر في الافق مع بعض العقبات التي تواجهها ،نأمل ان نجتازها لنصبح قادرين على استعادة المجد ومسح غبار الهزيمة .

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]